تغيير الجنس أو اشتهاء تغيير الجنس أو العبور الجنسى هى الحالة التى يعرف فيها الفرد نفسه على أنه ينتمى إلى الجنس المختلف عن جنسه الحيوى الأصلى، وأغلب أسباب تغيير الجنس تعود إلى عدم راحة الفرد بجنسه الحالى ورغبته بأن يصبح فردا من أفراد الجنس الآخر، أو أن الفرد يعانى من إعاقة تسبب له قلقا من جنسه الحالى، وينتشر تغيير الجنس فى العديد من دول العالم خاصة الدول الغربية فى القرن العشرين بعد الثورة الجنسية، إلا أنه لا زالت الكثير من المجتمعات تعد التغيير الجنسى ظاهرة سلبية وخاصة بتأثير كبير من القيم الدينية والثقافية للمجتمع.
انفراد توجهت بالسؤال للدكتور عبد الهادى زارع ، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، عن كيفية تعامل اللجنة مع حالات تغيير الجنس، والذى أوضح أن هذا يكون أن طريق نقابة الأطباء، حيث يتم تحويل الحالات لاستطلاع الرأى الشرعى.
وأضاف تلك الحالات تعرف بتحويل النوع و تأتينا الحالة ونطلع عليها ونحولها لمجمع البحوث الاسلامية اذا ما كانت تستحق الدراسة ويحولها المجمع للجنة الفقهية ويتم بحثها وتعرض فى الجلسة العامة للمجمع لكى يتم اتخاذ القرار .
وكشف أن اللجنة استقبلت العام الماضى ثلاثة حالات وتم دراستهم وأصدرنا تقرير بشأنهم بعد الاطلاع على التقرير الطبى والطب النفسى وبناء عليه نرسل تقريرنا للجنة الفقهية بمجمع البحوث الاسلامية أو اللجنة الفقهية بهيئة كبار العلماء ويتم ابلاغ نقابة الأطباء، حيث تندرج تلك الحالات تحت مسمى القضايا المستحدثة طبيا، ولكن فى الغالب تكون حالات نفسية.
وتابع: توصلنا إلى أن التحول الجنسى لن يفيد فى حالة لأنثى تريد أن تحول لذكر ،حيث يتم تكليف اثنين من الفقهاء بدراسة الحالة بلجنة الفتوى قبل رفعها للجنة الفقهية بمجمع البحوث الاسلامية أو هيئة كبار العلماء اذا رأينا أنها تحتاج لرفعها لتلك اللجنتين.
الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية الأسبق، تطرق فى فتوى له حول هذا الأمر والذى عرفه بأنه اضطراب الهوية الجنسية أو ما يسمى بالإنجليزية: (Gender identity disorder) ويعرف اختصارًا بـ(GID) هو تشخيص يطلقه أطباء وعلماء النفس على الأشخاص الذين يعانون من حالة من عدم الارتياح أو القلق حول نوع الجنس الذى ولدوا به، وهو يعتبر تصنيفًا نفسيًّا، يصف المشاكل المتعلقة بالتغير الجنسى وهوية التحول الجنسى والتشبه بالجنس الآخر، وهذا المرض النفسى يعنى باختصار أن يجد الإنسان المريض فى نفسه شعورًا لا إراديًّا بأنه ينتمى إلى الجنس الآخر رغم اكتمال خلقته الجسدية وسلامة أعضائه التناسلية.
والجندر (Gender): كلمة إنجليزية تنحدر من أصل لاتينى، وهى لغة: الجنس. من حيث الذكورة والأنوثة، ويستخدم لتصنيف الأسماء والضمائر والصفات.
ويُعَرِّف هذا المصطلح منظمة الصحة العالمية بأنه: الخصائص التى يحملها الرجل والمرأة كصفات اجتماعية مركبة لا علاقة لها بالاختلافات العضوية، وتعرّفه الموسوعة البريطانية بأنه: شعور الإنسان بنفسه كذكر أو كأنثى، ومن ثم فإذا قام الرجل بوظيفة الأنثى، أو قامت الأنثى بوظيفة الذكر، فإنه لن يكون هنالك ذكر أو أنثى، وإنما سيكون هنالك «نوع» أى «جندر»، وهذا يعنى أن اختلاف الرجل والمرأة البيولوجى لا علاقة له باختيار النشاط الجنسى الذى يمارسه كل منهما، وهنا دعوة صريحة للشذوذ الجنسي، ويعنى أيضًا قيام الرجل بوظائف المرأة، وقيام المرأة بوظائف الرجل؛ لأن هذه الوظائف المخصصة لكل منهما حددها المجتمع ولم يحددها طبيعة الذكورة والأنوثة كما يزعمون، وهذا يعنى أيضًا أنه هدم للأسرة التى هى نواة المجتمعات كلها ومن دونها يخرب المجتمع.
