على مدار عقد كامل من الزمن، تتجدد أزمة طلاب الثانوية السودانية، من المصريين، وبالتحديد مع فتح باب التنسيق كل عام لكنها فى الأيام الأخيرة أثيرت بشكل مختلف بعدما تم احتجاز عدد من الطلاب المصريين بالسودان مؤخرا بتهمة تسريب امتحانات الثانوية العامة، تلك الواقعة التى أعادت فتح ملف الأزمات المتكررة للطالب المصرى الحاصل على تلك الشهادة.
الاتهامات بتسريب امتحانات الثانوية العامة فى السودان يُعد أحدث الحلقات فى مسلسل أزمات الطالب المصرى الحاصل على تلك الشهادة خاصة أن هؤلاء الطلاب لهم مشكلة سنوية مع مكتب التنسيق الذى دائما ما يرفض قبولهم فى الكليات المصرية مما كان يدفعهم لإقامة وقفات احتجاجية وكذلك إقامة دعاوى قضائية.
جذب الطلاب
وتنتشر صفحات عبّر موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" من أجل ترغيب الطلاب للالتحاق بالشهادة السودانية وتعديد مزاياها بشرط التواصل مع القائمين على المكاتب، ويتركز أغلب تلك المكاتب بشكل كبير فى محافظة كفر الشيخ.
وتعلن تلك المكاتب عن نشاطها كالتالى: "أدخل طب أو هندسة بأقل مذاكرة وأقل مجموع، الثانوية السودانية"، التى تتضمن بيانات كالتالى: "دلوقتى تقدر تدخل، كلية الطب من 83 %، والهندسة من 72 %،والصيدلة من 77%، وطب أسنان من 81.5 %، واقتصاد وعلوم سياسية من 75%، أو أى كلية أخرى بأقل مجموع وأقل مذاكرة".
ويُضيف الإعلان: "لو أنت ناجح فى الصف الثانى الثانوى فى الثانوية المصرية سواء كنت حاليا فى 3 ثانوى أو فى الجامعة أو مخلص جامعة تقدر تدرس 3 ثانوى سودانى فقط"، وتدخل أى كلية من كليات القمة فى الجامعات المصرية الحكومية، وبدون سفر طول فترة الدراسة "انت هتذاكر وهتاخد دروسك فى مصر وهنوفر لك الكتب والمذكرات ومدرسين على أعلى مستوى متفرغين ومتخصصين فى تدريس مواد الثانوية السودانية فقط وسفرك للسودان سيكون أسبوعين الامتحانات فقط ".
ويُوضح المعلنون عبّر صفحات "فيس بوك" المختلفة أن الطلاب يُمكنهم تحديد التخصص سواء علمى أو أدبى فى الثانوية السودانية سواء كان الطالب أدبى أو علمى فى الثانوية المصرية.
تاريخ الأزمة
حلم الانضمام إلى كليات القمة دفع طلاب الثانوية السودانية إلى الدخول فى طريق طويل من الصراع بدأ فى يونيو عام 2007، اشتعلت أزمة طلبة المدارس الثانوية السودانية بعدما تقدم 1500 طالب وطالبة حينها بـ"مذكرة" إلى مجلس الشعب احتجاجا على عدم قبولهم فى الجامعات المصرية، مؤكدين على أن تلك الشهادات معترف بها منذ عام 1974 والجماعات المصرية تقبل الحاصلين على تلك الشهادة.. فى هذا الوقت، قال الدكتور هانى هلال، وزير التعليم العالى آنذاك: "هؤلاء الطلاب يتحايلون على القانون، فالحصول على الثانوية السودانية بدون الإقامة هناك من أجل الحصول على مجموع كبير والالتحاق بكليات القمة، مخالفة صريحة".
وأعلن وزير التعليم فى بيان له أمام مجلس الشعب آنذاك، أنه لن يقبل هؤلاء الطلاب بالجامعات المصرية، موضحا أن نظام الشهادات المعادلة له قواعده المعتمدة من المجلس الأعلى للجامعات، ولن يتم خرق تلك القواعد.
