استفاق العالم فى الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين، على أكبر فضيحة تسريبات فى التاريخ، تورط فيها قادة دول العالم الحاليين، والسابقين، وعائلاتهم، وشخصيات عامة سياسية، ورياضية، عبر تسريب 11.5 مليون ملف يكشف تورط كثير من القادة والمسئولين فى العالم فى عمليات "إخفاء ثروات"، وتهرب ضريبى وغسيل أموال، تعمدوا "إخفاء ثرواتهم" عبر شركات وهمية عن طريق حسابات سرية فى شركات وبنوك لا تخضع لرقابة مالية أو دولية مشددة.
وتعتبر دولة بنما أحد أكثر دول العالم أمنًا وذلك نظرًا للقوانين الصارمة التى وضعتها الدولة لمحاربة جرائم العنف، حيث صُنفت كأحد أكثر الأماكن السياحية أمانًا فى العالم، وبذلك فهى تعتبر مدينة بلا عنف، وبلا سرقة، وبلا غش، ولكن هذا لا يمنعك من توخى الحذر دائمًا.
لماذا يلجأ مهربوا الأموال إلى بنما؟
بنما تعد من بين الدول المعروفة بكونها "ملاذا ضريبيا"، تنشط فيها عمليات غسيل الأموال، وإخفاء الثروات؛ فيكون من السهل فيها إنشاء شركات وحسابات بنكية وهمية تساعد فى التهرُّب من الضرائب والرقابة على التربح من الوظائف الرسمية أو العلاقات بالسياسيين والشخصيات الدولية، ومنها أدارت موساك فونسيكا شبكة شركاتها الوهمية فى دول أخرى، هى نفسها ملاذات ضريبية، مثل سويسرا، وقبرص، والجزر البريطانية، والجزر الكاريبى (وهى البحر الكاريبى، والجزر الموجودة فيه، والجزر التى تقع على حدوده مع المحيط الأطلسى الشمالى، وتتكون أيضًا من الشواطئ، والسواحل التى تتصل وتحيط بالبحر الكاريبى).
فى آواخر السبعينات وخلال الثمانينات أصبحت بنما مركزا مصرفيا دوليا، مما جعلها مركزا لغسل الأموال غير المرغوب دوليا.
والمعروف أن شركة فونسيكا لا تُدير عملًا حقيقيًّا فليس لديها منتجٌ أو خدمة فعلية تقدم، عملها الحقيقى هو إدارة الأموال التى تصلها وتحويلها من مصدر إلى آخر مع إخفاء هوية مالكى الأموال الفعليين وتسجيل جميع الأوراق والمراسلات بأسماء القائمين على إدارة الشركة.
وتعد بنما هى أفصل مكان لإنشاء شركات وهمية حيث لا تبذل السلطات فيها جهودًا كبيرةً فى الرقابة والتحقّق من هوية مالكى الشركات وأعمالها والمستفيدين من أموالها.
والشركة الوهمية هى مظهر خارجى لمشروع، لكنها شركة خاوية، لا تفعل شيئا سوى إدارة المال داخلها مع إخفاء من يملك الأموال، وتتشكل إدارتها من محامين ومحاسبين وحتى عامل التنظيف بالمكتب الذين لا يفعلون أكثر من توقيع الوثائق والسماح بظهور أسمائهم على الورق، وعندما تحاول السلطات معرفة من يملك الأموال، يقال لهم إن الإدارة هى من تفعل ذلك، لكنها تكون مجرد واجهة، ويدفع لهم شخص آخر حتى يستطيعوا إخفاء أموالهم من السلطات وفى بعض الحالات عن زوجاتهم السابقات، ويمكن أن يطلق على الشركات الوهمية أيضا اسم شركات الرسائل، لأنها لا تتكون إلا من عنوان بإرسال الوثائق منه وإليه.
كذلك عملية غسيل الأموال التى تحدث فى بنما تنطوى على عملية تطهير الأموال القذرة حتى يمكن استخدامها بدون إثارة الشكوك، فلو كنت تاجر مخدرات أو مزورا أو سياسيا فاسدا سيكون لديك الكثير من الأموال ولا سبيل لإنفاقها أو إخفائها، فالأموال تحتاج لتنظيف ومن الممكن شحنها لشركة مراوغة فى مركز مالى بالخارج، وربما يساعدون فى تحويلها إلى سندات لحاملها، تملكها شركة وهمية لا يعرف أحد عنها شيئا.