فى التاريخ مراحل حاسمة تتغير فيها مصائر الدول والشعوب، وربما العالم كله، ويكون دور الفرد فيها حاسما، وعلى مدى التاريخ القديم والحديث ظهر قادة وزعماء كانوا أكثر من غيرهم تأثيرا وقدرة على تغيير مسارات الأحداث وخلال عهود مختلفة عرف العالم أبطالا أثروا فى مسارات الأحداث، وشغلوا مكانة بارزة فى تاريخ العالم، فى أوقات حاسمة، وقد ربط علماء التاريخ دور الفرد بتحولات سياسية وحضارية كبرى شكلت مصير العالم، وطوال شهر نقدم للقراء قصص أفرادا ظهروا فى زمن محدد وغيروا مسارات الأحداث، وكان لكل منهم دوره البارز فى التاريخ.
قرار الشعب الفرنسى بالثورة هو القرار الأصعب، فالثورة ليست الأمر السهل أو البسيط، والثورات ليست كالطرق معروف بدايتها ونهايتها وأماكن الاستراحات التى تتخللها، فالثورة الفرنسية والتى كانت لها تأثيرات عميقة على أوروبا والعالم الغربى عمومًا مرت بأربع مراحل متخلفة تمامًا من العنف ودماء إلى فساد مقنن، ففى المرحلة الأولى التى انطلقت عام 1789 حتى عام 1791، وكانت فرنسا متأثرة بل مشتعلة جدًا بسبب الاضطرابات الاجتماعية والسياسية بداخلها إذ كان الفرنسى فى بلاده إما سيدًا أو مستعبدًا حتى اندلعت هذه الثورة وأصبح مواطنًا له حقوق وعليه واجبات، وخلال هذه الفترة الأصعب والأهم فى تاريخ الثورة تم استدعاء المجلس العام للطبقات الذى تحدى الملك، وكانت هذه هى المرة الأولى منذ مدة طويلة يتم فيها استدعاء المقاطعات الثلاثة فى فرنسا من أجل التصويت بشكل متساوٍ أو نسبى، بدلًا من الخضوع للملك وأعلنت نفسها المجلس التشريعى للبلاد، وتولت السلطة، والسيادة، وبدأت بهدم وتمزيق نظام الحكم القديم، وبدأت بخلق فرنسا جديدة، عن طريق إعلان سلسلة من القوانين الجديدة، التى جرّدت قرونا من القوانين، والقواعد، والتقسيمات، وتعتبر هذه الأيام من أكثر الأيام اهتياجًا، وأهمية فى تاريخ أوروبا، وفشلت هذه المرحلة لأسباب كثيرة أهمها قوة رجال الملك الذين حاولوا إفشال سير الثورة، أما المرحلة الثانية للثورة الفرنسية تمتد من عام 1792 إلى عام 1794، وخلالها تم إنشاء أول جمهورية عام 1792، حيث إن الثورة أدت إلى مخطط تمثيلى أوسع، وتم انتخاب المؤتمر الوطنى، وظهرت مجموعة تتبع فكرا خاصا للوصول إلى السلطة، وقامت هذه الجماعة بتقديم الدعم لتخليص الآخرين من الاستعباد، وفى عام 1793 تم إعدام الملك، مما أدى إلى تأسيس «لجنة السلامة العامة» وأصبحت الثورة قومية، وموحِّدة، وساعدت على تنظيم الجيش، وكان رد الحكومة أن وظفت سياسات العنف المنظم كطريقة للسيطرة على الأمور، وكان رد الفعل على هذه التجاوزات من الحكومة قادرًا على أن يُفقد الحكومة السلطة الشرعية، وفشلت هذه المرحلة، بسبب كثرة الدماء والأعمال الوحشية، ثم انتقلت الثورة إلى مرحلة الفساد المقنن، وامتدت هذه المرحلة بين عام 1795 وعام 1799، فى الوقت الذى كانت فيه ثروات البلاد تتناقص وتتزايد بشكل متطرد، فى ذلك الوقت كان الذى يحكم فرنسا المجلس الإدارى من خلال سلسلة من الانقلابات، والتى جلبت شكلاً من أشكال السلام، وشكلاً من أشكال الفساد المُسلّم به، وفى هذا الوقت حققت الجيوش الفرنسية نجاحات كبيرة خارج البلاد، لدرجة أن البعض فكر فى الاستفادة من الجنرال فى خلق نوع جديد من الحكومة.
