حققت مصر عدداً من المكاسب، من خلال تنظيم ملتقي الشباب العربي والأفريقي، الذي استضافته مدينة أسوان الساحرة.
فبالإضافة إلي الزخم الذي شهده الملتقي، بتنوع موضوعاته وجلساته المكثفة، فإن احتضان مصر للقارة السمراء وتصدرها للدفاع عن قضاياها لم يعد مجرد بعداً استراتيجياً، لكنه أضحي واقعاً تراه شعوب القاهرة السمراء بالعين المجردة.
ولعل التوصيات التي خرجت عن الملتقي وتوجيهات الرئيس السيسي ومداخلاته، كلها تؤكد المعاني الراسخة في وجدان مصر تجاه القارة السمراء.
وذهب الملتقي لما هو أبعد من ذلك، وواجه بكل قوة اشكالية ما يعرف بـ"نظرة العرب لأفريقيا"، وهي النظرة التي سوقها الغرب وصدقها أبناء القارة، لكن كعادتها كانت مصر عاصمة للتواصل الإنساني وتحطيم الاستقطاب الذي يعاني منه العالم كله وليست المنطقتين العربية والأفريقية فقط.
ووجه الرئيس السيسى فى هذا الإطار بالاهتمام بتوظيف المنصات الإعلامية والتواصل الاجتماعى لإزالة الصورة الذهنية الخاطئة للعلاقات الأفريقية-العربية، إلى جانب العمل على تمكين الشباب والمرأة لتحويل الإرادة السياسة إلى إجراءات عملية لإعدادهم وتأهيلهم عن طريق التعليم والتدريب.
وانطلاقاً من رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى، فقد أعلن الرئيس السيسى عن أن مصر تعد ورقة بالتنسيق مع مفوضية الاتحاد الافريقى وأمانة الجامعة العربية لتطرح على القمة العربية الأفريقية القادمة تتضمن مقترحات محددة وعملية، وهي انشاء سوق عربية- أفريقية مشتركة، وإنشاء صندوق لتمويل بنية التواصل الإفريقى الطرق والسكة الحديد والكهرباء لتعزيز الاندماج القارى، وإنشاء آلية عربية إفريقية لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار .
وتضمنت التوصيات التي أعلن عنها الرئيس السيسى، قيام مجلس الوزراء وبالتنسيق مع وزارتى الخارجية والتعليم لفتح باب المشاركة للباحثين من الدول العربية والأفريقية للاستفادة من بنك المعرفة المصرى ومن خلال الآليات المناسبة لتنفيذ ذلك.
وبنك المعرفة المصري هو مبادرة وطنية من المجلس الرئاسي المتخصص للتعليم والبحث العلمي لمنح جميع المصريين حق الوصول إلى أكبر قاعدة بيانات تعليمية رقمية مجانية في العالم.
ووجه الرئيس بقيام وزارة التعليم العالى وبالتنسيق مع أكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب على تأسيس مجلس التعاون بين الجامعات العربية والأفريقية ليكون منصة فاعلة لتعزيز التعاون العلمى والثقافى بين العرب وأفريقيا.
كما تضمنت التوصيات قيام وزارة الصحة وبالتنسيق مع جميع الأجهزة والمؤسسات المعنية بالدولة على تنفيذ ما يلى، إطلاق مبادرة مصرية للقضاء على فيروس سى لمليون أفريقى، وإطلاق حملة 100 مليون صحة للضيوف المقيمين فى مصر وليس اللاجئين.
وشملت التوجيهات لإدارة منتدى شباب العالم بتشكيل فريق عمل من الشباب العربى والأفريقى تولى إعداد تصور خاص لتحقيق فرص التكامل العربى الأفريقى فى كل المجالات وتقديمه إلى الجهات المعنية بالدولة.
كما قامت إدارة منتدى شباب العالم بتشكيل فريق عمل العربى والأفريقى لوضع رؤية شبابية لآليات التعامل مع قضايا الاستقطاب الفكرى والتطرف وعرضها كمبادرة شبابية للقضاء على الإرهاب والتطرف.
