جعلونى لاجئاً " الحلقة الثانية .. أطفال سوريا بالمخيمات حياة تقاوم الموت..3.5 مليون طفل سورى لاجئ يعيشون أوضاعا صعبة و94% منهم تحت خط الفقر .. أمل بنت الـ16 فرقت الحرب شمل أسرتها .. ومحمد ابن الـ14 مه

-1.3 مليون فرد عدد السوريين فى الأردن، منهم 661850 مسجلون رسميا بصفة لاجئ، أكثر من نصفهم أطفال، 38% من هؤلاء الأطفال غير ملتحقين أو انقطعوا عن المدارس - 85 %من الأطفال السوريين فى الأردن يعيشون تحت خط الفقر -3.5 مليون طفل لاجئ سورى تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا يعيشون أوضاعا صعبة -94 %من الأطفال السوريين، دون الخامسة يعانون فقراً «متعدد الأبعاد» فى المجتمعات المضيفة، ومحرومون من الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية -أمل بنت الـ16 فرقت الحرب شمل أسرتها فهزمت الأحزان بعد 7 سنوات من بتر ساقها واستشهاد اثنين من أشقائها -نجوان أصابتها قذيفة وعمرها عام وقتلت أمها وإخوتها وتسببت فى عجز أبيها - محمد ابن الـ14 عاما مهدد بالشلل بعدما استغل صاحب مزرعة قوته البدنية فى العمل عتالاً قتلت القذيفة اثنين من أشقاء أمل بينما أصيبت هى وشقيقتها الكبرى إيناس التى كانت وقتها فى سن 20 عاما إصابات خطيرة، وتم نقلهما للعلاج بالأردن. أقامت أمل الطفلة التى لم يتجاوز عمرها وقتها 9 سنوات هى وشقيقتها فترات طويلة بالمستشفى تتلقى العلاج بعد بتر ساقها، طفلة يائسة محبطة تحمل رعبا وحزنا وتجربة مريرة تفوق سنواتها التسع أضعافا مضاعفة، حاول عدد من المتطوعين بالأردن وعدد من الجمعيات الخيرية ومنظمات الإغاثة التخفيف عن أمل وشقيقتها ومساعدتهما وتم تركيب طرف صناعى لها حتى استطاعت الحركة بعد فترة. ظلت الطفلة وشقيقتها بالمستشفى بينما بقى والدها وباقى أشقائها فى سوريا، وخلال فترة علاجها شاهدت حالات أطفال أكثر صعوبة وخطورة وبؤساً، حاولت الخروج من أحزانها وبدأت فى مساعدة المتطوعين لاحتواء الحالات الأصعب للأطفال والتخفيف عنهم، ساعدها بعض المتطوعين فى استخراج أوراق ثبوتية وبعد تعافيها أقامت مع شقيقتها فى مخيم الزعترى لاستكمال العلاج والدراسة وعملت شقيقتها مع إحدى الجمعيات، وبعد فترة انخرطت فى العمل التطوعى، شاهدها المخرج السورى نوار بلبل، واستعان بها مع عدد من الأطفال السوريين للمشاركة فى مسرحية «سفينة الحب» التى جسدت مأساة اللاجئين السوريين الذين يبحثون عن حياة جديدة. تقول أمل التى تدرس بالمرحلة الثانوية إنها تنسى أحزانها وتجربتها المريرة بالعمل التطوعى: «ربما يساعدنى العمل والتطوع أن أعود لبلدى ومدرستى التى تحطمت وأن أرى أهلى الذين حرمت منهم بسوريا»، حيث تجد أسرة أمل صعوبة فى السفر إلى الأردن، وتحول ظروف الحرب والدراسة بين عودة أمل وشقيقتها لسوريا. مأساة أطفال سوريا بالأرقام واقع مرير يحياه الأطفال السوريون داخل الأراضى السورية أو فى مناطق اللجوء والنزوح، بعضهم فقد أحد والديه أو كليهما أو أحد أشقائه أو أكثر، والكثيرون منهم فقدوا أجزاء من أجسادهم وتعرضوا لإصابات خطيرة، وجميعهم تركت الأحداث المأساوية التى عايشوها آثارا وأحزانا لن تنمحى من ذاكرتهم، وفرضت عليهم حياة بائسة داخل الوطن أو خارجه فى مناطق اللجوء، ومنها مخيمات اللاجئين بالأردن. ويترجم