محمود سعد الدين يكتب: كيف غيرت المعارضة مسار مادة رئاسة الجمهورية فى التعديلات الدستورية بمجلس النواب؟.. 3 قيادات من المعارضة قدموا اقتراحات قادت مناقشات البرلمان إلى صياغة جديدة للمادة 140 بالدستور

-مقترح زيادة سنتين بالأثر المباشر أو الرجعى على مادة الرئاسة يتخذ مساراً تنفيذياً واتجاه بإدراجه ضمن التصور النهائى للتعديلات -رئيس البرلمان يرفع راية الاستماع للجميع بدون قيود ويُقسم بعدم تمرير أى مقترح غير منضبط فى الصياغة -لجنة صياغة التعديلات الدستورية ستعتمد على اقتراحات المعارضة فى إعداد الشكل النهائى للمادة 140 الخاصة بتعديلات مدة رئاسة الجمهورية ظن البعض أن الحوار المجتمعى عن التعديلات الدستورية بمجلس النواب لن يخرج عن كونه حوارا شكليا إجرائيا يكمل الصورة العامة لتمرير المواد الجديدة، على اعتبار أن مقدمى التعديلات هم خُمس أعضاء البرلمان من الأغلبية، والأغلبية بطبيعة الحال هم أصحاب القرار والصوت الراجح فى التصويت تحت القبة، ولكن الواقع كشف اختلافا كبيرا، فالحوار من اليوم الأول لم يكن مقتصرا على فئة واحدة أو تيار سياسى واحد إنما تضمن تنوعا مختلفا فى الأفكار والرؤى والشخصيات، وتمثيلا كبيرا للفئات فى المجتمع المصرى لدرجة أن واحدًا من المعارضين وهو محمد أنور السادات وجهت له دعوة رسمية بالحضور والتعليق على التعديلات الدستورية رغم أن السادات نفسه على خلاف مع البرلمان، لأن أعضاء البرلمان الحالى هم من أسقطوا عضويته بالأغلبية قبل عامين. الأداء المختلف لجلسات الحوار المجتمعى عن التعديلات الدستورية انعكس بالإيجاب على أداء النواب أنفسهم فى جلسات اللجنة التشريعية لمناقشة التعديلات، فالجلسات لم تشهد مشادة واحدة كما هو معتاد فى جلسات هذه اللجنة على مدى أدوار الانعقاد الماضية، ولم تشهد أيضا مقاطعات حادة بين النواب وأنفسهم، الجميع كان يستمع إلى الجميع اللهم إلا مرة واحدة حسمها سريعا الدكتور على عبدالعال. الأكيد أن جلسات مناقشة التعديلات الدستورية باللجنة التشريعية كانت مختلفة، انتقل الأعضاء فيها من المناقشة الشكلية الإجرائية المبنية على خطابات رنانة وكلمات إنشائية إلى مناقشة موضوعية، ترتبط بمضمون المواد المقترحة للتعديل فى محاولة جادة للوصول إلى صياغة قوية تطرح على المجلس بكامل أعضائه ويجرى بشأنها موافقة بالجلسة العامة ثم تطرح فى النهاية على الشعب المصرى فى استفتاء دستورى، وبالتأكيد الشعب هو السيد وصاحب القرار النهائى. اللافت أن كل نواب اللجنة التشريعية أغلبية ومعارضة كانوا على خط واحد من التفكير، كيف نصل لصياغة سليمة لمضمون التعديلات تصلح أن تخرج للرأى العام، والغريب أن نواب المعارضة رغم رفضهم التعديلات كليا، فإنهم شاركوا بقوة فى الوصول للصياغة التوافقية السليمة، وطرحوا أفكارا جادة، وربما القدر ساق هذه الأفكار لأن تكون النواة الحقيقية لتوجهات جديدة باللجنة التشريعية فى مجلس النواب نحو عدد من مواد التعديلات الدستورية، وتحديدا المادة 140 وهى المادة الأهم المتعلقة بفترة رئاسة الجمهورية، وهى المادة التى كانت هناك حساسية كبيرة فى مناقشتها دائما إلا فى جلسات اللجنة التشريعية. وجوه المعارضة الثلاثة التى تحدثت فى المادة 140 الخاصة بانتخابات رئاسة