إثبات دخول كميات كبيرة أضرت بالصناعة وزيادة الواردات 30%
20 % زيادة فى حصة الاستيراد وانخفاض 10% للشركات الوطنية
بعد مرور قرابة 16 شهرا على قرار فرض رسوم إغراق نهائية على الحديد الصينى والتركى والأوكرانى لمدة 5 سنوات، بدءا من 6 ديسمبر 2017، تعاود الحكومة المصرية الانتصار مجددا للصناعة الوطنية، بالاتفاق مع منظمة التجارة العالمية وإخطارها رسميا بتضرر السوق المصرى من الحديد المستورد، وفرض رسوم مؤقتة لمدة 180 يوما بنسبة 15% على البيلت المستورد و25% على واردات حديد التسليح لحين انتهاء من التحقيقات التى يجريها جهاز مكافحة الإغراق.
فى البداية، قالت منظمة التجارة العالمية فى تقرير على موقعها الرسمى، إن مصر أخطرتها بأن هناك زيادة كبيرة ومفاجئة في حجم واردات المنتجات المعنية من الناحيتين المطلقة والنسبية للإنتاج المحلي، حيث زاد حجم الواردات فى النصف الثاني من عام 2018 بشكل ملحوظ بالمقارنة مع النصف الأول من عام 2017.
وأضاف تقرير منظمة التجارة العالمية، أن هذه الزيادة الحادة والمفاجئة فى الواردات تسببت فى إصابة الصناعة المحلية بأضرار جسيمة، وانخفضت المبيعات وحصة السوق من الصناعة المحلية بشكل حاد بينما زادت حصة السوق من الواردات بشكل ملحوظ، وبالتالى زادت كمية المخزون بشكل حاد، لهذا تعرضت الصناعة المحلية لخسائر فى النصف الثانى من 2018، وفق ما ورد فى تقرير المنظمة.
وأرجع التقرير أسباب هذه النتائح التى تؤكد تضرر الصناعة المصرية من الحديد والبيلت المستورد، إلى أن هناك علاقة سببية بين الزيادة الكبيرة في الواردات وبين إلحاق الضرر بالصناعة المحلية بشكل خطير، متابعا وفق نص التقرير"للتأكد من أن الضرر الخطير لا يعزى إلى عوامل أخرى غير الزيادة في الواردات، أجرت سلطة التحقيق تحليلًا أوليًا لتحديد ما إذا كانت العوامل الأخرى قد ساهمت فى الضرر الخطير الذى يعاني منه المنتجون المصريون، تشمل انكماش الطلب وتغيير أنماط الاستهلاك والتقدم التكنولوجي والمنافسة المحلية، والصادرات والتغيرات فى أسعار الصرف، ووجدت سلطة التحقيق أن هذه العوامل ليست سبب الإصابة الخطيرة التى لحقت بالصناعة المصرية.
وخلص التقرير إلى أنه تم اتخاذ قرار مبدئي بوجود ظروف حرجة يمكن أن يتسبب فيها التأخير فى حدوث ضرر يصعب إصلاحه، مشيرا إلى أن التأخير فى فرض تدابير الحماية المؤقتة قد يؤدى إلى ضرر يصعب إصلاحه، وتشمل هذه الظروف الحرجة: الإجراءات التقييدية التجارية التى اتخذتها مؤخرًا عدة دول لتجارة الصلب، والتى خلقت خطرًا وشيكًا بتحويل واردات الصلب إلى مصر، كما خلص إلى أن الزيادة المستمرة فى الواردات ستزيد من ضعف أداء الصناعة المحلية، التى هى بالفعل فى وضع هش، فى بعض الحالات، هناك خطر من أن المنتجين قد يجبرون على وقف الإنتاج.