ومن الجدير بالذكر، أنه تم إنشاء دستور تمثيله ضعيف عام 1795، وظلت الثورة الفرنسية تترنح صعودًا وهبوطًا بعد إعدام الزعيم روبسبيار، وأعيدت إلى مسارها من جديد بعد ظهور نابليون بونابرت الزعيم العسكرى العظيم لفرنسا، وحلقت آنذاك ثقافة سياسية جديدة تؤمن بأنّ الشعب هو مصدر السيادة، من المراحل السابقة للثورة الفرنسية، يتبن أن نابليون بونابرت كان له فضل كبير فى تثبيت أركان الثورة والانحياز لها، فلو وضعت مشاهد مراحل الثورة الفرنسية وهى الثورة الأهم فى تاريخ أوروبا تجد أن شخصية نابيلون لعبت دورًا بارزًا فى هذه الثورة، فحمل هذا الجنرال مبادئها الإنسانية من حرية ومساواة وعدل وإخاء، وقد فرض مبادئ تلك الثورة بالعلم والعلماء مرة، وبالسيف والمدفع مرات أخرى لأنه كان رجل عبارة عن خلطة تشتمل على حسم العسكرية ومرونة السياسى وغزارة المثقف وموسعة المفكر وذا فكر محنك وعقلية عبقرية، رغم أنه كان قصير القامة محدود البنية.. فى السطور التالية نرصد رحلة نابيلون وأهم محطات فى حياته ومعاركه وانتصاراته وانكساراته.
نابيلون بونابرت.. ابن جزيرة المناضلين الشجعان
نابليون بونابرت والذى لقب بـ«نابليون الأول» ولد فى 15 أغسطس سنة 1769م فى جزيرة كورسيكا الواقعة بالبحر المتوسط تجاه الجنوب الفرنسى وفى غرب إيطاليا فى بلدة أجاكسيو، وهى جزيزة جميلة بديعة المناظر تتميز بكثرة الجبال الخضراء والغابات الكثيفة وأشجار الصنوبر والقسطل، وتحيط بها مياه البحر الزرقاء من كل جانب وتعلوها سماء صافية على مدار العام، ولكن سكانها مناضلون عنفاء شجعان محاربون أقوياء، خاضوا معارك كثيرة ومتلاحقة ضد الإيطالى المستبد من أجل استقلال جزيرة كورسيكا، إلى أن غزا جيش الملك الفرنسى لويس السادس عشر الجزيرة، وقام بضمها إلى فرنسا لتنضم أسرة نابيلون إلى فرنسا وتصبح أسرة فرنسية.
منذ صغره كان شغوفا بالحروب والمعارك وتولى القيادة وتزعم الجيوش، وشغوف أيضًا بدارسة التاريخ والجغرافيا معرفة سيرة القادة العظماء، فانفصل «نابيلون» عن بيئته ومسقط رأسه فى سن مبكرة، حيث غادر كورسيكا إلى فرنسا فى العاشرة من عمره إلى فرنسا، ليلحق بمدرسة حربية بباريس وكان طالبا ذكيا برع فى العلوم الرياضية وكان يميل فى أوقات فراغه لقراءة قصص وروايات أبطال الحروب، وتخرج نابيلون صاحب القامة القصيرة والبنية المحدودة وثيق النفس من المدرسة الحربية ليعمل ملازم ثانى بالجيش الملكى، وقضى هذه الفترة من حياته بين شيئين، نهارًا فى حياته العسكرية وليلًا بين القراءة للفلاسفة والشعراء وسير الأبطال، لينمى علقه بالفكر المستنير والانحياز للحرية والعدل والمساواة والحياة الكريمة للجميع، إلى أن جاءت الثورة الفرنسية.
أول ظهور حقيقى لـ«نابيلون بونابرت»
«الثورة تأكل أبناءها» هذه قاعدة معروفة للجميع إلا أن نابليون بونابرت القائل بأن «القائد هو تاجر الأمل وأفضل مزايا القادة برودة الأعصاب»، وضع حدا للفوضى الثورية وكرس لدولة قوية حتى أصبحت فرنسا إمبراطورية عظيمة بفضل جهوده، فقد تصاعدت الاضطرابات فى فرنسا وقد كانت بمثابة فرص ذهبية لجيل شاب وطموح من القادة العسكريين مثل نابليون للظهور على الساحة، ففى سنة 1795، اكتسب نابليون ثقة حكومة المديرين واحترامها بعدما تمكن من القضاء على القوى المناهضة للثورة، فعينته الحكومة قائدًا لجيش الداخل، وأضحى مستشارًا موثوقًا لديها فى المسائل العسكرية، وفى عام 1796، تولى نابليون قيادة الجيش الإيطالى الذى بلغ قوامه نحو 30 ألف جندى، فعمل على إعادة تنظيمه وتشكيله، وقاده لتحقيق العديد من الانتصارات الحاسمة على النمساويين، وهكذا بزغ نجم نابليون بوصفه من أبرز قادة الجيش الفرنسى وأمهرهم وقد تعزّزت صورة نابليون لدى الشعب الفرنسى بعد زواجه من جوزيفين دى بوارنيه، أرملة الجنرال ألكسندر دى بوارنيه، أحد قادة الثورة الفرنسية، وقد حقق نابيلون فى هذه الفترة انتصارات لفرنسا عظيمة، فالجنرال الشاب تمكن من هزيمة البريطانيين وإيقافهم فى معركة ميناء طولون وغزا النمسا ليصبح بطلا شعبيا.