هذا الواقع المرير العديد من الإحصائيات التى رصدت جزءاً من معاناة الأطفال السوريين اللاجئين، حيث أكدت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن ما يزيد على 3.5 مليون طفل لاجئ سورى تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا يعيشون أوضاعا صعبة، ما أدى إلى تسرب عدد كبير منهم من التعليم. وأشارت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف إلى أن 94% من الأطفال السوريين، دون الخامسة يعانون فقراً «متعدد الأبعاد» فى المجتمعات المضيفة، ومحرومون من الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية فى التعليم، والصحة، والمياه والصرف الصحى، والحماية، والسلامة. وفيما يتعلق بالأطفال السوريين فى الأردن أكدت اليونسيف أن 85% منهم يعيشون تحت خط الفقر، وتعانى الأسر السورية من صعوبات متزايدة فى تلبية احتياجاتها الأساسية، وكيفية إطعام أطفالها وتعليمهم وحمايتهم، حيث يقدَّر عدد السوريين فى الأردن بنحو 1.3 مليون فرد، منهم 661850 مسجلون رسميا بصفة لاجئ، أكثر من نصفهم أطفال، مؤكدة أن 38% من هؤلاء الأطفال غير ملتحقين أو انقطعوا عن المدارس، لأسباب تتعلق ببُعد المسافة، والتكلفة، والافتقار إلى أماكن، وبسبب تعرضهم للتنمر، وأن 16% من الأطفال تحت سن 5 سنوات لا يملكون شهادات ميلاد، وهو ما يعرّضهم لتحديات ومخاطر مستقبلاً. ويعتبر مخيم الزعترى أكبر مخيم للاجئين السوريين فى الأردن بل وفى الشرق الأوسط. صدقة ونجوان.. لاجئ يساعد لاجئين بملابس وألوان مهرج وقف بين أطفال المخيم يوزع البالونات، يعرف أغلب أطفال المخيمات سواء فى الزعترى أو المخيمات العشوائية التى يعيش فيها عدد كبير من اللاجئين السوريين الذين يعملون بالأراضى الزراعية كوسيلة لكسب الرزق تعينهم على أعباء الحياة، عرف منذ طفولته معنى أن يكون الطفل لاجئا بلا وطن، ووهب حياته لمساعدة الأطفال اللاجئين.. محمود صدقة لاجئ فلسطينى يعيش بالأردن ويبلغ من العمر 53 عاما، عاش مئات الحكايات والمآسى منذ الأزمة السورية ونزوح اللاجئين إلى الأردن، لا ينتمى لأى منظمة ولديه مئات الأفكار التى نفذ الكثير بالجهود الذاتية والتطوعية للتخفيف عن الأطفال. يحمل مجموعة بالونات ويمنحها للطفلة نجوان ذات السبع سنوات التى تسكن مع جدتها لأمها بمخيم الزعترى، لتطلق الطفلة البالونات فى الهواء كما تعودت وهى تهتف «لوجه الله»، حتى يلتقطها باقى الأطفال فترسم البسمة على وجوههم. يحكى «صدقة» عن نجوان قائلا: «صديقتى الصغيرة أعرفها منذ 6 سنوات، رأيتها جريحة لا يتجاوز عمرها عاما واحدا حين دخلت الأردن مع والدها بعدما أصابتهم قذيفة فى سوريا» يكمل مأساة الطفلة: «كانوا أسرة غنية ووضعهم المادى جيد وكان الأب يعمل محاميا، وخلال اشتعال الأحداث فى سوريا أصابتهم قذيفة فماتت أمها وشقيقاها، وأصيبت نجوان ووالدها إصابات بالغة وكانا بين الحياة والموت، كانت الصغيرة تنزف بشدة ودخلت فى غيبوبة بينما نالت القذيفة من نصف الأب الأيسر، ولا يزال يتلقى العلاج خارج المخيم بينما تعيش الطفلة مع جدتها لأمها وأخوالها بمخيم الزعترى، بعدما تعافت من جراحها الخطيرة واستعانت بجهاز تعويضى يعينها على الحركة، بينما أصيب الأب بنسبة عجز وصلت إلى 80% ولا يزال يستكمل