تداول نشطاء الفيسبوك وبعض المواقع الإخبارية خبرًا أثار دهشة الكثيرين، وهو إفاقة "معوض عادل" أحد مصابى أحداث "محمد محمود" الأولى، من غيبوبة استمرت 5 سنوات، بعد أن تعرض خلال الأحداث التى أعقبت ثورة 25 يناير للإصابة برصاصتين فى الرأس أثناء إسعافه لأحد المتظاهرين فى 20 نوفمبر 2011، وهو ما أدى إلى كسر فى عظام الجمجمة وارتشاح فى المخ وشلل كامل بالأطراف، وانتقل بعدها لتلقى العلاج فى مركز "رافيال" الطبى بالعاصمة البريطانية لندن.
ونقلت مواقع التواصل الاجتماعى رسالة للناشط الحقوقى "مالك عدلى" تحدث فيها عن تطور مفاجئ فى حالة "معوض" الصحية وكان نصها "الحمد لله الحالة بتتحسن معوض دلوقتى بيشوف وبيسمع والنهاردة ضحك للممرضة".
وهو ما أثار الدهشة حول إمكانية الإفاقة بعد غيبوبة 5 سنوات وحول حالة "معوض" وهل تعتبر هذه الإفاقة دليل على الشفاء النهائى والعودة للحياة الطبيعية مرة أخرى أم لا، وهل هى معجزة طبية أم أنها أمر طبيعى .
أجاب الدكتور "محمد البلتاجى" أستاذ جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقرى كلية طب قصر العينى جامعة القاهرة ورئيس وحدة جراحة المخ والأعصاب بمستشفى سرطان الأطفال، قائلا "لا نستطيع أن نقول أن ما وصل له "معوض" حاليًا هو إفاقة من الغيبوبة، وأنه يمكن أن يدرك بعدها ما حوله فهو كالطفل المولود يفتح عينه ويبتسم دون وعى نتيجة حركة لا إرادية ناتجة عن إشارات من جزع المخ للجسم بدون تحكم إرادى من المخ ذاته".
وأضاف أنه إذا استمر هذا الإدراك وتابعه تنفيذ لبعض الأوامر الخارجية مثل الانتباه لطلب من الطبيب بتحريك رموشه أو ظهور علامات الرفض على بعض الكلمات الموجه له، نستطيع أن نقول إنه حاليا فى حالة إفاقة كاملة.
وتابع "تحدث حالة فتح العين اللاإرادية فى غالبية المراكز الطبية فى الدول الأوروبية وذلك نتيجة قوة الأجهزة التى تستخدم فى المحافظة على كل أعضاء جسم الإنسان، حيث تعمل هذه الأجهزة على ثبات درجة حرارة الجسم عند 25 درجة وهى درجة مناسبة لتبريد الجسم والحفاظ على الأعضاء حتى عودة عمل المخ مرة ثانية، وبسبب الغيبوبة فترة طويلة قد تظهر عنده بعض المشكلات فى الحركة والذاكرة ونطق الكلمات".
وقال الدكتور "تامر عمارة" أستاذ المخ والأعصاب كلية طب جامعة عين شمس، "الإفاقة بعد 5 سنوات تعد من النتائج غير التقليدية خاصة بعد استمرار الغيبوبة فترة طويلة، فهى لا تحدث إلا فى عدد قليل وحالات محدودة، وحتى نستطيع القول إن الحالة تتحسن بالفعل لابد أن يستمر إدراكه عدة أيام متتالية حتى نتأكد أن الإدراك والوعى نهائى وعدم عودة الحالة إلى المربع صفر".
وتابع "من المؤكد أن الكسر والارتشاح تم التغلب عليهما بالعلاج الذى استمر طوال هذه الفترة، يبقى لدينا عدم القدرة على تحريك الأطراف، وهو أمر يمكننا معالجته بمجرد الإدراك الكامل لأننا سنكون مستعدين لتقديم بعض العلاجات التى كان من الصعب اعطاءها أثناء الغيبوبة مثل العلاج الطبيعى وقدرة الفرد على تحريك أطرافه بنفسه دون مساعدة من أحد".
وأضاف "لا نستطيع حاليًا أن نحدد التأثيرات السلبية التى ستستمر مع "معوض" باقى حياته أو التقدم المحتمل لحالته، لأن الأمر يعتمد على حالة المريض التى تكشفها الأشعة والتى توضح أماكن التلف والخلايا السليمة فى الدماغ، فإذا افترضنا أن خلايا المخ 100 ففى حالة تلف 80% منها سيكون الأطباء أمامهم 20% فقط يعتمدون عليه ليقوم بكل المهام التى كانت تقوم بها كل خلايا المخ وهو ما يجعلنا نقول إن المشكلات ستكون كثيرة خاصة فى الحركة، أما إذا كانت نسبة الخلايا السليمة أكبر فتزيد احتمالات العودة للحركة مرة أخرى".
وأشار الدكتور "تامر" إلى أن الحالة النفسية للمريض تلعب دورا كبيرا فى إتمام شفائه، وبوقوف الجميع بجانبه ومساعدته على تخطى الأيام القادمة، وأن إرادته القوية وإصراره على الحياة مرة أخرى سيكون هو القوة المحركة له، كما أن تحسن الوعى والإدراك فى حد ذاته هى أهم الخطوات التى يمكن أن تخرجه من الغيبوبة إلى عالم الواقع.