آثارت ظاهرة الإفطار العلنى فى نهار رمضان، أزمة بين وزارة الداخلية التونسية ومنظمات حقوق الإنسان؛ وذلك على خلفية إغلاق مقهى، وتوقيف مجموعة من المعلمين داخل إحدى المقاهى بمحافظة صفاقس، بتهمة المجاهرة بالإفطار.
وقال رئيس قسم التاريخ فى كلية الآداب بمحافظة صفاقس التونسية، عبدالمجيد الجمل، وهو أحد المعلمين الذين تم توقيفهم، إن "عنصر أمن بالزى المدنى اقتحم قبل يومين مقهى فى المدينة، وطلب منه ومن زملائه إظهار هوياتهم الشخصية، ثم اقتادهم إلى مقر أمنى قبل أن يطلق سراحهم رئيس المركز".
وتسببت الحادثة فى جدل كبير فى تونس وتباين فى الروايات وردود الأفعال بين مؤيد لحق الأساتذة فى فعل ما يحلو لهم ووصفوا تصرف الحكومة بالتدخل فى الحريات الشخصية.
وأثارت هذه الواقعة غضب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، التى شنت هجوما حادا على الداخلية التونسية، واتهمت قوات الأمن، باستهداف المقاهى المفتوحة نهارا، مؤكدة أنها ستواصل الدفاع عن الحريات الفردية.
وحملت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، السلطة الحاكمة، فى بيان لها، "المسئولية القانونية والسياسية والأخلاقية عن حماية الحريات الفردية"، مطالبة السلطات الأمنية بمحافظة صفاقس بـ"التوقف عما اعتبرته، تعكيرا لحياة المواطنين واستغلالا لنفوذها بهدف فرض نمط مجتمعى وفق قناعاتها الخاصة وبتجاوز صارخ للقانون"، حسب تعبيرها.
ودعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، جميع القوى الديمقراطية والتقدمية إلى التحرك ، معتبرة أن "قوات الأمن بمدينة صفاقس عمدت خلال شهر رمضان إلى تنظيم حملات أمنية تستهدف رواد المقاهى تحت غطاء التثبت فى الهويات والبحث عن المفتش عنهم، وذلك باتباع أسلوب اتسم بالخشونة والاستفزاز"، وفق قولها.
واعتبر البيان، أن "هذه التصرفات، تحمل على الاعتقاد بأن الهدف من تلك الحملات، هو معاقبة المفطرين على ممارستهم لقناعاتهم الخاصة وحريتهم الفردية التى يحميها دستور البلاد"، وفق نص البيان.
ومن جهة أخرى، رحب عدد من رجال الدين بتصرف الشرطى الذى أوقف الأساتذة المفطرين، واعتبروه تصرفا "مبررا". فدون الشيخ عادل العلمى "رجل الأمن مسلم يغار على دينه والشعب التونسى يؤيده بقوة ويسانده".
فى المقابل، دحضت وزارة الداخلية التونسية، هذه الاتهامات، نافية قيامها بأى حملات أمنية لتوقيف من جاهروا بالإفطار أو على المقاهى المفتوحة، وفق الناطق الرسمى باسم الوزارة سفيان الزعق.
وقال سفيان الزعق فى تصريح صحفى، "لم ننفذ أى حملة أمنية فى هذا الإطار؛ لأن كل شخص حر، وهذا ما يكفله الدستور ونحن لسنا مسئولين عن الناس إن أفطروا لأنه شأن يخصهم".
وفى رده على ما تردد حول "توقيف أستاذ جامعى داخل مقهى فى صفاقس"، أكد المتحدث أنه لا أساس له من الصحة، وبين أنه تم طلب هويته وفق إجراءات روتينية تقوم بها الوحدات الأمنية داخل مقهى، إلا أنه رفض الاستظهار بها ما دفع بالأمنيين لاستدعائه لمركز الشرطة ثم إخلاء سبيله.
وفى السياق، أكد الزعق إغلاق مقهى فى القيروان، لكنه أوضح أن الواقعة "تتعلق بمقهى موجود فى حى شعبى يتذمر منه عدد من المواطنين نتيجة للفوضى والشغب الذى يقع داخله، إضافة إلى تلقى الوحدات الأمنية لمعلومات تفيد بأنه يتم ترويج المخدرات بالمكان، وليس بسبب الإفطار العلنى فى شهر رمضان".
ودعت النائبة التونسية ورئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة بشرى بالحاج حميدة إلى تفعيل مادة الفصل السادس من الدستور لحماية المعتقدات فيما يتصل بالمجاهرين بالإفطار، واصفة ذلك بالضرورى لحماية الجميع.
يذكر أن الجدل حول الموقف من انتشار ظاهرة الإفطار العلنى يثار كل عام فى شهر رمضان بتونس، وفيما يدعو البعض إلى حماية أصحاب مثل هذا السلوك، والتصريح بفتح المقاهى والمطاعم خلال النهار فيما يطالب آخرون بوضع حد لهذه الظاهرة.