علاجه». يتحدث محمود صدقة عن إجراءات الدخول للأردن قائلا: «يتم إسعاف الجرحى دون أوراق وبعد علاجهم يتم استكمال الإجراءات والأوراق الثبوتية، واستخراج بطاقات هوية للأطفال ليكونوا تحت مظلة برنامج الحماية التابع لليونسيف، وفى حالة وفاة الوالدين يدخل الطفل مع أحد من أقاربه، ويحصل اللاجئ السورى على وثائق ثبوتية وهوية أمنية من مفوضية اللاجئين والحكومة الأردنية تحمل رقم و تاريخ وطريقة الدخول». تشير الجدة التى فقدت ابنتها الوحيدة وتعيش فى مخيم الزعترى مع أبنائها الثلاثة وحفيدتها نجوان إلى تفوق الطفلة، حيث تدرس بالصف الثانى الابتدائى وتحصل دائما على المراكز الأولى وعلى شهادات تقدير، موضحة أن من حق الطفل السورى اللاجئ الالتحاق بأى مدرسة حكومية أردنية بشرط أن يكون معه أوراق ثبوتية من مفوضية اللاجئين وهوية أمنية ليدرس بأى مدرسة قريبة من سكنه لو كان يعيش خارج المخيم، بينما يدرس أطفال مخيم الزعترى فى مدارس خاصة بهم داخل المخيم، والتعليم بها إلزامى حتى الصف التاسع، وكانت هذه المدارس فى البداية عبارة عن خيام تطورت إلى هناجر ثم كرفانات وتقوم المنظمات الدولية بمنح الأطفال فيها بعض الوجبات». ورغم تحسن أوضاع مخيمات اللجوء بالأردن وتطورها عن بداية تكوينها إلا أنها تشهد واقعا مؤلماً يفقد فيه الصغار طفولتهم، فالكثيرون منهم تسربوا من التعليم، ووجدت الكثير من الأسر فى الزواج المبكر حلاً للتخفيف من الضغوط التى تعانيها بالتخلص من فتياتها القاصرات فيما أطلق عليه زواج السترة، بينما انخرط عدد كبير من الأطفال فى سوق العمل لمساعدة الأسر على أعباء الحياة حتى وإن كان فى أعمال تفوق قدرتهم البدنية، رغم أن عمالة الأطفال خارج المخيم أو داخل المخيم ممنوعة، ولكن تضطر الأسر لتشغيل أطفالها لمواجهة الأعباء والظروف الصعبة. مأساة محمد.. الأطفال يحملون سوءات السياسة محمد الذى لا يتجاوز عمره 14 عاما أحد هؤلاء الأطفال فهو أكبر الأبناء لأسرة تتكون من 5 أطفال أصغر منه، ويعمل هو ووالده فى أحد المزارع، وبسبب بنيانه القوى استغله صاحب المزرعة ليعمل عتالاً يحمل الأشياء الثقيلة حتى تأثر عمود الفقرى وأصبح الطفل غير قادر على العمل ومهددا بالشلل، يرقد الطفل داخل الخيمة بعد إجراء جراحة، بمساعدة عدد من المتطوعين حيث اعتبرت عدد من الجمعيات أن حالته لا تدخل ضمن الحالات الحرجة التى تتبناها ويعيش على المسكنات لتخفيف آلامه. ومع تزايد الأعداد واستمرار الأزمة توقفت بعض المنظمات وقلت المساعدات والإعانات المقدمة للاجئين السوريين، وازدادت أعباؤهم خاصة مع وجود حالات مرضية. يقول محمود صدقة: «فى بعض الحالات يمكن أن تتسول الأسرة لعلاج أطفالها، مشيرا إلى اضطرار بعض السوريين أحيانا لبيع الكارفانات الخاصة بهم والتى تختلف أنواعها بحسب الدول المتبرعة، لدفع تكلفة علاج أو جراحة ومنهم أب أصيب طفله بخلع فى الكتف أثناء الولادة، فاضطر لبيع الكارفان لاستكمال نفقة الجراحة حتى لا يعانى الطفل من إعاقة باقى حياته»، وهو نفس ما فعلته أم أحمد وهى أم لطفلين وتسكن خيمة مصنوعة من الحديد والمعدن لا تحميها وأطفالها من البرد أو الحر، بعد أن باعت الكارفان الذى حصلت عليه من قبل لاستكمال علاج زوجها. وتزداد الأزمة مع إصابة أحد أفراد الأسرة وخاصة