الجمهورية، هم الدكتور محمد صلاح عبد البديع، ومحمد العتمانى وكلاهما نائب بالبرلمان ،أما الثالث فهو الدكتور محمد غنيم الذى أرسل خطابا لمجلس النواب يتضمن رأيه بالكامل على التعديلات. الدكتور محمد صلاح عبدالبديع، وهو أستاذ قانون دستورى، قال: "أقدر الرئيس السيسى وخدماته للوطن ودوره فى التنمية، ولكن أنا ضد وضع مادة انتقالية فى التعديلات الدستورية الجديدة تتيح للرئيس الحالى الترشح لدورتين بالمدة الجديدة بعد انتهاء مدته الحالية، وأقترح أن يتم النص فى المادة 140 على أن تزيد مدة رئاسة الجمهورية من 4 إلى 6 سنوات، ويسرى التعديل الجديد على الرئيس الحالى بالأثر المباشر". أما النائب محمد العتمانى، وهو عضو بتكتل «25/30» قال: «نزود مدة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات على اعتبار أن الـ 6 سنوات مدة كافية لظهور الإنجازات والعمل، وتسرى على الرئيس الحالى بأثر رجعى ومباشر»، أما الدكتور محمد غنيم فطرح أن تكون مدة الرئاسة 5 سنوات لتتطابق مع الدورة البرلمانية، من أجل تحقيق الموضوعية وتجنب زيادة عدد مرات الرئاسة، على أن تتم صياغة المادة 140 بحيث ينتخب رئيس الجمهورية لمدة 5 سنوات ميلادية، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة أكثر من مدتين مع الأخذ فى الاعتبار أن يتم تطبيق المادة 140 المعدلة اعتبارا من تاريخ الولاية الأولى للرئيس الحالى. وبناء عليه، فنحن بعد جلسات اللجنة التشريعية أمام 3 صياغات أو تصورات مهمة للمادة 140 من الدستور المتعلقة برئاسة الجمهورية، تصورات طرحها أعضاء فى المعارضة بأشكال مختلفة سواء داخل البرلمان أو خارجه، طرحوها رغم رفضهم للتعديلات الدستورية بالأساس، والأهم أن السيناريوهات الثلاثة المطروحة حلت مشكلة المادة الانتقالية التى كان سيتم وضعها، والتى كانت لا تلقى قبول البعض، لأن المادة الانتقالية تعنى ظرفا استثنائيا غير مستقر، وهو أمر غير مرغوب فى كتابة الدساتير، مع الأخذ فى الاعتبار أن الاقتراحات الثلاثة راعت الوضع الحالى للبلاد والتحديات التى تواجه الرئيس الحالى والمشروعات التى بدأها ويريد فترة زمنية ليكملها، وفى نفس الوقت لم تقترب الاقتراحات الثلاثة من فكرة الالتزام بمدتى الرئاسة وحافظت على عدم التمديد الرئاسى. الجديد أن الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، استقبل هذه الأطروحات الثلاث بجانب كبير من الأهمية ليس فقط باعتباره يقود اجتماعات اللجنة التشريعية كرئيس للبرلمان، ولكن باعتباره أستاذ قانون دستورى فى الأساس، ولم يقلل منها بل أثنى عليها استنادا إلى أن الاقتراحات الثلاثة ربما تقترب من الصياغة النهائية التى يمكن أن تصل إليها اللجنة التشريعية بعد كل المناقشات، حتى أن الدكتور على عبدالعال نقل المناقشات لمنقطة أكثر تقدما عندما قال: «لا مساس بالمادة 226 الخاصة بضمانات الرئاسة، وأربأ بنفسى أن أمس بالمدتين لفترة الحكم، وألتزم بأن تكون الرئاسة مدتين فقط، واللى قاله الدكتور محمد غنيم طيب واللى قاله برده الدكتور صلاح عبدالبديع وهو نقطة قانونية عن الأثر الفورى فى التطبيق مهم.. إنه يتنفذ على طول زى لما نصدر قانون أو نرفع المرتبات، فيسرى ولازم على طول بأثر فورى.. وبالتالى إن هذا الأثر