يتسلم رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، اللائحة الداخلية لمجلس النواب التى وافق عليها البرلمان نهائيا بـ403 صوتاً، وطبقًا للدستور فإن اللائحة تصدر بقانون وتنشر فى الجريدة الرسمية ليبدأ العمل بها فور نشرها، كما يبدأ المجلس فى ممارسة دوره الرقابى والتشريعى.
واستجاب مجلس النواب لجميع ملاحظات مجلس الدولة بشأن اللائحة الداخلية باستثناء الملاحظات الخاصة بإدراج موازنته "رقم واحد" ليكون "سيد قراره" فى أمواله، فضلاً عن عدم اخضاعها لمراقبة الجهاز المركزى للمحاسبات، وإعفاء مكافآت النواب من الضرائب، حيث أصر البرلمان على الإبقاء على المادة "402" بلائحته التى تنص على أن: "المجلس مستقل بموازنته وتدرج رقم واحد فى موازنة الدولة"، وهى مادة مخالفة للدستور ولملاحظات مجلس الدولة، والذى أبدى اعتراضه فى تقريره عن اللائحة، على أن إدراج موازنة البرلمان "رقم واحد"، مستندًا إلى أن الدستور حدد الجهات التى يتم إدراج موازناتها "رقم واحد" فى الموازنة العامة للدولة وهى الجهات القضائية والقوات المسلحة، مؤكدًا أنه لا يجوز إدراج موازنة مجلس النواب "رقم واحد".
ويقول الدكتور صلاح فوزى، رئيس قسم القانون الدستورى بجامعة المنصورة، وعضو لجنة إعداد الدستور، إن الموازنة العامة لأى وزارة تقسم إلى 8 أبواب، وكل باب يقسم إلى بنود، موضحاً أن نقل باب لباب بعد موافقة البرلمان على الموازنة لابد أن يصدر بقانون يقره البرلمان، كما أن النقل من بند إلى أخر فى نفس الباب لابد أن يكون بقرار من وزير المالية، أما وضع الموازنة "رقم واحد" فهى تتيح للجهة أن تصرف كما تشاء، فى أى باب وأى بند بدون حاجة لأى موافقة بقانون أو قرار من وزير المالية.
وأبدى "فوزى" دهشته من إصرار البرلمان على مخالفة الدستور فى هذا الأمر، مشيرًا إلى أنه إذا تم الطعن بعدم الدستورية على اللائحة فى هذه المادة سيترتب عليه أن يعدل المجلس وضع موازنته من جديد وتبوبيها.
وفى إطار تحصين البرلمان لنفسه، أصر مجلس النواب على الإبقاء على المواد التى تمنع مراقبة موازنته من الجهاز المركزى للمحاسبات، وذلك من خلال المادة "407" من اللائحة الداخلية للمجلس، والتى تنص على: "يتولى المجلس حساباته بنفسه، ولرئيس المجلس أن يطلب من رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ندب من يراه لوضع تقرير يقدم إلى رئيس المجلس عن حسابات المجلس وطريقة تنفيذ موازنته أو عن أى شأن من الشئون المالية الأخرى للمجلس".
كما تنص المادة 409 من اللائحة على: "يضع مكتب المجلس خلال ثلاثين يوما من انتهاء السنة المالية الحساب الختامى لها، ثم يحيله رئيس المجلس إلى لجنة حساباته لبحثه وتقديم تقرير عنه يعرض على المجلس فى أول جلسة تالية".
ورغم أن جهاز المحاسبات طلب تعديل هذه المواد لمخالفتها للدستور، لكن البرلمان أصر على ألا يراقب الجهاز المركزى للمحاسبات موازنته ولا حساباته الختامية.
وفي هذا الشأن، يقول الدكتور صلاح فوزى، أن هذه المواد من اللائحة تخالف المادة 219 من الدستور التى حددت اختصاصات الجهاز المركزى للمحاسبات، بأنه يراقب أموال الدولة، والموازنات الخاصة حيث نصت على: "يتولى الجهاز المركزى للمحاسبات الرقابة على أموال الدولة والأشخاص الاعتبارية العامة، والجهات الأخرى التى يحددها القانون، ومراقبة تنفيذ الموازنة العامة، والموازنات المستقلة، ومراجعة حساباتها الختامية".
وهذا معناه أن الدستور يلزم الجهاز المركزى للمحاسبات، بأن يراقب أموال البرلمان لأنها أموال عامة، موضحاً أن عدم مراقبة الجهاز لموازنة البرلمان يخالف الدستور.
وأشار "فوزى" إلى أن دستور 1971 لم يكن يحدد اختصاصات الجهاز المركزى للمحاسبات، وكانت لائحة مجلس النواب لا تصدر بقانون فكان من الجائز أن اللائحة تنص على عدم مراقبة موازنة المجلس من قبل جهاز المحاسبات.
وفي إطار تحصين نفسه، رفض مجلس النواب الانصياع لتوصيات مجلس الدولة برفض إعفاء المبالغ التى تصرف للنواب من جميع أنواع الضرائب والرسوم، حيث استند مجلس الدولة إلى أن الدستور وقانون مجلس النواب لم ينصا على إعفاء مكافآت النواب من أية ضرائب أو رسوم.
وأوضح مجلس الدولة فى توصيته بأنه يتعين الرجوع إلى القواعد العامة بشان الإعفاء من الضرائب على ما يتقاضاه أعضاء مجلس النواب من مكافآت، إلا أن البرلمان أرجع سبب تمسكه بإعفاء مكافآت النواب من الضرائب والرسوم إلى أن القوانين واللوائح استقرت على إعفاء المبالغ التى تدفع إلى أعضاء البرلمان من جميع أنواع الضرائب والرسوم، وأن السماح بالحجز على مدفوعات النواب قد يمس استقلال السلطة التشريعية فى مواجهة السلطة التنفيذية.