الأطفال بمرض مزمن، يحتاج لعلاج مستمر، وإلا كان البديل هو الموت، وهو ما يعانى منه والد أحمد ومحمود المصابان بمرض فى الدم «الثلاسيميا» ويحتاجان لأدوية عالية التكاليف للبقاء على قيد الحياة، حيث خففت الحكومة الأردنية من الدعم المقدم للاجئين بعد تزايد الأعباء المالية وفرض قوانين ضاعفت بشكل كبير تكاليف الحصول على الرعاية الصحية للاجئين السوريين، فأصبح على كل لاجئ أن يتحمل نسبة كبيرة من تكاليف علاجه، وأصبح على الأب توفير ما يزيد على 2500 دينار شهريا لابنيه حتى يبقى كل منهما على قيد الحياة، وتساعده فى ذلك بعض الجمعيات الخيرية والمتبرعين. المخيمات العشوائية.. الإقامة على هامش الحياة انتقلنا إلى المخيمات العشوائية التى يعيش أهلها ظروفا أكثر بؤسا ويعيش أطفالها واقعا أكثر مرارة، حيث يعمل أغلب سكانها أطفالا وكبارا فى الأراضى الزراعية وتعانى هذه المخيمات ظروفا صعبة خاصة مع الأمطار والسيول، ولكن لا بديل أمام أهلها لكسب الرزق واستمرار الحياة سوى العيش فيها. داخل إحدى الخيام تسكن أم حسام مع أبنائها السبعة، بعد وفاة زوجها خلال الأحداث السورية، تعمل الأم وابناها حسام 15 عاما وأحمد 14 عاما فى الأراضى الزراعية، حيث لا تقل فترة العمل عن 12 ساعة يوميا، ويعمل فيها عدد من الأطفال والنساء إلى جانب الرجال، تجرى الطفلة زينب التى لا تتجاوز 9 سنوات على محمود صدقة وتحاول بصعوبة نطق بعض كلمات الترحيب، فالطفلة التى كانت أسرتها تعتقد أنها خرساء ولا تسمع منذ كان عمرها عامين، ولم يتم عرضها على طبيب بسبب الظروف الصعبة ومأساة الحرب واللجوء، كان صدقة أحد أسباب الانتباه لحالتها حيث عرضها على طبيب ونشر قصتها على صفحته التى تمتلئ بعشرات القصص عن أطفال سوريا اللاجئين، ويضع لها شعار «كن إنسانا أو مت وأنت تحاول» وأبياتا من الشعر تقول: «فإن لم تجدوا سبباً للفـرح والأمـل.. اخترعوا أسبـابـاً، ولا ترضوا بالعيش على الهامش»، فتعاطف الكثيرون مع حالة زينب وساعدوا فى علاجها، وتركيب سماعة لها غيرت كثيرا من حياتها. يحكى صدقة عن أول مرة قامت فيها الطفلة بتركيب السماعة وحرصه أن يختار أفضل ما يمكن أن تسمعه لأول مرة فى حياتها، لذلك اصطحبها إلى إحدى الحدائق ليكون صوت العصافير أول شىء تسمعه، تدمع عيناه وهو يتذكر فرحة الطفلة ومشاعرها وانبهارها فى هذه اللحظات. يشير إلى أن أسرة زينب لم تصدق أن الطفلة أصبحت تسمع وظلوا لفترة يتعاملون معها بلغة الإشارة، ولإقناعهم أحضر صدقة مجموعة بالونات وربطها فى أنحاء الخيمة، وظل يردد اسم اللون وزينب تحاول أن تردد مثله، وكانت تنتفض كلما سمعت صوت فرقة إحدى البالونات، فبكت والدتها عندما أيقنت أن ابنتها تسمع وتحاول أن تنطق. تشير أم حسام إلى أن الكثير من السيدات السوريات انخرطن فى سوق العمل والكثيرات منهن يعملن فى ظروف صعبة وشاقة، فمنهن من يعملن فى الأراضى الزراعية أو كعاملات نظافة. يداعب أطفالها كلبا صغيرا أصروا على الاحتفاظ به رغم اعتراض الأم التى قالت لأطفالها حين أحضروا الكلب «ما أقدر على طعامكم، كيف نطعم هذا الكلب»، فرد ابنها أحمد قائلا «اللى بيرزقنا برزقه». أحلام رغم أنف الواقع ينطلق محمود صدقة مع عدد من أطفال المخيمات العشوائية الذين يحملون بعض الأقلام والكراريس إلى