وجاء فى التقرير، أن وزارة الصناعة ستفرض رسوم حمائية مؤقتة على البند 7207 "المنتجات شبه المصنعة من الحديد أو غير سبائك" بنسبة 15% ، وكذلك فرض رسوم على البند 7213 و7214 "قضبان ولفائف وقضبان من الحديد" بنسبة 25%، على أن يدخل هذا الإجراء المؤقت حيز التنفيذ بدءًا من يوم 15 أبريل 2019، على أن تستمر هذه الرسوم لمدة 180 فقط ولحين الانتهاء من التحقيقات.
وأشار هذا التقرير، إلى أن اتخاذ قرار مبدئي كما هو منصوص عليه في المادة 6 من الاتفاقية على الإجراءات الوقائية التي تسببت فيها زيادة الواردات أو تهدد بالتسبب فيها مثل تضرر الصناعة المحلية، فى ظل تنامى وتضاعف قدرة الإنتاج العالمى منذ عام 2000.
وبهذه الإجراءات فإن مصر تحمى صناعة الصلب الوطنية، فى ظل أن مصانع الصلب ذات المراحل الكاملة توظف قرابة 30 ألف عامل مصرى، كما أن بها 4 أضعاف القيمة المضافة مقارنة بمصانع الدرفلة التى تقتصر فقط على تشكيل المنتج شبه المصنع.
وتكشف البيانات الرسمية، أن 80% من الطاقة الإنتاجيو لحديد التسليح فى مصر تأتى من المصانع المتكاملة وشبه المتكاملة، فى حين أن 20% فقط من مصانع الدرفلة والتى تقتصر على المراحل الإنتاجية الأخيرة، فى حين أن التكلفة الاستثمارية لمصنع درفلة نمطى فى مصر حوالى 4 ملايين دولار بطاقة 170 ألف طن، فى حين أن التكلفة الاستثمارية للمصنع المتكامل 785 مليون دولار بطاقة مليون طن فقط، أى أن ما اتجهت إليه الحكومة هو بمثابة حمياة للصناعة والاستثمار.
إذن لماذا هذا الاتجاه للرسوم الحمائية التى لجأت إليها مصر، سنجد أنه خلال الشهور الأخيرة قامت العديد من الدول بفرض رسوم حمائية إضافية على الواردات من الصلب، بداية من الولايات المتحدة الأمريكية التى فرضت رسوم 25 % بدءًا من مارس 2018 على واردات الصلب تامة الصنع والبيلت من كافة دول العالم فيما عدا المكسيك وكندا.
وكان لهاذ الإجراء وجود 150 مليون طن فائض فى الإنتاج العالمى منها 90 مليون طن تبحث عن أسواق بديلة، وبالتالى إغراق الدول بهذا الإنتاج ومن ضمنها مصر بواردات بليت منخفضة السعر، من أجل تصريف هذا الفائض الدولى الكبير.
وهناك نقطة غاية الخطورة هى أن مصر هدف كبير لهذا الإنتاج العالمى الفائض فى ظل أن مصر قامت منذ عام 2008 بتخفيض التعريفة الجمركية على منتجات حديد التسليح إلى صفر، فى وضع لا يكاد موجود فى أى دولة بالعالم.
ووفقا لما أعلنته وزارة الصناعة، فإن هناك زيادة فى واردات بنسبة 30 % خلال النصف الأول من 2018 مقارنة بالنصف الأول من 2017، مما تسبب فى زيادة الحصة السوقية للواردات بحوالى 20% مع نهاية 2018 ، وكذلك تراجع الحصة السوقية للمصانع الوطنية بنسبة 10 %.
كما كشفت تقارير، أن هناك 120% زيادة فى خسائر شركات الصلب المصرية فى النصف الثانى من 2018 مقارنة بنفس الفترة من عام 2017، فى ظل تراكم إنتاج هائل للشركات الوطنية بنسبة تجاوزت 400%، وهذا مؤشر خطير جدا ويعنى أن الشركات تنتج ولا تبيع مما يجعلها تحقق خسائر فادحة، هذه الخسائر ليست ناجمة عن المنافسة مع المستورد لكن نتيجة إغراق الأسواق المصرية بمنتجات مدعومة من حكوماتها.