مصر.. محطة فى تاريخ نابيلون بونابرت لمدة 12 شهرا
صعود اسم نابيلون بونابرت فى فرنسا، زرع الخوف لدى حكومة «المديرين الفرنسية» من تعاظم سلطته وشعبيته، لترسله كقائد للحملة الفرنسية العسكرية لغزو مصر عام 1789م بهدف قطع طريق التجارة بين بريطانيا وحماية مصالح الدولة الفرنسية، وبهذه الطريقة تتخلص منه.
عام واحد قضاه نابليون بونابرت فى مصر خلال حملته العسكرية على الشرق خلف وراءه كمّا كبيرا من القصص والحكايات، فضلا عن الوثائق والمراسلات التى تجيب عن كثير من أسئلة باتت تداعب خيال الكتاب والمؤرخين الفرنسيين والأوروبيين والمصريين، وفى هذا الصدد يقول الجنرال الفرنسى برتران، أحد أبرز قادة الحملة الفرنسية، فى شهادته التاريخية بعنوان «حملات مصر وسوريا» المنشورة فى باريس عام 1847 نقلًا عن بونابرت: إن «أصعب السياسات تلك التى اعتبرت الدين عقبة أساسية أمام استقرار السلطات الفرنسية، فقد كتب فولنيه «مستشرق فرنسى» عام 1788، قائلًا لكى تستقر فى مصر لا بد من شن ثلاثة حروب: الأولى ضد إنجلترا، والثانية ضد الباب العالى «السلطة الحاكمة للدولة العثمانية»، والثالثة، وهى أصعبهم جميعا، ضد المسلمين الذين يشكلون غالبية شعب هذا البلد».
نابيلون بونابرت للشعب المصرى: «أحترم رسول الإسلام والقرآن الكريم»
كان بونابرت أول مستعمر فى مصر يلجأ إلى استخدام عبارات تداعب مشاعر المصريين دينيا، كما يتضح من صيغة بيانه الأول الصادر للأهالى باللغة العربية، إذ بدأ بونابرت بيانه الأول الذى أورده المؤرخ المصرى عبد الرحمن الجبرتى، المعاصر للحملة، فى كتابه «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار» ما نصه:
«بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله، لا ولد له، ولا شريك له فى الملك، من طرف الفرنساوية المبنى على أساس الحرية والتسوية، السر عسكر الكبير أمير الجيوش الفرنساوية بونابرته، يُعّرف أهالى مصر جميعهم.. قد قيل لكم، إننى ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم، فذلك كذب صريح، فلا تصدقوه، وقولوا للمفترين إننى ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين، وإننى أكثر من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالى، وأحترم نبيه والقرآن العظيم».
«أيها المشايخ والقضاة.. قولوا لأمتكم أن الفرنساوية هم أيضا مسلمون مخلصون، وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا فى رومية الكبرى وخربوا فيها كرسى البابا الذى دائما يحث النصارى على محاربة الإسلام.. طوبى ثم طوبى لأهالى مصر الذين يتفقون معنا بلا تأخير فيُصلح مالهم وتُعلى مراتبهم، طوبى أيضًا للذين يقعدون فى مساكنهم غير مائلين لأحد من الفريقين المتحاربين.. لكن الويل كل الويل للذين يعتمدون على المماليك فى محاربتنا، فلا يجدون بعد ذلك طريقًا إلى الخلاص ولا يبقى منهم أثر».
دخول نابيلون بونابرت لمصر وخروجه منها، يوضح كيف كان يغزو الجنرال الفرنسى البلاد، فقبل دخول أى أراضى يدرس الأول شعبها ليعرف ماذا يحب وماذا يكره، فحرص بونابرت فى تصريحاته وأفعاله منذ أول يوم وطأت فيه قدمه أرض مصر على أن يرسخ فكرة المدافع الذى لم يأت لهدم دين الإسلام واضطهاد المسلمين، بل أشار فى أكثر من موضع إلى احترامه لله ونبى الإسلام والقرآن، كما أعلن «انضمامه إلى الإسلام».
