فى ظل التغيرات المستمرة التى تشهدها المنظومة الإعلامية فى مصر حاليا، يطرح "انفراد"، سؤالا مهما بخصوص عدد الطلاب المقيدين بكليات الإعلام على مستوى الجمهورية، إذ أن هذا العدد بلغ 4137 طالبا وطالبة بناء على آخر إحصائية لطلاب الإعلام على مستوى الجمهورية أعدتها وزارة التعليم العالى والبحث العلمى لعام 2018، وذلك بخلاف الطلاب المقيدين بأقسام الإعلام التابعة لكليات الآداب بالجامعات المختلفة، فهل يحتاج السوق الإعلامى فى مصر لمثل هذا العدد؟
قفز الرقم الخاص بطلاب كليات الإعلام على مستوى الجمهورية 230 طالبا خلال العام الماضى إذ أنه كان 3905 عام 2017، فيما كان هذا الرقم 4974 لعام 2016، مما يؤكد تراوح هذا الرقم بين الـ 4 و5 آلاف طالب بالجامعات المختلفة، فعن مناسبة هذه الأعداد لسوق العمل الإعلامى فى مصر يحدثنا خبراء الإعلام عن مستقبل الدراسات الإعلامية وما يحتاجه الخريجون لينافسوا بالسوق الإعلامى.
الدكتور محمود خليل، رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أكد أنه لا يتصور أن سوق الإعلام قادر على استيعاب العدد الحالى بكليات الإعلام على الأقل فى الفترة الحالية وسط العديد من الظواهر التى تقلل من عدد الفرص المتاحة للخريجين، قائلا: "من بين هذه الظواهر على سبيل المثال تراجع توزيع الصحف المطبوعة وتوقف بعضها الآخر عن النشر، وكذلك ظاهرة تراجع التوزيع مما يشير إلى إمكانية توقف المزيد من الصحف والمواقع الإخبارية الصحفية العاملة فى مصر".
محمود خليل: الفرص المتاحة لخريجى الإعلام أصبحت محدودة
وأضاف خليل، أن الظاهرة الثانية مرتبطة بسياسات الدمج بين العديد من المؤسسات الإعلامية، قائلا: "هناك ما يقال حول دمج بعض الصحف القومية فى إطار شركة مساهمة واحدة لعلاج الآثار الناتجة عن تراكم مديونيات هذه الصحف والأمر ينطبق على العديد من الصحف الخاصة التى تعانى أزمات مالية متوالية تهدد بوصول عدوى الدمج إليها، فكل هذه الظواهر تقول إن الفرص المتاحة لهذا الكم الكبير من خريجى كليات وأقسام الإعلام أصبحت محدودة وبالتالى لابد أن تعيد هذه الكليات والأقسام النظر فى سياسات القبول بها وخاصة على مستوى أعداد من يتم قبولهم كل عام إضافة إلى واجب الوقت والتحولات التى يشهدها سوق الإعلام وخاصة التكنولوجية".
وأشار رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن التطور المستمر فى أساليب أداء المهنة داخل مؤسسات الإعلام المختلفة يفرض على الكليات والأقسام ضرورة إعادة النظر فى لوائحها التعليمية والمقررات وأساليب التدريب التى يتم إعداد الخريج من خلالها للدخول إلى سوق العمل فالكثير من اللوائح والمقررات لم يتم تحديثها منذ عدة سنوات حدث فيها تحولات كثيرة على مستوى المهنة، مؤكدا أن المطلوب من الكليات والأقسام أن تنقل وجهة نظرها فيما يتعلق بأعداد المقبولين إلى المجلس الأعلى للجامعات لأن هناك مشكلة دائمة ما بين الكليات والمجلس فالكلية على سبيل المثال تحدد الأعداد التى يمكن استيعابها فى 400 طالب والمجلس يفاجئها بفرض أكثر من 1000 طالب يعنى أكثر من الضعف.