كما وجه الرئيس السيسى ، بتشكيل فريق عمل من الشباب العربى والإفريقى لوضع رؤية شبابية لآليات التعامل مع قضايا الاستقطاب الفكرى والتطرف وعرضها كمبادرة شبابية للقضاء على الإرهاب والتطرف، بالإضافة لإدارة منتدى شباب العالم بالإعداد والتجهيز لملتقى مصر والسودان لتعزيز التكامل بين البلدين الشقيقين على مبدأ أخوية وادى النيل.
وكانت من ضمن أولويات الملتقي هي مناقشة التكامل الأفريقي والعربي، وخصصت مائدة مستديرة مهمة تحدث خلالها الرئيس السيسى بكل شفافية ووضوح، حيث كانت المائدة المستديرة بعنوان: "وادى النيل ممر للتكامل الأفريقى والعربى".
وتحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى، عن الطفرة التى حدثت فى وسائل الاتصال بدول العالم، وقال: "يبدو أننا لم نكن مستعدين لها فى دولنا لاسيما فى تداعياتها ونتائجها، لأن مواقع التواصل أتاحت فرصة كبيرة للتواصل غير المنضبط".
وأوضح الرئيس، أن 60% من سكان أفريقيا والمنطقة العربية، دون الأربعين عاما، وهذا الرقم الضخم تحدى كبير رغم كونه ميزة، ويجب التنبه لهذا الأمر مع الطفرة التى حدثت فى وسائل الاتصال.
وأشار الرئيس السيسي، إلى أن استهداف عناصر الدولة الوطنية من خلال وسائل الاتصال، يمثل تحديا كبيرا، ليس على المستوى الأفريقى فقط، ولكن على المستوى العربى، ونحن نرى النتائج، فيجب التنبه لتلك النتائج جيدا، لأن الاستقرار هدف قارى واستراتيجى يجب أن يحصل على مستوى كبير من التقدير والاهتمام وجهود الحكام والمسئولين والإعلاميين، لتوعية الشعوب بأن آمالهم وإمكانية تحقيقها قد تصيبهم بالإحباط ما لم ندرك عوامل الزمن والظروف التى تمر بها كل الدول.
وأشار الرئيس السيسى، إلى أن الاستقرار والأمن فرصة، يجب ألا نهدرها، وتابع: "قبل حديثنا عن التكامل العربى الأفريقى أو مشروعات عربية أفريقية، خلوا بالكم من استقرار بلاكم، لأن استقرارنا استثمارنا".
وحذر الرئيس من الصراعات السياسية، وقال إن مخاطر الصراعات السياسية فى دولنا نتيجة أشياء كثيرة، نحن مطالبين أن ننخرط فى تواصل وبرامج تستهدف شبابنا وعقولهم، ولا نترك عقولهم للآخرين يأخذوهم فى اتجاهات أخرى، وإذ كنا نتحدث عن التكامل والتعاون القريب بين المنطقة العربية، لابد أن نتجاوز كل التحديات التى تعوق هذا التعاون.
وكانت رسائل الرئيس حاسمة فيما يتعلق بضرورة تأهيل الشباب قبل الدفع هم في المناصب القيادية، موضحاً أن الهدف من إنشاء الأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب هو وصول هؤلاء الشباب إلى المناصب العليا فى الدولة.
كما كانت المرأة حاضرة وبقوة في مداخلات الرئيس، وقال إن هناك إرادة سياسية لتمكين المرأة والشباب، وقال :إذا توافرت الإرادة السياسية تتحول هذه الإرادة إلى إجراءت..أدوات وآليات الدولة تعمل من أجل ترسيخ فكرة التمكين للمرأة والشباب، محذرًا من خطورة الدفع بالشباب إلى المناصب القيادية قبل تأهيلهم ما يؤدى فى نهاية المطاف إلى الحكم على التجربة بالفشل.
