دخلت مفاوضات تصدير الغاز الإسرائيلى لمصر نفقًا مظلمًا بعد قرار محكمة العدل العليا فى إسرائيل، بإلغاء "مخطط الغاز" الذى بلورته الحكومة الإسرائيلية مؤخرا، وذلك بالإضافة إلى الأزمة التى نشبت بين القاهرة وتل أبيب على أثر التعويضات التى تطالب بها شركة كهرباء إسرائيل بسبب توقف الغاز المصرى لتل أبيب بعد ثورة يناير 2011.
وكشف خبير الطاقة الإسرائيلى الدكتور أميت مور، رئيس شركة "إيكو إنرجى" إحدى كبرى الشركات الاستشارية فى سوق الطاقة، أن قرار المحكمة الإسرائيلية سيكون له عواقب سلبية على الاقتصاد الإسرائيلى، كما أنه سيؤثر على مسألة تصدير الغاز الإسرائيلى لمصر بشكل كبير.
وقال مور، خلال حوار أجرته معه صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، إن المحكمة العليا وضعت عصا فى عجلات تقدم مجال الغاز، وهذا يضع الدولة فى وضع محرج من ناحية الطاقة، خاصة أن الدولة تعتمد اليوم على أنبوب غاز واحد لجميع احتياجاتها فى مجال الطاقة.
وكان المخطط الذى أعدته حكومة بنيامين نتانياهو، سينظم الأرباح التى ستحصل عليها تل أبيب مقابل الأرباح التى ستحصل عليها الشركات الخاصة من ضخ الغاز، حيث أدخلت بندا خاصا سمته "بند الاستقرار" فى مخطط الغاز، تلتزم الحكومة بموجبه بعدم زيادة الضرائب على شركات الغاز لمدة 10 سنوات، وبذلك تضمن أرباح الشريك الأجنبى.
الآثار المترتبة على إلغاء خطة الغاز
وتناول مور، الآثار المترتبة على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن الغاز، مشيرا إلى أن القرار بإلغاء "بند الاستقرار" الذى وضعته حكومة تل أبيب بالتزام الحكومة على مدى السنوات العشر من تاريخ المصادقة على المخطط يبعدم زيادة الإيرادات الضريبية، سيعرقل الاستثمارات للشركة الأمريكية "نوبل أنرجى" بالحقول الإسرائيلية للغاز، مشددا على أن التأخير لمدة عام واحد فى تطوير احتياطيات الغاز من قبل الشركات الأجنبية، سوف يضر الاقتصاد الإسرائيلى بشكل هائل.
خسائر الاقتصاد
وأوضح رئيس شركة "إيكو إنرجى" الإسرائيلية، أن إلغاء خطة الحكومة، سيكلف الاقتصاد الإسرائيلى الكثير، حيث أنها كانت ستعتمد على التطوير حقول الغاز وبيعه للخارج، خاصة للأسواق الإقليمية مثل مصر والأردن، مشيرا إلى أن مصر تعد أكبر سوق لبيع الغاز الإسرائيلى له، لافتا إلى أن استثمار الغاز فى السوق المحلى داخل إسرائيل لن يتجاوز 1.5 مليار دولار، لأن السوق الإسرائيلى محدود، وبالتالى فإن هناك جهودًا مبذولة لتوسيع السوق من خلال التوسع فى استخدام نقل الغاز للخارج.
وعن تكاليف التطوير التى ستتوقف بموجب قرار المحكمة العليا، قال مور: "التنمية المحدودة هى مشكلة كبيرة، فنحن لدينا خطط لتطوير البنية التحتية الكبيرة كما لدينا اعتبارات استراتيجية قوية للأمن القومى، فنحن لدينا مصادر أخرى لإمدادات الغاز، واليوم كل إمدادات الغاز إلى إسرائيل تصل من أنبوب واحد، وأى خطأ أو هجوم استراتيجى قد يؤدى لجلوس إسرائيل فى الظلام لمدة أسابيع، ولذلك لاعتبارات الأمن القومى علينا تطوير حقول الغاز المكتشفة حديثا من خلال الاستثمار فى الحقول الكبيرة لتطوير الحقول الأخرى من عائدات تصدير الغاز".
