إذا كان انتحار إنسان هو أمر مريع، فإن انتحار مجموعة من البشر فى وقت واحد وخلال فترة زمنية محددة، أمر يستدعى أكثر من وقفة وأكثر من كتاب أو دراسة.
نقرأ معا كتاب الانتحار الجماعى لـ صادق عبد على الركابى، والذى ينقل عن منظمة الصحة العالمية، إنه فى كل 39 دقيقة يحصل حادث انتحار، وبذلك يكون أحد الأسباب الرئيسية للموت فى العالم. وهناك من 10 إلى 20 مليون محاولة انتحار فاشلة فى العالم كل سنة.
ومن أقدم حوادث الانتحار التى تذكرها لنا كتب التاريخ وهى أقرب للأسطورة منها إلى الحقيقة، ما ورد فى سفر القضاة الإصحاحات 13- 16 عن قصة صراع شمشون وهدمه المعبد على كل من فيه وهم منهم.
ومن أشهر حوادث الانتحار الجماعية فى التاريخ:
انتحار مقاتلى نومانشيا فى 133 قبل الميلاد
فى صيف 133 قبل الميلاد وبعد حصار دام من ثمانية إلى ستة عشر شهرا، فضل مقاتلو نومانشيا الواقعة فى شبه الجزيرة الأيبيرية، الانتحار بدلا من الاستسلام بأيدى أعدائهم الرومان قبل أن يضرموا النيران فى مدينتهم، بلغ عدد المنتحرين والقتلى حوالى 4 آلاف إنسان.
انتحار النسوة التيونونيات فى روما بعد معركة أكوا سيشيا
فى أواخر القرن الثانى قبل الميلاد، زحف التوتون مع جيرانهم (السمبرى) جنوبا عبر بلاد الغال (فرنسا) لمهاجمة إيطاليا الرومانية. وبعد عدة انتصارات للجيش الغازى، استطاع القائد الرومانى جايوس ماريوس فى 102 قبل الميلاد دحر السمبرى والتيوتون فى معركة أكوا سيشيا، قرب فرنسا حاليا، ثم أسر مكهم تيوتوبود واقتيد مغلولا بالأصفاد، نفذت السبايا من النساء عملية انتحار جماعى، اشتهرت فى الأساطير الرومانية بكونها بطولة جرمانية، فمن ضمن شروط الاستسلام، أن يسلم المنهزمون ثلاثمائة امرأة من المتزوجات إلى الرومان، وعندما سمعت النسوة التوتونيات الكبار بهذا الشرط، التمسن من القنصل أن يطلق سراحهن للعمل كخادمات فى معابد سيريس وفينوس، وعندما رفض طلبهن وأبعدن من قبل الحاشية، ذبحن أطفالهن أولا وفى اليوم التالى وجدت قتيلات على يد إحداهن، بينما قمن الأخريات بشنق أنفسهن.
انتحار اليهود فى قلعة مسادا
فى القرن الأول الميلادى نفذ 960 فردا من أفراد الطائفة اليهودية فى مسادا عملية انتحار جماعى، بدلا من الاستسلام والاستبعاد على يد الرومان. قتل كل رجل زوجته وأطفاله، ثم أجروا قرعة على قتل أحدهم الآخر حتى قتل آخر رجل منهم نفسه.
انتحار أسر وفرسان طائفة الراجبوت الهندية
كان يجرى فى القرون الوسطى أحيانا طقس للانتحار الجماعى يسمى (جوهر) على يد طوائف الراجبوت الهندية، عندما يشعرون ان سقوط مدينتهم المحاصرة بات مؤكدا وذلك من أجل تجنب الاستسلام والعار والتحول القسرى عن دينهم. أشهر الأمثلة عن طقس الجوهر هو الحالات الثلاث التى حصلت فى قلعة شتور فى راجستان فى الأعوام 1304 و1353 و1568 ميلادية.
انتحار اللتوانيين فى قلعة بيلاناى
بعد أن حاصر جيش الفرسان التيوتون فى 1336 قلعة بيلاناى فى لتوانيا، وأدرك المدافعون بقيادة الدوق مارجريس أنه لم يعد بمقدورهم الدفاع عن أنفسهم، اتخذوا قرارا بتنفيذ انتحار جماعى وإضرام النيران فى القلعة لتدمير جميع ممتلكاتهم وأى شيء ذى قيمة للعدو.
انتحار نساء السوليوت فى اليونان
خلال الاحتلال العثمانى لليونان وقبل حرب الاستقلال اليونانية بفترة قصيرة، صعدت نساء سولى، اللواتى كان يتعقبهن الأتراك، جبل زالونجو، ورمين أطفالهن من على قمة الجبل، وبعدها رمين بأنفسهن لتجنب الوقوع فى الأسر، وذلك فى عام 1803.
انتحار الفرسان السبعة والأربعين
حصلت قصة هؤلاء الفرسان فى بداية القرن الثامن عشر فى اليابان، وتعتبر أشهر قصة تعبر عن قانون الشرف لفرسان الساموراى اليابانيين، وتخبرنا القصة عن مجموعة من فرسان الساموراى الذين فقدوا قائدهم أو سيدهم الإقطاعى الذى أجبر على الانتحار بطريقة السيبوكو لإهانته رئيس البلاط كيرا يوشيناكا. قام هؤلاء الفرسان بالثأر لشرف سيدهم فانتظروا وخططوا لأكثر من سنة حتى قتلوا كيرا، بعدها أجبر هؤلاء أيضا على الانتحار بطريقة السيبوكو لارتكابهم جريمة قتل.
انتحار أمراء ورعايا جزيرة بالى
مارس سكان جزيرة بالى بإندونيسيا طقسا دينيا يتضمن القيام بعملية انتحار جماعى يسمى بوبوتان. وأكبر عملية انتحار جماعى وفق هذا الطقس حصلت خلال العامين 1906 و1908 عندما تعرضت ممالك بالى لغزو القوات الهولندية الاستعمارية، بلغ عدد المنتحرين فى حادث 28 أبريل 1908 والذى حصل فى مملكة كونج بحدود مائتى شخص ضمنهم الملك وأسرته وأتباعه.
انتحار اليابانيين بعد معركة سايبان
عرفت اليابان تاريخا طويلا من تقاليد الانتحار، ابتداء من السيبوكو أو الهارا – كيرى إلى مقاتلى الكاميكاز الذين انتحروا بطائراتهم على البوارج الأمريكية حلال الحرب العالمية الثانية. وخلال الحرب نفسها انتحر المئات من اليابانيين المحاصرين على جزيرة.