بدأت تركيا تحقيقات مع عدد من الروائيين الأتراك، بينهم الروائية إليف شفق صاحبة الرواية الشهيرة "قواعد العشق الأربعون"، وهو ما وصفه نشطاء بأنه تهديد خطير لحرية التعبير.
ووفقا لما ذكرته جريدة "الجارديان" البريطانية، جاء هذا التحقيق بعد الجدل الذى اشتعل على مواقع التواصل فى تركيا حول التحرش بالأطفال، واتهم خلاله بعض الروائيين والروائيات بالترويج لمثل هذه الجرائم.
وكان ناشطون تداولوا على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، مؤخرا، صفحة من رواية للكاتب عبد الله شفقى، تضمنت الفقرة سرداً روائياً لاعتداء جنسى على قاصر من قبل أحد المتحرشين، وتقدمت وزارة الثقافة والسياحة التركية، بشكوى جنائية ضد الكاتب، حسبما أورد موقع "أحوال تركية"، كما تقدمت أيضاً نقابة المحامين فى تركيا بشكوى تطالب الحكومة بحظر الكتاب واتهام مؤلفه وناشره "بإساءة معاملة الأطفال والتحريض على أعمال إجرامية"، ما أدى إلى احتجازهما لاحقاً.
وردا على ذلك شارك مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعى مقاطع من روايات لكتاب آخرين، بينهم إليف شفق، والروائية عائشة كولين، موجهين إليهم اتهامات مماثلة.
وبدوره أكد ناشر كتب شفق، دوجان كتاب: "لطالما كانت شفق كاتبة مدافعة عن حقوق النساء والأطفال والأقليات، ومواضيع مثل التحرش هى جروح مجتمعية، ويجب معالجتها، وإليف شفق واحدة من أفضل الروائيين الأتراك الذين رووا قصصا عن ضحايا هذه الجرائم"، وقالت أنتونيا بيات، مديرة مؤسسة PEN الإنجليزية، التى تعنى بالدفاع عن الكتاب الذين يتعرضون للخطر بسبب حريتهم فى التعبير: "إن المنظمة تشعر بقلق عميق بشأن التهديدات التى تتعرض لها إليف شفق"، وأضافت "بيات" أن شفق كاتبة موهوبة للغاية، كاتبة خيال كما أنها فى الوقت نفسه تعلق على العالم الذى نعيش، وما تفعله ليس جريمة، إلا أن حرية التعبير فى تركيا تتعرض بشكل متزايد لتهديد خطير، حيث يوجد الكثير من الكتاب فى السجن بينما أُجبر آخرون على الرحيل.
ومن جانبها قالت إليف شفق إنها تلقت آلاف الرسائل المسيئة على مدار اليومين الماضيين، وإن المدعى العام طلب فحص رواياتها - خاصةً The Gaze، التى نُشرت فى عام 1999، ورواية "بنات حواء الثلاث" الصادرة عام 2016.
وقالت شفق: "إن أى شىء يمت بصلة لجرائم الاعتداء الجنسى على الأطفال فى الأدب التركى، فإنهم يريدون التحقيق فيه، هذا هو التركيز الجديد بالنسبة لهم، وبالطبع فإن المفارقة هى أن هذا البلد فيه عدد متزايد من حالات العنف الجنسى ضد كل من النساء والأطفال، والمحاكم التركية لا تتخذ أى إجراء، ولم يتم تغيير القوانين، وبدلا من اتخاذ إجراءات عاجلة للتعامل مع العنف الجنسى ومحاربته، بدلاً من ذلك يحاكمون الكتاب. إنها أكبر مأساة، لقد صاروا يطاردوننا مثل مطاردة الساحرات".
يذكر أنه فى عام 2006 حوكمت إليف شفق، وتمت تبرئتها بتهمة "إهانة التركية" بعد أن لاحظ ممثلو الادعاء شخصية فى روايتها The Bastard of Istanbul تشير إلى مذبحة الأرمن فى الحرب العالمية الأولى بأنها إبادة جماعية.
كما يذكر أن تركيا لديها واحدة من أعلى معدلات زواج الأطفال فى أوروبا، وفقا لمنظمة مكافحة زواج الفتيات غير العرائس. يقدر أن 15٪ من الفتيات متزوجات قبل سن 18 و1٪ متزوجات قبل سن 15.
ووفقا لـ "شفق" توجد مشاكل مماثلة فى بلدان أخرى فى جميع أنحاء الشرق الأوسط، وقالت: "نحتاج إلى حركة نسائية قوية ووعى بنوع الجنس.. يمكن للأدب القيام بدور مهم فى هذه المحادثة. لكنهم الآن يهاجمون الكتاب".