الفورى أطبقه وفى خلال المدتين وفيه اقتراح متقدم من المجلس 6 و6، وإيه المنتج النهائى اللى هيخرج من اللجنة التشريعية انتظر لترى.. انتظر لترى». والنتيجة النهائية رقميا للمادة 140 من الدستور وفق التصورات الثلاثة هى أن يتم تطبيق الأثر الفورى للست سنوات على الفترة الحالية فقط فيظل الرئيس فى الحكم حتى 2024. كما طرح الدكتور محمد صلاح عبدالبديع، أو يتم تطبيق الأثر الرجعى المباشر، وسيظل الرئيس فى الحكم حتى 2026 لأنه سيضاف إلى فترة حكمه عامين إضافيين فى الفترة الأولى ومثلهما فى الفترة الثانية كما قال محمد العتمانى، أو يظل الرئيس حتى عام 2024 وفق تصور الدكتور محمد غنيم، لأنه سيضاف للرئيس الحالى سنة على الدورة الأولى ومثلها على الدورة الثانية. إذن نحن أمام 3 تصورات خرجت من المعارضة بشكل واضح وغيرت مسار المناقشات الهامة الخاصة بالمادة 140 من الدستور، بل وأثرت بشكل كبير لدى قناعة القائمين على صياغة التعديلات الدستورية باللجنة التشريعية، لأن ما طرحوه يمكن اعتباره القاعدة التى سينطلق من خلالها فريق صياغة التعديلات فى إعداد الشكل النهائى الذى يمكن أن نضيف إليه اقتراحا أخيرا من النائب المستقل عفيفى كامل عضو باللجنة التشريعية وهو دكتور محاضر بكلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة وحاصل على دكتوراه فى القانون الدستورى، ومفاده زيادة مدة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات مع التطبيق الفورى المباشر، ما يترتب عليه أن يتمتع الرئيس الحالى بسنتين إضافيتين على مدة الرئاسة الحالية حتى 2024، وقد يجوز معها أن نقر على جواز ترشح الرئيس الحالى لدورة واحدة فيما بعد، فيكمل الحكم إن نجح فى الانتخابات حتى 2030، والتحديد بمدة رئاسية واحدة هنا يغلق الباب أمام هاجس التمديد الرئاسى. ما يدعم كل الأطروحات المتعلقة بالمادة 140 من الدستور وأن صياغة منها سترد فى الشكل النهائى للجنة التشريعية أن الدكتور على عبدالعال كرر فى توقيتات مختلفة من الجلسة أنه ليست هناك صياغات نهائية، وكل المقترحات هى صياغات أولية، وأنقل إليكم جملة قوية قالها وهى: «المواد المطروحة للتعديل ليست هى الصياغة النهائية ومش هطلع نصوص.. الناس تضحك عليا فيها بالداخل أو الخارج، والقدر ساقنى أن أتولى مناقشات التعديلات الدستورية وسيحاسبنى التاريخ عليها ولن أسمح بخروج نص غير منضبط.. وبعض الصياغات الموجودة بمقترح التعديلات الدستورية المقدمة من النواب، تحتاج إلى ضبط صياغة وتخرج عن قناعاتى المهنية ورأيى ثابت ومثبت فى مضابط لجنة العشرة، ولا يمكن أن أغيره، وهذا هو الفارق بين من يعدل تعديلاً مهنياً ومن له صبغة سياسية، ولكن فى النهاية هذا مقترح، ويجب أن يمر بمجموعة من الإجراءات المنصوص عليها بالدستور، وأن يُصاغ بطريقة مهنية، ولكن اللجنة التشريعية فى النهاية حريصة على خروجها بشكل منضبط، وأذكر لكم أن واحدا من أساتذة القانون الدستورى اتصل بى وقال لى أنت ما أخدتش بالك من رقم الـ250 اللى فى مجلس الشورى، وأنه رقم لا يقبل القسمة على 3، وبالتالى هيكون فى خلل فى التصويت، ورديت عليهم أنى عارف وشايف والحقيقة أننى أثبت ذلك فى محضر الجلسة العامة الأولى بمجلس النواب التى ناقشنا فيها التعديلات