محمود علم الدين: نحتاج للتأنى فى افتتاح كليات إعلام جديدة
وأوضح الدكتور محمود علم الدين، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، أنه لا يوجد تناسب بين عدد الخريجين واحتياجات سوق العمل، مشيرا إلى أن عدد الخريجين من قطاع الدراسات الإعلامية أكثر من الاحتياجات المطلوبة ونوعية الخريجين بعد فترة لن تتناسب مع سوق العمل وبالتالى الدولة تحتاج لرؤية جديدة لعمل هذه الكليات من حيث كم الملتحقين ونوعية ما يقومون بدراسته والتدريب عليه، قائلا: "هذا يقتضى وجود لجنة للتخطيط مكونة من أعضاء لجان القطاع والترقيات وخبراء إعلام وعمداء الكليات؛ لدراسة الموقف فى مصر والاحتياجات المطلوبة والمهن الجديدة فى سوق الإعلام التى ستكون مطلوبة خلال العشر سنوات المقبلة وفى ضوئها يتم التحرك".
وقال "علم الدين"، إن المؤسسات الصحفية تحتاج إلى الصحفى متعدد القدرات وان يكون لديه قدرة على التعامل مع الوثائق المتعددة والواقع الافتراضى والبث المباشر وصحافة الفيديو وغيرها ودراسات فى الاتصال الثقافى والاتصال عبر الثقافات وتعمق فى الإعلام التنموى والمحلى والمجالات الجديدة والمبادرات المرتبطة بالإعلام، نحتاج للتأنى فى افتتاح كليات إعلام جديدة ولتكن كليات ليست تقليدية تربط الإعلام بتخصصات أخرى كالمعلوماتية والإنتاج الرقمى والمجتمعات المحلية والنواحى الخاصة بالمشروعات القومية والتنمية ولابد أن يكون هناك مقومات جديدة فى المحتوى تؤثر على الهدف ويكون لها علاقة بأساليب التأهيل للطالب.
ليلى عبد المجيد: لا يصح تحويل أقسام إعلام غير المؤهلة لكليات
وأشارت الدكتورة ليلى عبد المجيد، عميد كلية الأعلام بجامعة القاهرة سابقا، أن عدد الطلاب كبيرا للغاية خاصة أن سوق العمل فى الإعلام شبه مغلق لأن المؤسسات الصحفية القومية لا تعين أحدا بسبب المشاكل الاقتصادية وكذلك الصحف الخاصة التى بدأت تستغنى عن بعض المحررين وكذا مبنى الإذاعة والتليفزيون مغلق والقنوات الخاصة تستغنى عن الناس.
وقالت "عبد المجيد": "على الرغم من أن صناعة الإعلام تواجه أزمات اقتصادية إلا أننى من أنصار الرأى القائل بضرورة أن يدخل دماء جديدة فى هذه المؤسسات لتنشيطها والحصول على أفكار جديدة مبدعة من جيل الشباب مهما كانت الظروف الاقتصادية، موضحة أن بعض كليات وأقسام الإعلام فى مصر ليس لديها الإمكانيات الكافية للتدريب بشكل كفء وجيد، مستنكرة تحويل "قسم الإعلام" إلى كلية ببعض الجامعات وهذا القسم قد لا يمتلك الإمكانيات الكافية لذلك.
وتساءلت: "كيف يمكن تدريب وتأهيل الطلاب فى ظل هذا الوضع؟ ولابد من أن نقلل الأعداد الملتحقة بأقسام وكليات الإعلام ففى الوقت الذى تطلب فيه الكلية 300 طالب تحصل على 700 لأن الطلبة المتفوقين يهدفون دائما إليها وتضطر الدولة لتوزيعهم على الكليات، مؤكدة ضرورة البحث عن التخصصات الجديدة وأن كلية الإعلام بجامعة القاهرة بدأت بالفعل تطوير لائحتها الدراسية لإدخال تخصصات جديدة تفتح مجال أرحب للشباب لخلق فرص عمل أكبر لهم.