نقلا عن اليومى..
ليس هناك مقياس ثابت فى مهنة التمثيل، فاليوم عكس الأمس، والغد قد يكون أفضل عند البعض، وأسوأ عند الآخر، وجوه لا نعرفها تصير نجوما بين يوم وليلة، وأخرى غابت عن الشاشة وأفل نجمها بعد أن كانت ملء السمع والبصر، قواعد السوق تغيرت فى كل فرع (سينما، دراما، مسرح) منتجو الدراما والسينما يلهثون وراء النجم والنجمة، وجمهور المسرح يذهب لمشاهدة الوجوه الجديدة.. وسقط فى نهر الفن بعضا من رموزه _ مثلا أين ذهب محمود ياسين، عزت العلايلى، سهير رمزى، سميرة أحمد، محمد صبحى؟ وغيرهم، هؤلاء النجوم لم يعتزلوا أو يستأذنوا فى الانصراف من على الشاشة، كما فعل مثلا الأستاذ الراحل محمد حسنين هيكل عندما أراد الانصراف عن الكتابة فى سبتمبر 2003 بعدما استوفى عامه الثمانين وقال: «ما يساورنى الآن يتلخص فى أفضلية أن يتساءل الناس: لماذا يستأذن هذا الرجل فى الانصراف متعجلا؟، بدلا من أن يكون سؤالهم لماذا يتلكأ هذا الرجل متثاقلا؟».
ورغم تجاوز بعض هؤلاء النجوم عامه الـ 70 فإنهم لم يعلنوا اعتزالهم، منهم محمود ياسين (آخر أعماله كان فيلم «جدو حبيبى» عام 2012 وقبله مسلسل ماما فى القسم عام 2010)، لم يعد يظهر فى أعمال فنية، ودائما ما يصرح أنه يرغب فى تقديم عمل فنى متكامل، دون أن يخرج أى عمل للنور، كذلك سميرة أحمد، حيث ابتعدت عن الشاشة طوال الـ 6 سنوات الأخيرة، وعزت العلايلى (آخر أعماله ربيع الغضب عام 2013) وتوقفت المشاريع الأخرى التى يشارك فيها منها مسلسل «ستائر الخوف» و«همس الجذور»، ومحمد صبحى (آخر أعماله سلسلة ونيس) وسهير رمزى (آخر أعمالها مسلسل «حبيب الروح» 2006، وتوقف مشروعها «جداول» الذى لم يكتمل تصويره حتى الآن).. هؤلاء النجوم ربما لا يقبلون الظهور فى أعمال متواضعة أو قليلة الجودة الفنية، إذن فماذا عن ممثلى الأدوار الثانية نرمين الفقى، محيى إسماعيل، مفيد عاشور، إبراهيم نصر، محمد عبد الجواد، شريف خير الله، ندى بسيونى، نسرين إمام، محمود مسعود، فادية عبد الغنى، تيسير فهمى، ناصر سيف، محمد شرف، محمد خيرى، وغيرهم.. الذين لا نجدهم فى أعمال فنية لا سينما ولا تليفزيون.
ربما يثير هذا تساؤلا ظل يشغل بال الكثيرين.. هل مهنة التمثيل لعنة تطارد أبناءها أم نعمة تجلب لهم الأموال؟.. الكاتب والسيناريست بشير الديك يقول لـ «انفراد»: «التمثيل مهنة جميلة لكنها غدارة، تقييمك كفنان وإنسان فى يد آخرين، وهم وحدهم الذين يحكمون عليك إما بالرفع إلى عنان السماء أو العكس، وهنا تظهر القسوة»، ويستكمل الكاتب حديثه: «المهنة بها إغراءات وأيضا بها إبداع حقيقى.. ومن عيوبها أنها غدارة، فما أكثر النجوم الذين توفوا وهم فى حالة مادية سيئة، ليس فى هذا الزمن فقط وإنما فى الأبيض والأسود أيضاً».
ويضيف الكاتب: «ليس هناك مقياس ثابت فى الفن، الفنان الذى ليس له أصحاب يجلس بلا عمل، وهذا التوقيت الذى نعيش فيه أصبح مختلفا عن الماضى، وربما باتت مقولة الدور بينادى على صاحبه لا تجيب همها»، ويرى بشير الديك أن ممثلى الأدوار الثانية هم الأكثر ضررا من ممثلى الصف الأول، لأن عددهم أكبر، يقول: «ممثل الصف الأول إن جلس بلا عمل فلا ضرر عليه كممثل الدور الثانى، لأن عائده المادى أكبر، فبالتالى لن ينضر»، وشدد الكاتب على أن الدولة لابد ترعى الفنانين وتساهم فى إنتاج أعمال فنية بعيدا عن الشركات الخاصة التى تعتمد على وجوه معينة.
ويرى المخرج محمد فاضل أن النعمة أو النقمة تنطبق على أى شىء فى الدنيا ومنها الفن، ويقول: «التمثيل فن لو لم يستخدم فى طريقه السليم لعنة، الفنون وجدت من أجل الخير»، ويضيف: «الظروف الآن غير طبيعية واستثنائية وهذا أثر على كل شىء، ومن ضمنها العاملون فى مجالات الفنون».
ويضيف المخرج: «قوانين التجارة تغيرت والمنتجون أصبحوا يبحثون عن المكسب السريع والربح أكثر من جودة العمل الفنى، حتى لو كانت العناصر ليست جيدة، ومعادلة الإنتاج تسير نحو الأرخص، بمعنى أن المنتج يبحث عن نجم يمنحه كل الفلوس، ويكتفى بوجود بعض الممثلين بجواره وخلاص».
ولفت محمد فاضل إلى أن المهنة لا تدوم لأحد قائلا: «نرى فى بعض الأحيان أن النجم يلمع لفترة ثم ينساه الناس فورا»، واختتم المخرج: «طول ما الدولة شايلة إيدها من إنتاج الأعمال ستظل الأزمة باقية كما هى وربما تزيد».