الدستورية المقترحة.. وهناك كثير من النصوص وضعت يدى عليها ولن أسمح بخروج نص غير منضبط وسيحاسبنى التاريخ عليها». إذن النتيجة النهائية من هذا السرد المعلوماتى الموثق المبنى على مشاهداتى لمناقشات اللجنة التشريعية للتعديلات الدستورية أن كل المواد المقترحة لا تتعدى كونها مواد أولية، حتى ليست مواد متقدمة فى الصياغة فهى مواد بعيدة بشكل كبير عن الصياغة النهائية التى ستنتهى منها اللجنة التشريعية يوم الأحد المقبل، وأن المادة 140 من الدستور الخاصة بمدة رئاسة الجمهورية تسير بشكل كبير نحو صياغة من المقترحات التى طرحتها المعارضة فى جلسات اللجنة التشريعية المتمثلة فى زيادة فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات مع التطبيق الفورى أو الفورى والرجعى على فترتى الحكم للرئيس الحالى. ومن واقع مشاهداتى لجلستى اللجنة التشريعية بمجلس النواب عن التعديلات الدستورية، أصل إلى قناعة كاملة أن المواد المقترحة ليست النهائية، وأن البرلمان أجرى حوارا حقيقيا، استمع فيه لكل الأصوات، المعارضة قبل الأغلبية، وأن الدكتور على عبدالعال ألزم نفسه أن يسمع الجميع حتى أنه فى الجلسة الأخيرة كرر جملة أنه لا يوجد ما يخفيه من مناقشات التعديلات والقرار النهائى للتعديلات وصياغتها سيكون من النواب، والثابت أيضا أنه فى أى خلاف حول مادة من المواد كان يردد عبارة أن هذه الصياغات أولية ليست نهائية، ما تقترحونه سيكون وما تتبنونه هو الذى سنوافق عليه، وأقسم بأنه لن يمرر أى مادة غير منضبطة فى الصياغة حتى أنه قال وبشكل حاسم : «وضعت يدى على بعض النصوص غير المنضبطة فى المواد المقترحة للتعديل..وبداخلى صراع كبير بين ضميرى المهنى والتزامى الوظيفى خلال مناقشات هذه المواد». الأكيد أننا أمام برلمان جاد فى مناقشة التعديلات الدستورية بشكل منضبط وليس أمام برلمان سيمرر التعديلات كما وردت إليه، والأكيد أيضا أننا أمام رئيس برلمان لن يمرر التعديلات من المجلس إلا بعد ضبط صياغتها وتماشيها مع روح الدستور والقانون، وهنا سأحكى واقعة واحدة، عندما طرح بعض أعضاء الأغلبية أن يتم منح مجلس الشيوخ صلاحيات تشريعية، وهو طرح قد يؤيده البعض، غير أن الدكتور على عبدالعال اعترض بشدة وقال إنه طرح مقبول سياسيا لكنه غير مقبول دستوريا، لأن النظام السياسى المصرى جرى صياغته فى الدستور المصرى على أساس غرفة تشريعية واحدة، وبالتالى تشكيل غرفة تشريعية ثانية، يتطلب الأمر ليس وضعه نصوصا تمنح التشريع لمجلس الشيوخ بالدستور، إنما يتطلب الأمر إعادة كتابة النظام السياسى المصرى من جديد فى الدستور، بما يعنى إعادة كتابة دستور، والدستور له قواعد وأحكام فى الصياغة، وهذا الحديث قد يزعج البعض، ولكن الحقيقة وأنا ملتزم بالحقيقة، ولن أخاطر بتاريخى. نقلت إليكم بكل أمانة وحيادية ما رصدته فى جلسات اللجنة التشريعية بالبرلمان عن التعديلات الدستورية وما تلمسته من تحركات قوية نحو صياغة جديدة للمادة 140 من الدستور إلى فكرة تطبيق الأثر الفورى والرجعى على مدتى الرئاسة، ليمتد حكم الرئيس الحالى إلى 2026، وبالتأكيد النتيجة النهائية لصياغات كل المواد ستكون يوم الأحد المقبل.














الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;