إحدى الخيمات التى تحمل لافتة «مدرسة الأحلام»، والتى أقامها عدد من المتطوعين لاستيعاب الأطفال المتسربين من التعليم ليلون مع الأطفال جدران المدرسة. يشير إلى أن كثيرا من الأطفال تسربوا من التعليم بعد انقطاعهم عن الدراسة لظروف الحرب واللجوء، أو بسبب صعوبة الحصول على أوراق ثبوتية، كما أن الكثيرين يعرفون أنهم حتى وإن حصلوا على شهادات فى مناطق اللجوء فلن يستفيدوا بها إذا عادوا لبلدهم. وأوضح: «أصبحت المخيمات العشوائية واقعا بعد اشتغال السوريين فى هذه المزارع، التى يمد أصحابها خطوط مياه وكهرباء، فتأتى الأسرة السورية ليعمل معظم أفرادها فى المزرعة ويقيمون فى خيمات بدائية، مما تسبب فى تسرب عدد كبير من الأطفال الذين لا يستطيعون الانتظام بالمدراس». وأضاف: «فكرت بفكرة مجنونة لعمل مدرسة لاستيعاب هؤلاء الأطفال، فاشتريت خيمة مستعملة، ووجدت معلمة سورية من سكان المخيم العشوائى تحمست للفكرة مع عدد من المتطوعين وقليل من التبرعات، وتحمس كل الأهالى والأطفال الذين تعاونوا فى تنظيف الخيمة وتلوينها وصنعوا مدرسة الأحلام بأيديهم وهم من أطلقوا عليها الاسم». وتابع: «يأتى الأطفال الأكبر سناً الذين يعملون فى الصباح بعد انتهاء عملهم للتعلم فى المدرسة بالفترة المسائية، بينما يأتى الصغار فى الفترة الصباحية، ويقوم بعض المتطوعين بإعطاء الأطفال مجموعات تقوية، ولدينا عدد كبير من المتفوقين الذين يحصلون على شهادات تقدير». وأردف قائلا: «عشت بمخيم للاجئين الفلسطينيين لمدة 20 سنة، وأستطيع أن أشعر بمشاعر الأطفال السوريين، وأعرف ما يفرحهم ويحزنهم، فإحساس اللاجئ لا يشعر به إلا من عاشه، حين تحتاج كل بديهيات الحياة إلى مجهود ومعاناة، وحين يشعر الإنسان أنه ترك بيته لينام فى الشارع، ويصبح الحصول على الطعام والمياه وأبسط الأشياء وحتى قضاء الحاجة واستخدام الحمام يستوجب الوقوف بطابور». «ليس لدى أجندة وليس لى أى انتماء سياسى وانتمائى الوحيد للأطفال والإنسانية، والأطفال هنا يحبون مدرسة الأحلام، لأنهم هم الذين وضعوا القوانين التى يسيرون عليها، ويشعرون بطفولتهم فيها». يشير إلى الطفلة ياسمين إحدى الطالبات التى كانت تحمل مع بداية التحاقها بمدرسة الأحلام حقيبة صنعتها أمها من كيس أرز، فالتقط لها صورة وهى تحمل تلك الحقيبة ونشرها على صفحته لتصل للمدرسة 200 حقيبة مدرسية كتبرعات للأطفال، كما تلقت مدرسة الأحلام تبرعات عبارة عن تيشرتات تحمل اسم المدرسة كزى يرتديه الأطفال أثناء فترة الدراسة. وفى الخيمة يمارس الأطفال كل الأنشطة إلى جانب الدراسة بعد أن يبدأوا يومهم بالغناء مرددين: «مدرستى صارت خيمة.. لو على صوت الرصاص بنخربش على القرطاس حروفك يا أبجدية». يحتفظ صدقة ببعض الرسومات التى أهداها له طلاب وطالبات مدرسة الأحلام ورسموها بأيديهم وكتبوا فيها عبارات شكر وامتنان: «الأطفال أهدونى هذذه الرسومات والكروت وأعتبرها أعظم وأغلى وأصدق هدية حصلت عليها». محاولات اصطياد الفرح فى المخيمات يشير محمود صدقة إلى بعض الطرق التى يساعد بها المتطوعون الأطفال على الاحتفال باستقبال شهر رمضان والأعياد فى هذه الظروف الصعبة قائلا: «يبتكر المتطوعون كثير من الطرق لمحاولة التخفيف عن الأطفال فى هذا الواقع المرير». وأوضح: «فى العيد