رغم ضخامة مشروع مصفاة المصرية للتكرير، إذ يبلغ استثماراته نحو 4.3 مليار دولار، وأهميته اقتصادياً إذ يوفر 50% من واردات مصر من السولار، إلا أن المشروع المملوك لرجل الأعمال أحمد هيكل ، تحاصره الأزمات على مدار 13عاماً، منذ توقيعه مذكرة تفاهم مع هيئة البترول خلال عام 2006 ، لإنشائه حتى تأجيل إطلاق تشغيله أكثر من مرة، ورغم ذلك يروج نجل "الأستاذ" للمشروع، ويوهم المساهمين بقدرته على تحقيق المليارات عوائد دون تشغيله حتى الآن، ونسرد فى التقرير التالى قصة المشروع.
بداية المشروع
بعدما ترك نجل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، العمل مع خاله الراحل محمد تيمور بشركة المجموعة المالية هيرميس، قرر عام 2004،بدء أعماله الخاصة بإنشاء شركة استثمارات مباشرة سماها "القلعة"، وبدأ شراء حصص فى العديد من الشركات داخل وخارج مصر، وبمختلف القطاعات منها أسمنت ونقل وحتى صناعات غذائية وتعدين.
وبعدها بعامين قرر "هيكل" دخول قطاع البترول، من خلال مشاركة الوزارة فى إنشاء أكبر معمل تكرير فى مصر، وبالفعل وقع مع الهيئة مذكرة تفاهم لإنشاء مشروع مصفاة المصرية للتكرير بمسطرد، إلا أن مشروع بهذا الحجم كان يتطلب أولا توفير التمويل اللازم له قبل بدء تنفيذه وهذه هى أولى أخطاء "هيكل" فى تنفيذ المشروع، إذ وقع عقد المقاولات الخاصة بالمشروع، وفى العام التالى دفع 100مليون دولار وصولاً إلى 300مليون دولار بعد ذلك، ولكن لم يجد تمويلاً ليكمل باقى أعمال المقاولات، بعدما انسحبت البنوك الممولة للمشروع مع ظهور الأزمة المالية العالمية.
سنوات الضياع
وبعد رحلة بحث قصيرة عن سبل تمويل جديدة، نجح فى الحصول على موافقة الحكومتين اليابانية والكورية والاتحاد الأوروبى للمساهمة بنحو 2.3 مليار دولار فى تمويل المشروع، دون ضمانة حكومية، إلا أن سوء الحظ عانده مرة ثانية، بقيام ثورة 25 يناير عام 2011 ، وانسحاب بنكى مصر والاستثمار القومى، وهيئة البريد، وهيئة التأمينات الاجتماعية، من المشروع بإجمالى مساهمات 450 مليون دولار، ليعود مرة ثانية لنقطة الصفر، ويعود مرة أخرى للبحث عن شركاء جدد.. ونجح سريعاً فى زيادة حصته بالمشروع بقيمة 100 مليون دولار مع دخول شركاء آخرين بمبلغ 360 مليون دولار لينجح أخيراً فى الإغلاق المالى.
لم تؤثر ثورة يناير على انسحاب الممولين فقط، ولكن أثرت موجة الاعتصامات والمظاهرات وقتها على تأخر تسلم الأرض سنة كاملة، تلى هذه المرحلة البدء فى نقل المستودعات والجراجات التى وجدت على الأرض المخصصة للمشروع عقب تسلمها، إلا أن وزارة الآثار اشترطت حينها ضرورة الحصول على بعض التصاريح التى استغرقت نحو 7 أشهر، وبذلك تأخر المشروع بأكمله قرابة 24 شهراً ما بين تأخر تسليم الأرض، والحصول على تصاريح وزارة الآثار، وتنفيذ أعمال المقاولة.
مواعيد فالصو
يكفى أن تكتب على محرك البحث جوجل عن موعد تشغيل "مشروع مسطرد"، حتى يظهر لك تصريحات وبيانات رسمية من مسئولى القلعة تحدد أكثر من موعد للتشغيل، بداية من نهاية عام 2016 وحتى الربع الثالث من عام 2019، وهو ما أدى إلى رفض هيئة الرقابة المالية دراسة القيمة العادلة لسهم شركة القلعة، والذى قدرت سهمها بقيمة 6.34 جنيه، بسبب عدم بدء الشركة المصرية للتكرير النشاط بعد، بل وطالبت بخفض القيمة العادلة للسهم بمقدار 3.13 جنيه لتصبح 3.21 جنيه.
وأوضحت الهيئة وقتها، أن تقييم الاستثمار فى مشروع مسطرد، بمبلغ 12.4 مليار جنيه، وذلك قبل خصم نصيبها من إجمالى القروض المتعلقة بإجمالى الاستثمارات والتى تبلغ إجماليها 6.7 مليار جنيه منها 4.3 مليار جنيه تقريباً مدرجة بالقوائم المالية المستقلة لشركة القلعة بالإضافة إلى 2.4 مليار جنيه قروض تم إضافتها متعلقة بتلك الاستثمار من خلال شركات تابعة، وتصل القيمة التقديرية الصافية لهذا الاستثمار بعد خصم الضرائب، ونسبة الخصم المحتسبة على القيمة النهائية والقروض غير المباشرة فقط والبالغة 2.4 مليار جنيه تقريباً إلى حوالى 9.37 مليار جنيه بفروق إعادة تقييم تبلغ حوالى 5.70 مليار جنيه مقارنة بالقيمة الدفترية لهذا الاستثمار البالغة 3.67 مليار جنيه تقريباً.
ومع قرب انتهاء الربع الأول من العام الجارى، لم تبدأ الشركة سوى إجراءات التشغيل التجريبى لوحدة الإصلاح بالعامل المساعد وإنتاج بنزين 98 أوكتين، وتعتزم الانتهاء من التشغيل التجريبى لكافة وحدات المشروع بنهاية الربع الثانى من هذا العام.
طموحات هيكل
"والدك كان هيبقى فخور بك جدا لو كان هنا النهاردة"..كلمات والدة هيكل عن المشروع بعد زيارته كانت دافعة لهيكل للتفاوض مع شركة قطر للبترول، لشراء حصة إضافية من المشروع، حتى أنه باع حصصه فى شركتين أسمنت، وشركة زجاج، وشركة تنمية لخدمات التمويل متناهى الصغر، بهدف توفير سيولة للمشروع، والذى يراه أنه مشروع العمر ولن يدخل بعده فى مشاريع استثمارية كبرى على غرار ذلك المشروع إلا بعد فترة لالتقاط الأنفاس.
ويغرى "هيكل" بخلاف كلمات والدته، صدور قانون بحرى عالمى جديد يحظر استخدام المازوت العالى، الكبريت لتموين السفن حفاظا على البيئة بدءا من 2020، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار البترول، مما يساهم فى زيادة الأرباح المتوقعة.
وتمتلك الشركة المصرية للتكرير، مصفاة مسطرد باستثمارات 4.3 مليار دولار، المتوقع أن تنتج مصفاة مسطرد 4.7 مليون طن سنويًا من المنتجات البترولية عالية الجودة والقيمة، تشمل 2.3 مليون طن من وقود السولار بما يتجاوز 50% من واردات السولار فى الوقت الحالى، و600 ألف طن من وقود النفاثات، وذلك باستخدام مدخلات إنتاج مثل المازوت منخفض القيمة.