وما بين القبول فى الجامعات المصرية والرفض تارة استمر الحال بين طلاب الشهادة الثانوية السودانية والحكومة إلى أن تفجرت الأوضاع فى عام 2013 بعدما رفض أحمد فرحات مدير مكتب التنسيق فى جامعة القاهرة آنذاك منح الطلاب مظاريف التقدم للالتحاق بالجامعات المصرية إلا بعد تقديم ما يثبت أن لديهم إقامة فى السودان مما أغضب الطلاب وهددوا بالاعتصام آنذاك وبعدها لجوء إلى ساحة القضاء خاصة أن مدير مكتب التنسيق أكد على أنه لديه قرار منذ عام 2007 بضرورة تنفيذ تلك الضوابط من أجل قبولهم فى الكليات، وفى 31 أكتوبر 2013، قضت محكمة القضاء الإدارى لمجلس الدولة الدائرة "6" تعليم بإلزام الدكتور حسام عيسى وزير التعليم العالى آنذاك بتنسيق الطلاب المصريين الحاصلين على الشهادة الثانوية، وعلى هذا المنوال توالت الأحكام القضائية أمام الدوائر الأخرى.
وبالنسبة لوزارة التعليم فإنها تعاملت مع الأزمة المزمنة فى العام الماضى من خلال تشكيل لجنة قانونية لدراسة الوضع القانونى للطلاب، وبالفعل وافقت فى 26 أكتوبر عام 2015 على قبول 205 طلاب ممن حصلوا على الثانوية السودانية عام 2014/2015، وهم الذين لم يسبق لهم التقدم لمكتب التنسيق قبل ذلك ولم يتم توزيعهم على كليات فى سنوات سابقة، وذلك بعد كتابة إقرار للطالب وولى أمره بصحة البيانات التى تم تقديمها إلكترونيا أو ورقيا، لاسيما أن 311 طالبا تقدم سجل رغباته على موقع التنسيق فى هذا العام.
شهادة طالب مصرى
حلقات الصراع على مدار السنوات بين الطلاب والحكومة تُثير استغراب الكثيرين والتساؤلات حول أسباب إصرار أولياء الأمور والطلاب على اللجوء إلى شهادة الثانوية السودانية مع الوضع فى الاعتبار أن أغلب الطلاب وأولياء أمورهم ليسوا من المقيمين فى الدولة العربية.. "أ. ن" طالب مصرى أدى امتحانات الشهادة الثانوية السودانية منذ أيام قليلة، كشف عن السبب الرئيسى فى سفره إلى السودان هو سهولة الامتحانات بالمقارنة مع الثانوية المصرية التى تحتاج إلى جهد كبير ومصاريف دون وجود ضمانات للنجاح فى النهاية".
وكشف الطالب المصرى لـ"انفراد"، أنه علم بقصة الثانوية السودانية عبّر إحدى الصفحات على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" من خلال إعلان لأحد المكاتب التعليمية، كان يُعدد مزايا السفر والحصول على الشهادة من دولة السودان، قائلا: "دفعت 20 ألف جنيه لأحد مكاتب السمسرة من أجل إنهاء الإجراءات، لكنهم لم يفعلوا أى شىء وقمت أنا بإنهاء الإجراءات فى القاهرة، وكذلك الحال فى السودان، مضيفًا: "المكتب وفر سكن غير لائق بالمرة واضطررت لأغادره واستأجرت آخر على حسابى،والخلاصة أن تلك المكاتب تستغل جهلك بالموضوع رغم سهولته".
وأشار "أ.ن" إلى أن الأفضل بالنسبة للطلاب المصريين الراغبين فى الحصول على الشهادة السودانية تكوين مجموعة وإنهاء الإجراءات من تلقاء أنفسهم بدلا من أن يستغلهم السماسرة الذين يتواجد أغلبهم فى محافظة كفر الشيخ، مؤكدًا أن مصاريفه الشخصية تخطت حاجز 40 ألف جنيه.
وتعليقا على أزمة واقعة تسريب الامتحانات واتهام طلاب مصريين فى الواقعة، ومدى تأثير ذلك الأمر على رأى الطلاب المصريين من الاقدام على تلك الخطوة فى الفترة المقبلة، قال الطالب: "بالتأكيد يجب على الجميع أن يقلق لكنه قرر ترك الأمور على الله، وانتظار ما ستسفر عنه النتيجة وبعدها الاستعداد للتنسيق الذى يعد الهاجس الأكبر لكافة الطلاب الذين يلجئون للشهادة السودانية".