كما كان يوجه النصح لمقاتليه فى جيشه عندما أصدر لهم بيانه الأول قبل دخوله لمصر والهدف العسكرى من الحملة، بتاريخ 12 يوليو 1798 على متن سفينة القيادة يلخص فيه دوافعه كما يلى نقلا عن النص الوارد فى مذكرات جوزيف مارى مواريه -أحد ضباط الحملة الفرنسية فى مصر- ووضع بونابرت فى متن نفس النص أسس التعامل بين الفريقين، الفرنسى «المسيحى» والمصرى «المسلم»، تفاديا لحدوث خسائر قائلا: «اعلموا أن الشعوب التى نحن بصدد العيش معها هى شعوب محمدية، وأول أسس إيمانهم هى شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، لا تعارضوهم وعاملوهم مثلما عاملتم اليهود والإيطاليين، وراعوا مفتيىّ ديارهم وأئمتهم كما راعيتم الأحبار والرهبان، وانظروا إلى احتفالياتهم وطقوسهم التى شرعها القرآن، وإلى مساجدهم، بنفس عين التسامح التى أوليتموها للأديرة والمعابد اليهودية، لدين موسى ويسوع المسيح».
العودة إلى فرنسا.. وتمكين الثورة
أثناء وجود «نابيلون» بونابرت فى مصر كان يتابع بشكل دقيق جدًا المشهد فى فرنسا من خلال الصحف والاطلاع الدقيق على المراسلات وقد نما إلى علمه ضعف سلطة الحكومة الفرنسية ولأنه كان رجلا قادرا على التمييز بين الصفقات الرابحة والخاسرة، فقرر خلسة الخروج من مصر 1799 تاركا وراءه رسالة إلى قائده الأبرز الجنرال كليبر يحمّله مسؤولية قيادة مصر وجيش الشرق، ليعود إلى فرنسا، وينحاز مرة ثانية إلى الثورة إذ قام بعزل حكومة الإدارة وأنشأ بدلاً منها حكومة مؤلفة من 3 قناصل، وتقلّد هو بنفسه منصب القنصل الأول؛ ثم سعى فى إعلان نفسه إمبراطورًا وتم له هذا بعد 5 سنوات بإعلان من مجلس الشيوخ الفرنسى،وخاضت الإمبراطورية الفرنسية نزاعات عدّة خلال العقد الأول من القرن التاسع عشر، عُرفت باسم الحروب النابليونية، ودخلت فيها جميع القوى العظمى فى أوروبا، أحرزت فرنسا انتصارات باهرة فى ذلك العهد، على جميع الدول التى قاتلتها، وجعلت لنفسها مركزًا رئيسيًا فى أوروبا القارية، ومدّت أصابعها فى شؤون جميع الدول الأوروبية تقريبًا، حيث قام بونابرت بتوسيع نطاق التدخل الفرنسى فى المسائل السياسية الأوروبية عن طريق خلق تحالفات مع بعض الدول.
مؤسس الدساتير والديمقراطية والمصلح السياسى والاقتصادى
لأن «بونابرت» مزيج من «السياسى والعسكرى» فقاد الجنرال إصلاحات كبيرة فى فرنسا بجوار حروبه، فكانت العلاقات الودية بين الدولة الفرنسية والكنيسة الكاثوليكية قد انقطعت إبان الثورة ولما تولى نابليون الحكم رأى أن مصلحة فرنسا تقتضى إعادة التفاهم بين الكنيسة وفرنسا، فاعترف نابليون عام 1801 بالمعاهدة بالبابا رئيسًا للكنيسة وأزال بعض القيود التى فرضتها الثورة على رجال الدين، ومقابل ذلك اعترف البابا بمصادرة أملاك الكنيسة على أن تدفع الدولة رواتب رجال الدين. وبهذا الاتفاق عادت المياه إلى مجاريها بين فرنسا والبابا.
كما كان فى فرنسا قبل الثورة ما يقرب من 300 قانون يختلف الواحد منها عن الآخر، وجميعها نافذة فى المناطق الفرنسية المختلفة، فألّف نابليون لجنة مكونة من كبار رجال القانون وطلب إليها توحيد الشرع الفرنسى، وبعد بضع سنوات من العمل الشاق أخرجت تلك اللجنة للعالم كله فى سنة 1804 قانونًا مدنيًا عرف باسم «قانون نابليون» وهو ينص على حقوق الأفراد وواجباتهم وعلى أمور الزواج وطلاق والميراث وغير ذلك، كذلك، أنشأ نابليون فى سنة 1801 «مصرف فرنسا» ومنحه حق إصدار الأوراق المالية فاستعاد النقد الفرنسى قيمته وثقة الناس به بعد أن كانت تلك الثقة قد تزعزعت خلال الثورة، وظلت حياة نابيلون مليئة بالانتصارات والانتصارات ثم انتهت بالانكسارات وقد خلف وراءه إرثا سياسيا واقتصاديا وعسكريا.