بيع الغاز للأردن
وقال مور، إنه برغم من العلاقات الجيدة بين إسرائيل والأردن، فيما يتعلق بشراء الغاز الإسرائيلى، إلا رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو قد حذر فى الماضى ان الأردن قد تشترى الغاز من إيران.
صفقات الغاز مع مصر
وفيما يتعلق بصفقات بيع الغاز لمصر، قال مور: "هناك "صعوبة فى التفاوض على تصدير الغاز إلى مصر بسبب أسعار الغاز المنخفضة، فإسرائيل تريد تصدير الغاز لمنشآت الغاز المصرى من أجل إسالته ثم تخزينه فى ناقلات النفط وتسويقه لجميع أنحاء العالم، فأسعار الغاز الطبيعى المسال منخفضة جدا مما يجعل من الصعب توقيع عقود مع شركات عالمية، ومن المهم أن نتذكر أن تطوير مثل هذا المشروع سيستغرق اربعة سنوات وخلال هذه الفترة قد ترتفع أيضا أسعار النفط والغاز".
وأضاف خبير الطاقة الإسرائيلى، أن أزمة التعويضات بين شركة الكهرباء الإسرائيلية والقاهرة تزيد من صعوبة المفاوضات لتصدير الغاز لتضاف لأزمة قرار المحكمة العليا بمنع تصدير الغاز وأسعار الغاز المنخفضة، مشيرا إلى أن الغاز المصرى المكتشف حديثا قبالة السواحل المصرية سينافس الغاز الإسرائيلى من حيث السعر.
خطة نتانياهو
الجدير بالذكر، أن المخطط الذى أعدته حكومة نتانياهو، كان سينظم الأرباح التى ستحصل عليها تل أبيب مقابل الأرباح التى ستحصل عليها الشركات الخاصة من ضخ الغاز، مضيفة أن المخطط فشل فى تجاوز الهيئة العليا للقضاء الإسرائيلى، بعدما احتج القضاة على بند أدخلته الحكومة يضمن مصالح الشريك الأجنبى على حساب الإجراء الديموقراطى.
وكانت الحكومة قد أدخلت بندا خاصا سمته "بند الاستقرار" فى مخطط الغاز، تلتزم الحكومة بموجبه بعدم زيادة الضرائب على شركات الغاز لمدة 10 سنوات، وبذلك تضمن أرباح الشريك الأجنبى.
ورفض قضاة المحكمة هذا الإجراء بدعوى أنه غير ديموقراطى، ويحتاج إلى إجراء تشريعى منظم، رافضين ادعاء الحكومة أن "الكنيست"، أى السلطة التشريعية فى إسرائيل، وافقت بالتصويت على المخطط.
وجاء فى حيثيات قرار المحكمة العليا فى إسرائيل: "أن الحكومة الراهنة لا يمكنها أن تقيّد الحكومات القادمة، وأن هذا القرار غير ديموقراطى"، كما منح القرار الحكومة الإسرائيلية مدة سنة لإدخال التعديلات اللازمة على المخطط.
وجاء قرار المحكمة العليا فى قضية الغاز، جراء التماس قدمته منظمات وجمعيات إسرائيلية ناشطة ضد مخطط الغاز، فى ظل نضال شعبى ضد المخطط الذى يدعم رجال الأعمال على حساب الإسرائيليين.
الهجوم على قرار المحكمة
وهاجم خبراء فى قطاع الغاز قرار القضاء الإسرائيلى، قائلين إن القضاء يجمد تطوير قطاع الطاقة، الضرورى لإسرائيل، على حساب اعتبارات قانونية غير جوهرية.
وقال سياسيون إسرائيليون داعمون لمخطط الغاز أن المحكمة العليا تجاوزت حدودها، وأصبحت تتدخل فى مجال التشريع، مذكرين بمبدأ فصل السلطات، مقترحين سن قانون للالتفاف على المحكمة العليا، أى أن تصبح قرارات المحكمة العليا غير ملزمة، واعتبارها توصية.