تلقى حزب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ضربة موجعة، بعد نجاح مرشح حزب الشعب الجمهورى المعارض إكرام إمام أوغلو فى الفوز بالانتخابات البلدية لإسطنبول، متفوقا على رئيس الوزراء السابق بن على يلدريم، لينهى بذلك 25 عاما من سيطرة حزب العدالة والتنمية وأسلافه على المدينة، وتعد هذه الهزيمة ضربة قاسية بالنسبة لأردوغان، الذى بدأ مسيرته السياسية رئيسا لبلدية إسطنبول فى التسعينيات.
وأعلن الحزب رسميا اليوم الأربعاء، فوزه، بعد سجال دام لأكثر من أسبوعين، ودعت لجنة الانتخابات المحلية فى إسطنبول أوغلو لتسلم وثيقة تنصيبه رئيسًا للبلدية، ما يؤكد فشل محاولات حزب العدالة والحاكم وفشل طعونه التى قدمها على النتائج الأولية، حيث لم يتقبل هذه النتيجة بسهولة رغم أن أوغلو تحدث فى أول خطاب له بلهجة متصالحة عقب الإعلان عن فوزه الأسبوع الماضى، قائلا "إن العملية يجب أن تجرى باحترام وتفاهم وبالحوار متبادل، وأدعو الرئيس رجب طيب أردوغان إلى إبداء منتهى الحرص فى هذا المجال، وتخفيف التوتر خدمة لمصلحة الوطن والمنطقة".
لكن العدالة الإلهية أنصفت أوغلو، وبحسب صحيفة زمان التركية، أعلن نائب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب أن إمام أوغلو ومجموعة من القيادات الحزبية توجهوا إلى مقر لجنة الانتخابات فى قصر جاغلايان العدلى للحصول على وثيقة تفويضه رئيسًا لبلدية إسطنبول، بعدما انتهت اللجنة العليا للانتخابات فى تركيا من إجراءات إعادة فرز الأصوات فى بلدة مالتابه التابعة لإسطنبول، ومن المتوقع أن تبدأ مراسم تسليم المهام لرئيس البلدية الجديد مساء اليوم.
مع الانتصار الذى حققه الرجل على أردوغان صار حديث وسائل الاعلام حيث ألقت الضوء على سياسى صاعد ينظر إليه مبكرا كونه صار منافسا للرئيس، فضلا عن أن فوزه أصبح يحمل دلالة رمزية على الاستياء من الحزب الحاكم ولو بين 15 مليونا يقطنون أكبر معاقله وهى إسطنبول، حيث هيمن لسنوات على هيكل السلطة فى هذا البلد وسيطر على بلديات المدن الكبرى لأكثر من عقدين من الزمن.
4 ملايين و169 ألفًا و765 صوتًا، حصل عليها الرجل فى مدينة إسطنبول وهزم الحصان الأسود لأردوغان بن على يلدريم مرشح حزب العدالة والتنمية الذى حصد 4 ملايين و156 ألفًا و36 صوتًا، وبات يهدد الحزب الحاكم بفقدان قاعدته الشعبية فى تركيا برمتها، مستخدما فى ذلك مهارة وحكمة فى خوضه هذا المعترك الذى لم يكن سهلا، فبينما عمل أردوغان فى الحملة الانتخابية التى خاضها بنفسه لمرشحى الحزب الحاكم وصدر خطاب عمل على تعزيز الانقسام والاستقطاب السياسى الحاد مع خصومه السياسيين، خاض إمام أغلو حملة انتخابية بجدارة وحكمة، متفاديا إثارة الانقسام واستفزاز الناخبين، ولجأ إلى خطب ود مختلف قطاعات الناخبين.
من هو "إمام اوغلو"؟
بدا إمام أوغلو نجم صاعد يهدد مستقبل الرئيس رجب طيب أردوغان وقاعدته الشعبية فى إسطنبول، وينحدر إمام أوغلو من أسرة متدينة ومحافظة من الناحية الاجتماعية ولها تاريخ طويل فى العمل السياسى، فوالده مؤسس فرع حزب الوطن الأم بزعامة رئيس وزراء تركيا الراحل تورجوت أوزال فى مدينة طرابزون وهى مسقط رأسه شمال تركيا وولد فى العام 1970.
حاصل على بكالوريوس بإدارة الأعمال من جامعة إسطنبول، ورسم طريق النجاح فى عدة مجالات، منها إدارة شركة مختصة بأعمال البناء، وكان مديراً لنادى "طرابزون" المحلى لكرة القدم بمدينة طرابزون، وتزوج فى 1995 من امرأة تشتهر فى اسطنبول بنشاطها الاجتماعى والخيرى ولديه 3 أبناء.
انخرط فى العمل السياسى بالانضمام فى 2008 إلى "حزب الشعب الجمهورى" المعارض، وانتزع رئاسة بلدية حى بيليكدوزو فى القسم الأوروبى من اسطنبول من حزب العدالة والتنمية، وفى انتخابات عام 2014، سيطر إمام أوغلو وحزبه على البلدية ورئاستها وأقصى حزب أردوغان، ويمكن القول إن عام 2019 بداية لطريق طويل فى التنافس بين اوغلو وأردوغان، قد يشتد فى انتخابات 2023.