ولم ينس الرئيس السيسى تكريم عدد من الشباب الرواد فى بلدانهم، ومن تركوا أثراً فى الحياة الإنسانية ، وضمت قائمة المكرمين السيدةمريم المنصور، من دولة الإمارات، وهى أول إماراتية تشارك فى جيش بلدها، وحصلت على جائرة الشيخ محمد بن راشد، كما شاركت فى مواجهة الإرهاب لتنظيم داعش، والمهندس وليد عرفة، من مصر، ويعمل مهندس معمارى، وحصل على الجائزة الأولى لأفضل 27 مسجد على مستوى العالم فى المعمارالإسلامى، كما كرم الرئيس مهند الحاج، من السعودية ، مؤسس إحدى الشركات لتقليل معدل حوادث السيارات فى المملكة .
كما ضمت قائمة المكرمين عمرو الشامى ، من مصر ، مطور وفنان رقمى، ورحمة باجور، من تنزانيا، بالإضافة لشاب أوغندى، وآخر نيجيرى، وفتاة من جنوب إفريقيا،كما كرم الرئيس، أحمد أسامة ، وهايدى عادل، حصلا على المركز الأول وذهبية العالم للخماسى الحديث 2019 ، وعبد الرحمن الأشرف من سوريا، وهايدى تقى هدير، طارق ومى الحديدى، والشاب الراحل أشرف شوقى، والذى كان عضوًا باللجنة المنظمة لمنتدى شباب العالم ، وخريج الدفعة الاولى لبرنامج تأهيل الشباب للقيادة، وتوفى فى يناير الماضى، وتسلم الجائزة نيابة عنه شقيقة أحمد شوقى.
وقدم الرئيس عبد الفتاح السيسى، التهنئة للشباب المشاركين فى ملتقى الشباب العربى والإفريقى، متمنياً لهم مزيد من النجاح، قائلا:"الحقيقة أننا هنفتقد الشباب العربى والافريقى ..اللى اسعدنا بوجوده والحوار والنقاش معهم" ، مضيفا خلال كلمته بختام ملتقى الشباب العربى والإفريقى، :"سعدنا بكم وشرفتونا واكرمتونا..اتعلمنا منكم كتير الحقيقة ..وإن شاء الله نتلقى مرة وأخرى خلال الأعوام المقبلة، مؤكدًا أن ملتقى الشباب العربى والافريقى، شهد فعاليات ايجابية والباعثة على الأمل ومشاعر الفخر والاعتزاز
وفى رسائله للشباب العربى والإفريقى، قال الرئيس السيسى :"شباب مصر والعرب وإفريقيا أوصيكم بالتمسك بأحلامكم والعزم على تحقيقها دون حيود أو انحراف عن أهدافكم السامية.. اعملوا بكل جهد من اجل مستقبلكم واجعلوا الحوار وتقبل الآخر دستوركم والإنسانية شريعتكم والعمل منهجكم، وأعقدوا النية على أن تجعلوا اوانكم أـكثر سلامًا واستقرارًا، واجعلوا معركتكم من أجل الغايات النبيلة أسمى معارككم وحافظوا عليها، ولا تحيدوا عن النسق الإنساني الحقيقى وأثمن جهودكم الحقيقية خلال الملتقى ومنحاز لتوصياتكم ".
كما وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، رسالته للشباب والضيوف، قائلًا: "بقول لكل الشباب حافظوا على بلادكم.. حافظوا على بلادكم.. حافظوا على بلادكم" ، مضيفا إن التكامل العربى هدف قابل للتحقيق كما أن اختلافاتنا هى قيمة مضافة تعزز التكامل، ولم تكن ابداً سببا للصدام والنزاع، موضحاً أن سعادته كانت بالغة بهذه النماذج الشابة الواعدة والملهمة، والساعية لصناعة الغد والمستقبل المفعم بالسلام قائلا يوماً بعد يوم يستقر فى يقينه بأن انحيازه لشباب مصر وأحلامهم وثقته المطلقة فى حماسهم ونقائهم كان انحيازاً فى محله، وراهناً صائباً، ودليلى على ذلك هو تلك المخرجات التى أفرزتها التجربة.