يبدأ العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود زيارته الرسمية التاريخية للقاهرة الخميس المقبل، حيث ستشهد الزيارة التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم حول مجالات التعاون المختلفة، التى تم الاتفاق عليها خلال الاجتماعات المتتالية التى شهدتها القاهرة والرياض فى إطار المجلس التنسيقى "المصرى – السعودى".
زيارة العاهل السعودى لمصر كما قال وزير الخارجية سامح شكرى، لـ"انفراد" تأتى فى وقت مهم، لتكريس أهمية العلاقة وإزالة كل مواضع الشك، وتقر بأن هناك اهتمامًا متبادلا من الملك بشخصه ورمزية قيادته للملكة، حيث تؤكد ارتباط البلدين قيادة وحكومة وشعبا بعلاقات ود وصداقة متوارثة عبر التاريخ، وتعيد التأكيد على التعاون الوثيق بين القاهرة والرياض، والذى أزداد قوة بعد ثورة 30 يونيو التى أظهرت المكانة التى تحتفظ بها مصر لدى السعوديين.
وكانت المملكة فى وجه كل الحملات الخارجية التى حاولت استهداف مصر بعد هذه الثورة التى أزاحت الإخوان عن حكم مصر، وهى السياسة التى استمر عليها الملك سلمان المرتبط تاريخيًا بمصر.
ومن يتابع تحركات المملكة بعد مبايعة الملك سلمان ملكاً للسعودية فى الثالث والعشرين من يناير 2015 أثر وفاة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، سيجد أن السعودية أثبتت على يديه للعالم عمق الاستقرار السياسي وحجم التماسك بين قيادتها وشعبها، وأصبحت نموذجاً تاريخياً للوحدة الوطنية النادرة.
وقد تجاوزت المملكة مرحلة مهمة من تاريخها بثقة وعزم وسلاسة، وبرهن الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ توليه مقاليد الحكم، أن الوطن والمواطن عينان فى رأس واحدة، لا قيمة لأى منهما بمعزل عن الآخر، ولم يتردد لتفعيل هذه التوأمة فى دعوة مختلف شرائح المجتمع السعودى إلى لقاءات أسبوعية وشهرية، يستمع من خلالها إلى الآراء والأفكار والملاحظات التى تسهم فى خلق تنمية حديثة وشاملة، يعود نفعها على الوطن والمواطن.
ومنذ مبايعة خادم الحرمين الشريفين، شهد عام 2015 تحركاتٍ دبلوماسية كثيفة للمملكة، فقد أخذ الملك سلمان على عاتقه إبراز دور المملكة فى مجابهة التحديات التى تواجه المنطقة العربية بحكمة وحزم، فأعلن "عاصفة الحزم" وتبعها بـ"إعادة الأمل" فى اليمن، وأضحت الرياض فى عامه الأول فى الحكم قبلة للاتصالات الدبلوماسية العربية والأجنبية.
كما أستمر الملك سلمان فى اتخاذ القرارات الحاسمة التى تحفظ للوطن والمواطن هيبته وكرامته، فمع قرب انتهاء العام الأول لحكمه، صدر قرار المملكة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بعد الاعتداءات الآثـمة التى تعرضت لها بعثتها الدبلوماسية بمدينتى "طهران" و"مشهد"، والتى حدثت على مرأى ومسمع السلطات الإيرانية، متعهداً بالاستمرار فى الدفاع عن أمن وسلامة أراضى الوطن والمواطنين فى الداخل والخارج.
وتميّزت مسيرة الملك سلمان السياسية والإدارية بتحقيق النجاحات الباهرة منذ توليه إمارة الرياض ثم ولياً للعهد، ووزيراً للدفاع، ويصفه المقرّبون منه بأنه رجل الدولة المحنك الحاضر دائماً فى صياغة قراراتها، وصناعة مواقفها وتكييف علاقاتها الخارجية وفق ما تقتضيه مصلحة الوطن، وربما كان أقرب وصف له أنه دولة فى رجل، وتاريخه القيادى والسياسى يشهد بمهارته في فن القيادة، وإتقانه المعادلات السياسية، وجمعه بين الحزم واللين مع قدرة فائقة فى التعامل مع المواطنين فى مجلسه المفتوح للعامة.
كما تتميز مسيرة العاهل السعودى بعطاء كبير فى مجالات العمل الخيرى والاجتماعى والإنسانى داخل المملكة وخارجها، منحته عن جدارة واستحقاق لقب "أمير الإنسانية"، كما أمتدت عطاءات خادم الحرمين الشريفين فى كافة ميادين العمل الاجتماعى والإنسانى لعقودٍ عديدة، وذلك من خلال رئاسته للعديد من المؤسسات الخيرية والاجتماعية والتى تقدم خدماتها لفئات كثيرة من أبناء المجتمع، بالإضافة إلى دعمه المستمر لمؤسسات العمل الاجتماعى والخيرى فى مجالات العلوم والبحث العلمي، وتشجيعه العمل التطوعى فى هذه النوعية من المجالات التى تصب بدورها فى التنمية المستدامة، وامتدت عطاءات الملك سلمان فى مجالات العمل الاجتماعى والإنسانى بالخير إلى خارج حدود المملكة حيث قام بتأسيس "مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية" لإغاثة المجتمعات التى تعانى من الكوارث ورفع معاناتها.
