يبدو أن حظوظ أردوغان التى دفعته إلى القمة فى السنوات الأخيرة قد بدأت تتغير لتهوى به بعد أن دفعه غروره إلى الاعتقاد بأن لا شىء سيتغير بالنسبة له برغم سوء إدارته للبلاد والكارثة الاقتصادية التى يلحقها بها بسبب سياسته.
وجاءت نتائج الانتخابات المحلية التركية صادمة للرئيس الذى كان يعتقد أن لعبه على مشاعر الأتراك بورقة الأمن القومى سيجدى نفعا هذه المرة مثلما فعلى من قبل، لكن الرياح تأتى بما لا تشته سفن أردوغان ويخسر فى المدن الرئيسية التى تمثل 40% من السكان الأتراك، بينما تبقى إسطنبول الضربة القاسمة له فى حال تأكيد خسارة حزب العدالة والتنمية لها.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن أردوغان واجه أمس، الاثنين، احتمال هزيمة انتخابية لاذعة فى إسطنبول، المدينة التى هيمن على سياساتها لربع قرن، مع إظهار نتائج التصويت انتصار المعارضة على ما يبدو. وكانت انتصارات حزب المعارضة الرئيسى فى عدد من المدن الكبرى ومنها أنقرة العاصمة هزيمة رمزية كبرى لأردوغان، مما قلل من هالته كشخص لا يقهر، وقدم ثقة كبيرة للحزب المعارض.
وكان ينظر إلى الانتخابات المحلية فى تركيا على أنها استفتاء على سياسات أردوغان. ورغم فوز العدالة والتنمية فى مناطق أخرى، إلا أن خسارة إسطنبول، لو تم تأكيدها، ستكون بمثابة ضربة قاسية للرئيس التركى، حيث صعد أردوغان على الصعيد الوطنى فى بلاده من خلال توليه منصب عمدة المدينة بين عامى 1994 و1998، وظلت المدينة منذ هذا الوقت مصدر الثروة والهيبة لحزبه.
ونقلت واشنطن بوست عن سولى أوزيل، أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة قادر هاس بإسطنبول، قوله إن هذه المملكة، يقصد إسطنبول، لم تكن تنتمى للعدالة والتنمية ولكن لأردوغان، وهذه خسارة كبيرة من الناحية النفسية.
ورأت الصحيفة، أن نتائج الانتخابات سيكون لها تداعيات على أردوغان أكثر من مجرد الرمزية، حيث أن حزب أردوغان وأسلافه الإسلاميين سيطروا على مدينتى أنقرة وإسطنبول منذ عام 1994، وقدمت المدينتان الكثير من الدعم والرعاية على مدار السنوات قوت شوكة أردوغان وحلفائه على مدار السينين. وهذه الخسارة المزدوجة سيكون لها أثر معاكس، حسبما يقول أوزيل.
وربما تكون هذه التداعيات أشبه بالزلزال السياسى الذى يهز أردوغان، على حد وصف صحيفة "نيويورك تايمز".
وقالت الصحيفة، إن أردوغان سعى على مدار السنين لطمأنة الجميع بأن لا أحد قادر على تحديه، فقام بتهميش خصومه وتطهير الجيش والشرطة والقضاء وقمع الصحافة وعزز صلاحيته فى الدستور ووعد الأتراك بمستقبل اقتصادى مشرق.
لذلك، فإن نتيجة الانتخابات المحلية كانت مفاجأة هائلة، حيث أن حزب أردوغان لم يخسر فقط السيطرة على أنقرة المركز السياسى، ولكن ربما أيضا اسطنبول، المركز التجارى للبلاد، وهى المدينة التى يأتى منها وتمثل قلب الدعم له.
ولفتت نيويورك تايمز، إلى أنه حتى لو لم تكن هذه النتائج نهائية، إلا أنها ترقى إلى كونها الزلزال السياسى الأكثر أهمية الذى يهز أردوغان منذ حوالى عقدين من السيطرة التى لم تواجه منافسة على زمام الأمور فى تركيا. لكن المختاف هذه المرة هو الاقتصاد الذى يتداعى سريعا والمعارضة التى كانت منضبطة للغاية.
وقامت المعارضة بنشر مراقبين ليس فقط للتدقيق فى قوائم التصويت وعملية الإقتراع ولكن لحماية الصناديق من أى تلاعب محتمل من أعضاء حزب أردوغان الحاكم، العدالة والتنمية.
ورأت نيويورك تايمز، أن النتائج لا تعنى أن أروغان، الذى تستمر فترته الرئاسية لأربع سنوات أخرى سيغير سلوكه الذى يشمل الترويج للقيم الدينية على العلمانية وتقارب أكبر مع روسيا وعلاقات أكثر توترا مع الناتو. لكن الانتخابات أظهرت ضعف أردوغان.