واصل البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية التأكيد على رغبته فى التقارب ما بين الطوائف المسيحية، وذلك خلال رحلته الرعوية الأخيرة لأوروبا، رغم ما تثيره تلك القضية من هجوم على البابا من قبل التيار التقليدى داخل الكنيسة القبطية والذى يعتبر أى محاولة للتقارب وفتح أفق حوار مع الكنائس المختلفة عقائديًا هى خروج على الإيمان الأرثوذكسى القويم.
البابا تواضروس: للآسف لسنا متحدين مع الكاثوليك
البابا تواضروس أجاب بشجاعة نادرة على سؤال تم توجيهه له من قبل شباب كنيسة السيدة العذراء ودسوردولف بألمانيا إذ كان نص السؤال "هل نحن متحدون مع الكنيسة الكاثوليكية فى كل شئ؟".
قال البابا تواضروس: للآسف لا، ولكن بيننا لجنة حوار لاهوتى تجتمع فى الأسبوع الأخير من شهر يناير، مرة نلتقى فى الفاتيكان ومرة فى أحد الكنائس الشقيقة، وهناك أجندة حوار وندرس نقاط ولكن لم نصل لنتيجة نهائية يمكن أن نعلنها حتى اليوم وأوضح البابا قائلا: لديهم أسرار وكهنوت وأصوام، وهم كنيسة رسولية مثلنا، ورغم وجود اختلاف ولكن تذكروا أن هناك إنجيل واحد ومسيح واحد واشتياق لملكوت واحد، مختتما: وصلوا لكى نصل إلى اتحاد الإيمان، وما بيننا محبة وتعاون وزيارات وهو قائم وموجود ونشجعه باستمرار.
بينما أشار البابا خلال لقائه بشعب كنيسة التر الألمانية إلى قضية توحيد الأعياد مع الكاثوليك وقال البابا تواضروس أن مصر تعيد حسب التقويم الشرقى عيد الميلاد فى 7 يناير وعيد القيامة حسب نظام محاسبي بحيث يأتي العيد يوم أحد بعد الفصح اليهودى والاعتدال الربيعى، بينما يعيد الكاثوليك حسب التقويم الغربى.
وأوضح البابا: كل أربعة سنوات نلتقى مع الكاثوليك فى عيد موحد وهذا العام احتفلوا قبلنا بأسبوع، فالتاريخ مرتبط فى أذهاننا بالطوائف فى حين أن المسيح لا يرتبط بالتاريخ، وهى قضية تقويم وليس لها أى علاقة بالعقيدة أو اللاهوت.
التيار التقليدي يواصل الهجوم على البابا متعللا بتقاليد كنسية
فى المقابل، فإن جهود البابا تواضروس الإصلاحية تلك والتى تهدف للتقارب مع الكنائس استثارت غضب التيار التقليدى بالكنيسة فنشرت أحد الصفحات الالكترونية المحسوبة عليهم مقتطعا مما اسماه"تعليم الكنيسة الأرثوذكسية- التقليد الشريف المقدس وموقفها حيال التقويم وذكر: علينا أن نذكر بثباتٍ ما الَّذي يجعلنا نتمسَّكُ بالتَّقويم الأرثوذكسيِّ-الأسباب عينها بالذَّات، الَّتي حضَّت الرُّسُل القِدِّيسين وآباء المجمع الأنطاكيِّ إلى أن يصدروا مرسوماً في تعيِّيد الفِصح، لأنَّنا لو اتَّبعنا التَّقويمَ الغريغوريَّ، فإنَّه غالباً ما سيحدث أن نُعيِّدَ لفِصحِنا قبل الفِصحِ اليهوديِّ، وفي بعضِ الأحيان مع اليهود في يومٍ واحدٍ ومع الماسونيَّة-وليدتهم، حفظنا الرَّبُّ من هذا.
وليس هذا وحده فقط، فإنَّه مع الانتقالِ إلى النَّمط التَّقويمى الجَّديد، ستَتِمُّ مُخالفة نظام الحياة الكنسيَّة كلِّهِ. هكذا على سبيل المثال، ففي سنة 1929م. هذه، سيختفي صوم الرُّسُلِ بالكُلِّيَّة، فحسب النَّمط التَّقويميِّ الجَّديد يقع التَّاسع والعشرون من حزيران في السَّبتِ الَّذي قبل أحَّد جميعِ القِدِّيسين وبالطَّريقة عينها سوف تُختَصَرُ أصوامُ رُسُلٍ أخرى على مرِّ السِّنين ،إنَّ هذا يُعتَبَرُ مُريحاً للغايَّة بالنِّسبة إلى الإخوة الكذبة، فإنَّهم لا يُدخِلون مع التَّقويم الكاثوليكيِّ الأصوام الكاثوليكيَّة أيضاً ويُغذُّوا أنفسَهم خلال الأربعينيَّة المقدَّسة بالجُّبن والبيض ؟.