ومن واقع ما رصدته المراكز البحثية السعودية والدولية أيضاً، فحينما تولى الملك سلمان منصب وزير الدفاع، فى نوفمبر 2011 شهدت وزارة الدفاع فى عهده تطويراً شاملاً لجميع قطاعاتها البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوى، وقد وصل أداء القوات المسلحة السعودية إلى مستوى راقٍ، حيث شهدت تطوراً كبيراً فى إعداد العسكريين ورفع كفاءتهم وتزويدهم بأرقى المنظومات العسكرية المتطورة.
وقضى خادم الحرمين الشريفين أكثر من عامين ونصف ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء أثر تعيينه فى 18 يونيو 2012، وبقى حينها فى منصبه وزيراً للدفاع، حيث أثبت خلال مسيرته الدبلوماسية حنكة متميزة وأداءً مشرفاً، كان بمثابة السلم الذى اعتلى عليه ووصل من خلاله إلى مختلف المناصب القيادية.
وعلى مدار العامين الماضيين شهدت الرياض والقاهرة زيارات متبادلة بين القيادات المصرية والسعودية بما يدلل على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، ويمكن رصد هذه الزيارات فى الأتى :
- فى 10 مارس 2016 قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارة للسعودية لحضور البيان الختامى لمناورات "رعد الشمال" 2016، بمدينة الملك خالد العسكرية بمنطقة حفر الباطن فى السعودية، بحضور العاهل السعودي وعدد من زعماء الدول العربية والإسلامية، وشارك فى التدريب نحو 300 ألف عسكرى من 14 دولة عربية و6 إسلامية، وتعد أضخم مناورة في تاريخ المنطقة، بهدف رفع جاهزية القوات من الأفرع الرئيسية المختلفة، برا وبحرا وجوا، وزيادة التنسيق بينها في المهام المشتركة.
- فى 15 ديسمبر 2015 قام الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولى ولى العهد النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالسعودية بزيارة لمصر، واستقبله الرئيس السيسى، وبحثا نتائج اجتماعات مجلس التنسيق المصرى السعودى المشترك، كما تطرقا إلى التحالف الإسلامى الذى يهدف إلى تعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والأفكار المتطرفة من خلال تشكيل آلية للتنسيق المشترك وتبادل المعلومات وبحث احتياجات الدول التى تواجه الإرهاب.
- فى الثانى من ديسمبر 2015 قام المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء بزيارة للسعودية على رأس وفد وزارى ضم كلا من وزيرا الدفاع الفريق أول صدقى صبحى والخارجية سامح شكري، ووزراء الكهرباء والاستثمار والإسكان والتعاون الدولى والبترول للمشاركة فى الاجتماع الأول للجنة التنسيقية المصرية – السعودية المشتركة.
- فى العاشر من نوفمبر 2015 قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارة للسعودية للمشاركة فى أعمال القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، وكان فى استقباله بالمطار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد بن نايف ولى العهد.
- فى 30 يوليو 2015 قام الأمير محمد بن سلمان ولي ولى عهد السعودية بزيارة لمصر، حيث شهد الامير محمد مع الرئيس السيسى الاحتفال بتخرج دفعات جديدة من الكلية الحربية والكلية الفنية العسكرية والمعهد الفنى للقوات المسلحة والمعهد الفنى للتمريض، كما بحثا الجانبان تدعيم العلاقات الثنائية وتحديات الأمن القومى العربى.
- فى الثانى من مايو 2015 قام الرئيس السيسى بزيارة للسعودية، التقى به خادم الحرمين وعقدا مباحثات عكست قوة ومتانة العلاقات التاريخية والوثيقة التى تجمع بين البلدين، كما تم استعرضا مستجدات الأوضاع على الساحتين العربية والإقليمية ، لاسيما فيما يتعلق بالتطورات الجارية فى اليمن وسبل الحفاظ على وحدة هذا البلد الشقيق وسلامة أراضيه ومؤسساته الشرعية ، فضلاً عن أهمية تكاتف جهود المجتمع الدولى لعدم السماح بالمساس بأمن البحر الأحمر وتهديد حركة الملاحة الدولية.
- فى 27 مارس 2015 قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة لمصر، لحضور القمة العربية فى دورتها الـ 26، حيث استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسى.
- 13 مارس 2015 قام مقرن بن عبد العزير آل سعود ولى عهد المملكة السابق بزيارة لمصر، لحضور مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى، واستقبله الرئيس السيسى على هامش المؤتمر.
- فى 28 فبراير 2015 قام الرئيس السيسى بزيارة للمملكة، والتقى خلالها الملك سلمان بن عبد العزيز، ووجه السيسى التهنئة لخادم الحرمين الشريفين على توليه سدة الحكم بالمملكة، متمنيا له كل النجاح والتوفيق وللمملكة وشعبها الشقيق كل الخير والاستقرار.
- فى 24 يناير 2015 قام الرئيس عبد الفتاح السيسى على رأس وفد رفيع المستوى بزيارة للسعودية لتقديم واجب العزاء فى وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
- فى 19 يناير 2015 قام الرئيس السيسى بزيارة سريعة للمملكة العربية السعودية فى طريق عودته من دولة الإمارات، للاطمئنان على صحة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، واستقبله الأمير سلمان ولي العهد وقتها .