فى الوقت الذى خطط فيه أعضاء الكونجرس الأمريكى لاستجواب قاسى لفيس بوك وجوجل أمس الثلاثاء، بسبب محتوى الكراهية الذى ينتشر عبر منصاتهم وعدم اتخاذهم إجراءات كافية، تلقى المشرعون الأمريكيون وابل من خطاب الكراهية أثناء جلستهم التى تبثها مباشرة عبر يوتيوب، ليؤكد مخاوف النواب وغيرهم بشأن المحتوى الضار المنتشر عبر السوشيال ميديا.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن الجلسة التى عقدت اليوم كان هدفها استجواب جوجل وفيس بوك حول الطريقة التى يراقبون بها منصتهم، بما فى ذلك جهودهم لمنع خطاب الكراهية الإلكترونى من التحول إلى عنف فى العالم الحقيقى، وهو ما رأت الصحيفة أنه يمثل أحدث إشارة إلى أن عمالقة التكنولوجيا يواجهون محاسبة تنظيمية عالمية على ممارسات عملهم.
وتابعت الصحيفة قائلة: إنه على مدار سنوات، صارع وادى السليكون من أجل تحقيق التوازن بين السماح للمستخدمين بالتعبير عن أنفسهم ومنع انتشار المنشورات والصور والفيديوهات البغيضة، إلا أن سلسلة من الإخفاقات الكبرى الأخيرة فى أعين الديمقراطيين والجمهوريين قد عززت إثارة النقاش مجددا فى واشنطن حول الحاجة لمحاسبة شركات التكنولوجيا على المحتوى الذى يسمحون به أو يحظرونه على الويب.
وجاءت هذه الجلسة فى ظل مخاوف من أن جوجل وفيس بوك وعملاقة التكنولوجيا الآخرين قد تحولوا إلى "حاضنات" لبعض أكثر الهجمات القاتلة ذات الدوافع العنصرية حول العالم، بما فيها مظاهرة المتطرفين البيض فى تشارلوتسفيل فى عام 2017، وإطلاق النار على معبد يهودى فى بيتسبيرج العام الماضى والهجوم على مسجدين فى نيوزيلندا الشهر الماضى.
وقال النائب جيرولد نادلر، رئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب، التى عقدت الجلسة اليوم، إن شركات التكنولوجيا قد أصبحت بشكل واضح قنوات لهذا النوع من خطاب الكراهية.
وقد تأكد بالفعل ما قاله نادلر، فمع إجراء الجلسة، قام عددد من المستخدمين المجهولين على يوتيب، التابعة لجوجل، بشن هجمات استهدفت البعض على أساس اللون أو الدين.
فمع بث الجلسة مباشرة عبر يوتيوب ظهرت دردشة حية تضمنت تعليقات لبعض المستخدمين وصفت بأنها معادية للسامية، فى حين دافعوا عن القومية الخاصة بالبيض وقالوا إنها ليست نوعا من العنصرية.
وقال أحد المستخدمين إن "هؤلاء اليهود سيدمرون كل الدول البيضاء، فيما قال آخر إن الخطاب المناهض للكراهية هو كلمة رمزية تعنى العداء للبيض".
وخلال الجلسة تحدثت الكسندريا والدن، مستشار حرية التعبير وحقوق الإنسان لجوجل، وشددت على أن عملاق التكنولوجيا استثمر فى الأشخاص وفى التكنولوجيا اللازمة لإزالة المحتوى الذى يحرض على العنف أو ينشر الكراهية، وقالت إنهم يعرفون أن نفس المنصات التى مكنت هذه المزايا الاجتماعية يمكن أن يتم انتهاكها.
وأثناء حديثها قام موقع يوتيوب بإعاقة التعليقات على البث المباشر، وقالت الشركة عن السبب هو زيادة محتوى الكراهية فيها.
وعلق نادلر قائلا" إن هذا إنه يوضح جزءا من المشكلة التى يتعاملون معها.
وتشير "واشنطن بوست" إلى أن القانون الفيدرالى الأمريكى ظل على مدار عقود يحمى مواقع السوشيال ميديا من محاسبتها على المحتوى الذى ينشره مستخدموها، وهو نوع من الحماية يقول القائمون على وادى السليكون إنه أساسى للنجاح الاقتصادى للصناعة، فى حين أن دولا أخرى، منها بريطانيا، قد ردت على صعود التطرف الإلكترونى بالكشف عن مجموعة من المقترحات والقوانين واستهداف المحتوى الضار.
ويأتى تحرك الكونجرس الأمريكى ضد بعض شركات التكنولوجيا فى الوقت الذى اتخذت فيه دول أوروبية مواقف أكثر صرامة إزاء عملاقة السوشيال ميديا، حيث اقترحت بريطانيا يوم الإثنين تطبيق قوانين جديدة لسلامة الإنترنت من شأنها فرض عقوبات على شركات التواصل الاجتماعى والتكنولوجيا إذا تقاعست عن حماية مستخدميها من المحتوى الضار.
وتوضح شبكة يورو نيوز أن سهولة الدخول إلى المواد الضارة، ولاسيما بين صغار السن، قد أدى إلى تزايد القلق فى شتى أنحاء العالم وزاد الاهتمام بها في بريطانيا بعد انتحار تلميذة عمرها 14 عاما، قال والداها إنها أقدمت على الانتحار بعد أن شاهدت مواد على الانترنت بشأن الاكتئاب وقتل النفس.
وتبحث الحكومات في شتى أنحاء العالم عن أفضل الطرق للتحكم في المحتوى الذي تعرضه منصات التواصل الاجتماعي والتي غالبا ما يُنحى باللوم عليها في تشجيع الانتهاكات وانتشار العري عبر الانترنت وعلى التأثير على الناخبين أو التلاعب بهم.
وأدى البث الحي لجريمة القتل الجماعي التي حدثت في مسجدين في نيوزيلندا على منصات فيسبوك إلى تأجيج هذه المخاوف العالمية في الآونة الأخيرة. وقالت استراليا بعد بث هذه الجريمة إنها ستفرض غرامات على شركات التواصل الاجتماعي والانترنت وستسجن المسؤولين التنفيذيين إذا لم تتم إزالة المحتوى الذي يتسم بالعنف "بشكل سريع".