وأضاف دلت هذه النصوص الشرعية على أن الإنسان لا يملك جسده ملكا حقيقيا؛ لأنه مسئول عنه أمام الله تعالى، ومجازى على تصرفه فيه وما اقترفه من ظلم فى حق نفسه وجسده، بينما المالك الحق لا يُسأل ولا يُجازى على ما فعل فى ملكه، قال تعالى: {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ} [آل عمران: 26]، وقال تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]، وكما تدل محاسبة الإنسان على ماله -من أين اكتسبه وفيما أنفقه- على أنه لا يمتلكه ملكا حقيقيا يبيح له حرية التصرف المطلقة، فكذلك تدل محاسبته على جسده فيما أبلاه.
وعلى هذا الأساس لا يحق للإنسان التصرف فى أعضاء جسده إلا فى حدود ما بينت شريعة الإسلام إباحته بنص خاص أو بنص عام، قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ 116 فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 115،116]، فالإنسان لم يخلق عبثًا ولن يترك سدى بلا أمر ونهى وحساب، فإنه عبد مكلف فى الحياة الدنيا بمهام محددة يؤديها ويثاب أو يعاقب بناء على ما عمل، {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105].
وفيما يتعلق بالتدخل الجراحى فى أعضاء الإنسان التناسلية، فأصله المنع إلا للضرورة أو الحاجة التى تنزل منزلة الضرورة؛ لأن الشريعة الإسلامية قد حرمت الخصاء وما فى معناه لكونه تغييرا لخلق الله تعالى، قال عز وجل: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا 117 لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا 118 وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} [النساء: 117-119]، فالقرآن الكريم يوضح أن تغيير خلق الله تعالى محرم؛ لأنه امتثال لأمر الشيطان وولاء له من دون الله وخسران مبين، والخصاء ونحوه تغيير لخلق الله، ومخالفة لفطرته التى فطر الناس عليها فهو حرام، وقد جاء فى التفسير عن ابن عباس وأنس بن مالك رضى الله عنهم وأيضا عن غيرهما من السلف الصالح، أن المراد بتغيير خلق الله الوارد فى الآية الكريمة: هو الخصاء. (انظر: تفسير الإمام الطبرى، جامع البيان 9 /215- 216، ط. مؤسسة الرسالة)، لكن إذا كان فى الجراحة بتر بعض أعضاء الجسد للإبقاء على الحياة مثلا أو منافع سائر الأعضاء، فالقاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات، وأنه إذا تعارضت مفسدتان روعى أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفهما. (انظر: الأشباه والنظائر للسيوطى ص 84، 87، ط دار الكتب العلمية).
واضطراب الهوية الجنسية لبعض الأشخاص مشكلة معروفة منذ زمن قديم سابق لعصور الإسلام، لكن معناها أن تجتمع فى الشخص الواحد علامات ومؤشرات شكلية وسلوكية للذكورة والأنوثة مع تفاوت فى نسبة ذلك بين مريض وآخر، غير أن هذه المشكلة لها حالتان: فقد تكون مشكلة فعلية لا دخل لإرادة الشخص فيها؛ وقد تكون مفتعلة بإرادته، ولكل حالة من هاتين حكم وعلاج. ويسمى من ابتلى بهذا الاضطراب (خنثى) إذا كان الاضطراب جسديا شكليا فكانت له آلة تناسل الذكر والأنثى، فإذا استحكم اللبس وأشكل الأمر بحيث لم يعلم أيهما الأصل وأيهما الزائد سمى: (خنثى مشكل) وكذا إذا لم يكن له آلة أصلا.
وقد ذكر الفقهاء أن ترجيح جنس الخنثى المشكل بميوله القلبية لا يعتبر إلا فى حالتين؛ الأولى: عند العجز عن علامات ظاهرة، والثانية: إذا كان ليس له ذكر رجل ولا فرج أنثى، وفيما عدا هاتين الحالتين لا يجوز إلحاقه بأى الجنسين بناء على ميوله القلبية أو ما يمكن أن يعبر عنه اليوم بالإحساس الداخلى بأن روحه تنتمى إلى الجنس الآخر .
