حمل قرار رقم أصدر المهندس عمرو نصار، وزير التجارة والصناعة، رقم 346 لسنة 2019 بفرض تدابير وقائية مؤقتة على الواردات من صنف حديد التسليح " أسياخ وقضبان وعيدان"، منتجات جاهزة من حديد أو صلب من غير الخلائط "البيليت"، عددا من الفوائد الهامة سواء لصناعة الصلب أو للصادرات.
إذن ما علاقة الصادرات بفرض رسوم وقائية على الحديد والبيليت المستورد، وكيف تستفيد من مثل من هذا القرار؟، الإجابة هو أن الصادرات المصرية ستكون المستفيد الأكبر بعد الصناعة الوطنية من فرض هذه الرسوم، حيث من المقرر تحويل كافة الرسوم المحصلة على واردات الحديد والبيليت إلى صندوق دعم وتنمية الصادرات.
ونص القرار رقم 346 لسنة 2019 فى مادته الثالثة، على أنه يتم تحصيل الرسوم المشار إليها فى الحساب رقم (9/450/88042/8/) بالبنك المركزى المصرى، لحساب صندوق تنمية الصادرات ( حساب الخزانة الموحد).
وجاء فى المادة الأولى للقرار أن تخضع الواردات من صنف حديد التسليح والتى تندرج تحت البند الجمركى (7214، 7213) من التعريفة الجمركية المنسقة لرسم تدابير وقائية مؤقتة لمدة 180 يوما بنسبة 25% من القيمة.
وزارة المالية، أكدت فى بيانها الرسمى الذى أعلنته فيه بدء تحصيل الرسوم على الحديد المستورد والبيليت، على أن تطبيق هذا القرار سيساهم فى زيادة نسبة نمو إنتاج ومبيعات الصناعة المحلية ودعم المصنعين المصريين حيث أن حصيلة هذه الرسوم ستوضع فى حساب صندوق تنمية الصادرات بالبنك المركزى، مما يساعد على زيادة نشاط القطاع التصديرى المصرى وبالتالى توفير المزيد من فرص العمل للشباب.
وللقرار فوائد أخرى لعل أهمها الحد من نزيف الدولار والعملة الصعبة لصالح المنتجات المستوردة، فى ظل وجود بدائل محلية ذات جودة عالية، وهذا التوجه يتسق تماما مع رؤية الدولة لزيادة الاعتماد على المنتجات الوطنية مع تعميق وزيادة نسبة المكون المحلى فيها، فى مواجهة الاستيراد، خاصة وأن البديل المحلى ذات أفضل من المستورد فيما يخص الحديد والصلب عموما، فلدينا مصانع متطورة وتخرج بمنتج يصلح لكافة الأغراض.
كما أن التحقيقات المبدئية لجهاز مكافة الدعم والإغراق "المعالجات التجارية"، كشفت زيادة ملحوظة فى واردات الصلب بنسبة 30% خلال النصف الأول من 2018، وهو الأمر الذى أدى إلى ارتفاع الحصة السوقية للواردات بنسبة 20% مقابل تراجع حصة المصانع الوطنية 10%، وهو ما تسبب فى تراجع مبيعات المصانع المحلية أكثر من 700 ألف طن سنويا، وزيادة مبيعات المستوردين والسماسرة لتسجل 1.2 مليون طن سنويا.
وفى نفس السياق، فإن الاتجاه لحماية الصناعة المصرية، يهدف فى المقام الأول لإعلاء البراند المصرى فى مواجهة المستورد، فى ظل إدخال واردات البليت وبلاطات الصلب وحديد التسليح دون رسوم جمركية تذكر منذ عام 2008، كما أن التحايل على القرار الصادر فى ديسمبر 2017 بفرض رسوم نهائية على الحديد المستورد من الصين وتركيا وأوكرانيا.
ورغم أن التقرير النهائى فى القضية الأولى لإغراق السوق المصرى بالحديد التركى والصينى والأوكرانى، كشف أن الواردات من صنف حديد التسليح لأغراض البناء ذات منشأ أو المصدرة من الصين، وتركيا وأوكرانيا ترد بأسعار مغرقة وبهوامش إغراق بلغت 29% للصين، وبين 7% إلى 22.8% لتركيا وتراوحت من 17.2% إلى 27% لأوكرانيا من القيمة سيف CIF، وأن الضرر المادى الذى تعانى منه الصناعة المحلية يرجع إلى الواردات المغرقة من كل من الصين وتركيا وأوكرانيا وأن هناك علاقة سببية بين الواردات المغرقة وبين الضرر المادى الواقع على الصناعة المحلية، لكن بعد فرض الرسوم لجأ المستوردون لإدخال نفس الأصناف عن طريق دول أخرى لتفادى التأثر بهذه الرسوم والمحافظة على هوامش ربحهم المرتفعة.
فى حين أن القدرات الإنتاجية لمصانع الحديد فى مصر تقدر بقرابة 12.5 مليون طن سنويا، وفق تقديرات غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، فى حين أن احتياجات السوق المصرى مقدرة بـ 7.5 مليون طن سنويا، إذن هناك فائض إنتاجى يصل إلى 5 ملايين طن حديد سنويت، وإذا ما ضفنا لذلك حجم الاستيراد المقدر بـ 1.2 مليون طن، سنجد أن الصناعة المحلية فى طريقها للانهياء، حيث بدأت المصانع ذات دورة الإنتاج الكاملة التراجع بحجم إنتاجها ووقف خطوط إنتاج كاملة، لمواجهة أزمة تخمة المعروض التى حققت فائض بنسبة 400 %.
ومصر هنا تحقق الاكتفاء الذاتى من الصلب عبر عدد من المصانع الكبرى وعشرات من خطوط الإنتاج وآلاف العمال، باستثمارات 100 مليار جنيه، ورغم ذلك، هناك سعى مستمر من المستوردين لتعزيز حصة الواردات تامة الصنع وشبه المصنعة مقابل تقليص حصة الصناعة الوطنية، وهو ما يهدد بالقضاء على صناعة الصلب فى المستقبل لصالح المنتج الأجنبى، وهو ما يسعى القرار الأخير بشأن فرض الرسوم لمواجهة هذه الأزمة.
هل معنى هذا أن استيراد الحديد سيتوقف؟ بالطبع لأ، فالقرار فرض رسوم بنسبة 15% على البيليت و25% على الحديد، ليعطى مساحة لمساواة السعر بين المنتج المصرى والأجنبى، خاصة وأن الواردات الأجنبية ترد بأسعار مغرقة للسوق فى مصر، نتجة حصولها على دعم تصديرى من دولها، فكيف يقومون بدعم صناعاتهم لتصديرها، ونحن لا نقوم بحماية مصانعنا المحلية.