أسباب اختلاف التقويم بين الكنيستين
فيما يعود السبب فى اختلاف التقويم بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية إلى أسباب تتعلق بحسابات فلكية، وهى قضية تعود للقرن الرابع الميلادى، ودفعت الباباوين تواضروس الثانى بابا الإسكندرية والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان للسعى تجاه توحيد مواعيد الاحتفال بالعيدين وهى المساعى التى عرفت طريقها منذ أكثر من خمسة سنوات ولم تصل إلى شئ حتى اليوم.
ولاختلاف مواعيد الاحتفال بين الكنائس الشرقية والغربية، قصة يرويها الأنبا كريكور كوسا مطران الأرمن الكاثوليك بمصر، فيقول إن اختلاف مواعيد الاحتفال بين الكنائس ترجع إلى القرن الرابع الميلادى حين اتفق المسيحيون أن يعيّدوا للفصح المجيد أو عيد القيامة بعد اكتمال القمر والاعتدال الربيعى الذى هو اليوم الذي يكون فيه طول النهار مساوى لطول الليل تماماً، ولكن الإنجيل يؤكد أن قيامة المسيح كانت قريبة من عيد الفصح اليهودى، وتم الاحتفال بالفصح اليهودى فى اليوم الأول لاكتمال القمر بعد الاعتدال الربيعى، وبالتالي كان عيداً متحركاً أي غير ثابت.
ويفسر المطران تلك الظاهرة قائلا: في القرن السادس عشر حلّ التقويم الغريغوري محل التقويم اليولياني في العالم، واحتاج هذا الأمر إلى زمن لتتبناه البلدان فى العالم ومع ذلك، فما تزال الكنائس الأرثوذكسية فى العالم تستخدم التقويم اليولياني حتى اليوم في حساباتها للاعتدال الربيعى، ولاكتمال القمر الذي يتبع ذلك ولهذا السبب يتم حساب يوم عيد الفصح بأيام مختلفة، ومنذ هذا التاريخ تحاول الكنائس المختلفة توحيد الاحتفال بعيد القيامة بين الشرق والغرب كبداية للوحدة بين المسيحيين.
البابا تواضروس أشار إلى أن فكرة توحيد الاحتفال بالعيد مازالت قيد الدراسة إذ أن الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية تنظران فى توحيد الاحتفال بعيد القيامة ليصبح فى الأحد الثالث من كل عام خاصة وأن كافة الطوائف المسيحية تحتفل بعيد القيامة فى نفس اليوم كل أربعة سنوات بسبب تلاقي التقويمين الجريجورى واليوليانى بينما تتغير المواعيد فمرة يحتفل الكاثوليك قبل الأرثوذكس بأسبوع ومرة بأسبوعين وهكذا.
مطران أسيوط يكشف: الأنبا بيشوى طرح فكرة توحيد الأعياد من قبل
الانبا كيرلس وليم مطران أسيوط للكاثوليك والمدير السابق لكلية اللاهوت الكاثوليكية يوضح لـ "انفراد" أن قضية توحيد الأعياد ليس لها أى علاقة باللاهوت أو العقيدة من قريب أو بعيد حتى أن الانبا بيشوى مطران كفر الشيخ الراحل بالكنيسة القبطية والذى كان يرأس لجنة الحوار اللاهوتى بين الكنيستين الكاثوليكية والقبطية قد سبق وأن طرح فكرة توحيد العيد في الأحد الثالث من كل شهر منذ عامين على مجلس كنائس الشرق الأوسط
ولفت مطران أسيوط إلى أن تلك الفكرة طرحها المجمع الفاتيكانى فى الستينات ولكنها واجهت اعتراضات من بطاركة الأرثوذكس الروس واليونانيين ومن ثم تعذر الوصول لحل معقبًا:البابا تواضروس يبذل مجهودا كبيرا فى التقارب مع كنيستنا الكاثوليكية ونقدر له تلك الجهود المحبة.