استأجر عربة يجرها حمار وأملأها بالبالونات والصفارات والزمامير. وأدخل بها المخيم لتحمل الأطفال ذهابا وعودة وهم يغنون ويلعبون، وفى كل المناسبات أرتدى زى المهرج لإضحاك الأطفال وأتعاون مع عدد من المتطوعين لتوزيع الهدايا والألعاب وإقامة حفلات للأطفال المتفوقين». يتحدث عن دور المتطوعين فى محاولة تغيير الواقع البائس للاجئين بصفة عامة وللأطفال بصفة خاصة: «هناك متطوع على الأقل من كل أسرة سورية، إضافة إلى باقى المتطوعين من الأردن، وهؤلاء تركوا بصمة فى حياة الناس». يحاول المتطوعون التخفيف عن الأطفال بكل الوسائل وبعضهم كون فرق تمثيل من أطفال المخيمات وقدموا بعض العروض، واكتشفوا عشرات المواهب، ومنها الطفل عبدالله الذى أكد أنه من خلال التمثيل يمكن أن يساهم هو وزملاءه فى تجسيد مأساة أطفال سوريا وتوصيلها للعالم، فيما أشار صديقه إبراهيم ذو الـ16 عاما إلى أنه لم يكن يتخيل أنه يستطيع أن يمثل ويقوم بهذه المهارات الحركية بعد بتر ساقه، ولكنه استطاع بالتدريب أن يشارك فى عدد من العروض المسرحية: «عمرى ما فكرت أمثل، وكنت أظن أنه مستحيل أقوم بهذه الحركات والمهارات، لكن بالتدريب استطعت عمل المستحيل، والآن أستطيع مساعدة وطنى بالفن ليصل صوتى وأصوات رفاقى للعالم». فيما أقام عدد من المتطوعين مشروع حمل اسم «أرقام تتنفس» يهدف للمساعدة فى علاج وإنقاذ الأطفال المرضى الذين يحتاجون لإجراء جراحات عن طريق التبرعات والمساعدات، ويعمل هؤلاء المتطوعون طوال الوقت للترفيه عن الأطفال ومحاولة التخفيف عنهم بكل الطرق، كما تحاول الأمهات رغم الواقع المرير تزيين المخيمات وترتيبها فى محاولة للتعود والتآلف والتصالح مع واقع اللجوء المر الذى حرمهن وحرم أطفالهن من حياة طبيعية ومن أبسط الحقوق، ويبقى كل ذلك محاولات لاصطياد الفرح وانتزاع البسمة من رحم الأزمة والتخفيف عن قلوب منهكة وأجساد مرهقة وأرواح ممزقة وطفولة فرضت عليها السياسة والأطماع واقعا بائساً وحياة بهوية لاجئ محاصر مشتت داخل أو خارج مخيم. وقفت أمل ذات الـ16 ربيعا تغنى بين أطفال مخيم الزعترى للاجئين السوريين مرتدية قناعا لشخصية كارتونية فى حفل أقامه مجموعة من المتطوعين بالمخيم لـ1600 طالب وطالبة وأسرهم، حاولت أمل ورفاقها رسم الابتسامة على وجوه الجميع رغم الحزن الدفين والذكريات القاسية والواقع المؤلم، لم تتوقف أمل عن الحركة حتى انتهاء الحفل، توزع المشروبات وغزل البنات والبالونات على الأطفال، وفى نهاية الحفل جلست فى ركن تخلع القناع الكرتونى ليظهر من تحت ملابسها الطرف الصناعى الذى ترتديه ليعينها على الحركة والمشى بعد بتر ساقها. أغمضت أمل عينيها وعادت بالذاكرة سبع سنوات إلى الوراء حين كانت فى التاسعة من عمرها تعيش مع أسرتها بسوريا وفجأة تعرضت المنطقة التى يقيمون فيها للقصف، تتعالى أنفاس أمل وهى تتذكر هذه التجربة المريرة حين اصطحبهم الأب فى محاولة للهرب من جحيم القصف، وفى طريق الهرب أصابتهم قذيفة، يرن فى أذنها صوت الصراخ، ومشهد الدماء التى غطت وجهها وحالة الفزع التى أصابت الجميع ومشهد ساقها الممزقة قبل أن تغيب عن الوعى.








































































الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;