رغم بقاء عام على انتخابات منظمة اليونسكو لكن البوادر تؤكد أن قضية حصول العرب على هذه المكانة قضية خاسرة بسبب عدم التنسيق بين الدول العربية للدفع بمرشح واحد يخوض الانتخابات حتى يحظى بدعم أكبر من كافة الدول العربية يؤهله للفوز بمنصب رئاسة المنظمة، والذى يعد ثانى أهم منصب دولى فى العالم، وفوز شخصية عربية به يحقق توازنا للمنطقة العربية، كونه يعرف الحلول المناسبة للمشاكل التى تعانى منها المنطقة على عكس الشخصية الأجنبية.
والدول العربية تعانى منذ سنوات عديدة الفشل وعدم التنسيق بين بعضها البعض، فعندما يتقدم مرشح من دولة ما نجد العديد من الدول تقدم مرشحين آخرين دون التفكير فى صحة القرار فتتفتت الأصوات ويضيع "حلم اليونسكو".
وفى عام 1999 رشح اليمن سفيره أحمد الصياد لمنصب المدير العام للمنظمة، ولكن سحب اليمن مرشحها فيما بعد لصالح مرشح المملكة العربية السعودية "غازى القصيبى" والذى لم يحالفه الحظ بسبب وجود المرشح المصرى "إسماعيل سراج الدين" والذى لم ترشحه مصر ولكن دولة أفريقية وهى "بوركينا فاسو" حسب مصادر اليونسكو حى، وفى الأخير فاز اليابانى "كواتشيرو متسورا" بالمنصب، وفى عام 2009 تكرر نفس السيناريو حيث قدمت مصر فاروق حسنى للانتخابات والتزمت الدول العربية بدعمه بما فيهم اليمن ولكن ترشيح الجزائرى محمد بجاوى من قبل دولة كمبوديا أضعف موقف "حسنى"، والذى لم يفز بفارق ثلاثة أصوات فقط لصالح البلغارية "ايرينا بوكوفا" التى تنتهى ولايتها عام 2017.
والآن وفى ظل استعدادات الدول العربية لاختيار مرشيحها يظهر عدم اتفاق أو تنسيق مرة أخرى حيث أعلنت اليمن ترشيحها لـ"أحمد الصياد" منذ عدة شهور، وقامت قطر بترشيح الديبلوماسى "حمد بن عبد العزيز الكوارى" والذى تعمل حكومته الحصول على التأييد الخليجى، بينما مرشح اليمن هو كذلك من الإقليم الخليجى، أما مصر فتنوى ترشيح اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية، وفق ما ذكرته مصادر ديبلوماسية، وأعلن لبنان الأسبوع الماضى ترشيح وزير الثقافة اللبنانى السابق غسان سلامة وربما يتم تغييره بمرشحة أخرى لم يعلن عنها بعد، وبذلك نجد أن عدم التنسيق ليس المشكلة فقط ولكن الصراعات السياسية أيضاً.
وفى تصريحات صحفية قال أحمد الصياد أنه أحق بالفوز بذلك المنصب حيث ظل ما يقرب لثلاثة عقود فى تلك المنظمة بداية من كونه سفيرا لليمن ثم مساعد مدير عام اليونسكو ثم سفيرا مرة أخرى فيقول "أنا المرشح المناسب فى الوقت المناسب والقادر على مواجهة المرشحين الذين تقدمهم دول غير عربية، ولكننا نجد ترشح أكثر من دولة ولهذا نرى العرب يفشلون قبل دخول المعركة، فالعربى هو من يفشل العربى، واستمرارهم فى التنافس يعنى فشلهم جميعا".
وحلا لتلك المشكلة وحتى تفوز دولة عربية بذلك المنصب الذى يعد مهما لتلك الفترة من تاريخ الدول العربية اقترح بعض السفراء أن يكون هناك مناظرة بين المرشحين، بحيث يقدم كل مرشح برنامجه ورؤيته عن اليونسكو وعن كيفية اصلاحها وإدارتها وبعد المناظرة يتم اجراء تصويت سرى ومن يفوز يكون المرشح العربى الوحيد فى مواجهة المرشحين من القارات الأخرى، ولكن بعض الدول رفضت ذلك المقترح بقولها أنها صاحبة سيادة ولن تقبل هذا الاقتراح مهما كان وجاهته، وبذلك يظل حلم اليونسكو ضائعا من بين أيدى العرب كونهم لا يخططون بطريقة صحيحة للوصول إليه.