أما إذا كان الاضطراب اللاإرادى والمشابهة عارضة للسلوك والكلام والحركات فيسمى المبتلى مخنَّثا (بفتح النون المشددة) إذا كان ذكرا، ومُتَرَجِّلَة إذا كانت أنثى، ولا يلحق هذا المبتلى عقاب ولا لوم إلا إذا أمكنه دفع هذا الاضطراب فلم يفعل.
أما من افتعل هذا الاضطراب بأن يتشبه بالجنس الآخر فإن كان رجلا سمى مخنَّثا (بالفتح) وقيل: بل مخنِّثا (بكسر النون المشددة)، وإن كانت امرأة سميت مترجلة، وفى الحديث الشريف الذى أخرجه البخارى فى صحيحه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَعَنَ النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالمُتَرَجِّلاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ: «أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ» قَالَ: فَأَخْرَجَ النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلانًا، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلانًا. (رواه البخارى)، وفى رواية أخرى للحديث توضح أن المقصود بالمخنثين والمترجلات المتشبهون بالجنس الآخر بافتعال وتصنع واختيار، جاء فيها: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ».
فالاضطراب المفتعل انحراف سلوكى يقتضى التعزير والردع وإعادة تأهيل المنحرف، فإذا تجاوز افتعال الاضطراب والتشبه بالجنس الآخر حد السلوك إلى حد إجراء عملية جراحية من أجل التشبه بالجنس الآخر، كان هذا التصرف جريمة لا يجوز الإقدام عليها طلبا وفعلا تستحق العقوبة؛ لأنه تغيير لخلق الله وكفر لنعمته وتشويه وإضرار بالنفس غير جائز شرعا، ويقال فى هذا ما قاله العلماء عن جراحة الخصاء وما شابهها.
أما الاضطراب اللاإرادى فهو ابتلاء مرضى ينبغى علاجه ويراعى فى معالجته استقراء علامات الذكورة والأنوثة العضوية فتتحدد هوية المريض بناء على ذلك، ويجوز حينئذ إجراء العملية الجراحية وما تتطلبه من علاج بعد تحديد الهوية الجنسية لإبراز الهوية الحقيقية، وإزالة العناصر العضوية والآثار النفسية التى سببت اضطراب الهوية الجنسية للمريض؛ لأن القاعدة الشرعية أن (الضرر يزال)، ولا شك أن هذا التشابه والالتباس ضرر، فإزالته واجبة قدر الاستطاعة؛ لأن تركه مع إمكان دفعه يوقع صاحبه فى إثم التشبه بالجنس الآخر المستوجب للَّعن.
وبناء على ما سبق فإنه لا يجوز إجراء العملية الجراحية التى تسمى: تحويل الجنس أو تغييره أو تصحيحه إلا فى حالة الخنثى الذى اجتمعت فيه أعضاء جسدية تخص الذكور والإناث (كآلة التناسل مثلا)، كما يتضح أنه لا يجوز شرعا الاعتماد فى تحديد هوية (الخنثى المشكل) الجنسية على سلوكه وميوله إلا فى حالتين: الأولى: عند العجز عن التحديد بناء على العلامات المادية المذكورة، والثانية: إذا لم يكن له ذكر رجل ولا فرج أنثى، وفيما عدا هاتين الحالتين لا يجوز إلحاقه بأى الجنسين بناء على ميوله القلبية أو ما يمكن أن يعبر عنه اليوم بالإحساس الداخلى بأن روحه تنتمى إلى الجنس الآخر. هذا وإنَّ فشل أطباء الغرب ومقلديهم فى الشرق فى علاج من يسمونهم مرضى (اضطراب الهوية الجنسية) نفسيًّا لا يقتضى التسليم التام بأنه لا علاج لهم سوى العملية الجراحية ومسخ آدميتهم، فماذا لو كان فهم الإسلام والتزام شريعته وآدابه يعتبر ركنا أصيلا فى علاج المرضى الذين يريدون العلاج حقا، لا الذين يتبعون شهواتهم الشيطانية الشاذة، ويريدون الاعتراف بشرعية جريمتهم فى حق أنفسهم وفى حق الآدمية وفى حق الخالق عز وجل، ومهما أجرى المخنث من عمليات جراحية لتحويله صوريًّا إلى الجنس الآخر لم يتحول شرعًا، ولا يُعطى الحقوق المادية أو المعنوية إلا المناسبة لحقيقته قبل عمليات المسخ والتشويه التى أجراها.