فى الوقت الذى تسعى فيه الأطراف المختلفة لتحسين العلاقات المتوترة بين المملكة العربية السعودية وإيران، وترشيح السعودية مؤخرًا سفيرا لها فى طهران، سيباشر مهام عمله قريبا، تأتى قضية إعدام نمر باقر النمر القيادى الشيعى السعودى، لتعيد العلاقات بين الرياض وطهران إلى الصفر.
وفى خطوة تصعيدية من قِبَل المملكة العربية السعودية، صرح مصدر مسئول بوزارة الخارجية السعودية، أن الوزارة استدعت اليوم السفير الإيرانى لدى المملكة، وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة حيال التصريحات الإيرانية العدوانية الصادرة تجاه الأحكام الشرعية التى نفذت بحق الإرهابيين فى المملكة، وعبرت له الوزارة عن استهجان المملكة، ورفضها القاطع لهذه التصريحات العدوانية التى تعتبرها تدخلا سافرا فى شئون البلاد.
الخارجية السعودية تُحَمِّل طهران المسئولية كاملة حيال حماية سفارة خادم الحرمين الشريفين بإيران
كما حمَّلت الخارجية السعودية حكومة طهران المسئولية كاملة حيال حماية سفارة خادم الحرمين الشريفين فى إيران، وقنصلية المملكة فى مدينة مشهد، وحماية أمن كافة منسوبيها من أى أعمال عدوانية، وذلك بموجب الاتفاقيات والقوانين الدولية.
ويأتى تحرك الخارجية السعودية باستدعاء سفير طهران بالمملكة، ردًا على تصريحات المسئولين الإيرانيين المعادية للرياض، واستدعاء طهران للقائم بالأعمال السعودى فى إيران اليوم السبت، للاحتجاج على إعدام نمر باقر النمر، رجل الدين الشيعى البارز فى المملكة.
وكانت السلاطت السعودية قد نفذت حُكْم إعدام النمر زعيم الشيعة ضمن 47 شخصًا تم تنفيذ القصاص فيهم صباح اليوم السبت بتهم اعتناق المنهج التكفيرى المشتمل على عقائد الخوارج المخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، ونشره بأساليب مضللة، والترويج له بوسائل متنوعة، والانتماء لتنظيمات إرهابية، وتنفيذ مخططاتهم الإجرامية، من خلال تفجير مجمع الحمراء السكنى، وتفجير مجمع فينيل السكنى، وتفجير مجمع أشبيلية السكنى شرقى مدينة الرياض، ما أثار غضب مراجع الشيعة فى إيران، التى ترى فى نفسها دوما المدافع عن الشيعة فى البلدان العربية والإسلامية.
إعدام النمر أثار ردود فعل غاضبة فى الأوساط الشيعية، خاصة إيران التى تمتلك علاقات متأزمة مع السعودية، وما سيزيدها تعقيدًا الأيام المقبلة، لاسيما وأن إيران ومنظمات المجتمع المدنى الدولية قد طالبت المملكة بإعادة النظر فى قرار الإعدام بعد تأييد حكم الإعدام فى أكتوبر الماضى، وهددت المراجع الشيعية فى إيران المملكة بدفع "الثمن باهظًا" حال تنفيذ حكم الإعدام الصادر ضد رجل الدين الشيعى السعودى الشيخ نمر باقر النمر.
وقال رضا حجت شمامى، المحلل السياسى الإيرانى والخبير فى مركز الدراسات الأوراسية وإيران المعاصر لـ"انفراد" إن الإعدام سيؤثر على العلاقات بين البلدين، وأن العديد من المسئولين الإيرانيين الرسميين وغيرهم اتخذوا موقفا ونددوا بالإعدام النمر. وقال إن هذا الموضوع لن يؤثر فقط على العلاقات الثنائية بل وعلى قضايا المنطقة، مثل اليمن، وسوريا، والعراق، وأيضا على الداخل السعودى فى القطيف والعوامية.
وأوضح الخبير الإيرانى أن النمر لم يكن محل دعما من قِبَل إيران، قائلاً: "السعودية تريد أن تقول إنها ستحارب كافة الأصعدة التى تمتلك إيران فيها دورا. وأعتقد أن رد فعل إيران سيكون على مستوى السفارات أى رد فعل دبلوماسى" متوقعا أن ترد بلاده بشكل غير مباشر أو بالنيابة، كما أنه من الممكن أن تستغل إيران حكم الإعدام على المستوى الدولى وحقوق الإنسان فى المحافل الدولية.
غضب فى الأوساط الشيعة
أحدث إعدام النمر غضبا لدى الأوساط الشيعة التى تنصب نفسها دوما داعمة للشيعة فى العالم، ففى إيران ورسميا أدانت إيران اليوم السبت، تنفيذ السعودية حكم الإعدام، متوعدة إياها بدفع "الثمن باهظا" فيما نعت حركة الحوثى اليمنية النمر واصفة إياه بـ"المجاهد".
وقال حسين جابر أنصارى، الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية: "الحكومة السعودية تُدْعَم من جهة الحركات الإرهابية، وتستخدم فى الوقت نفسه لغة القمع وعقوبة الإعدام ضد معارضيها الداخليين، وستدفع ثمنا باهظا على هذه السياسات".
وفى لبنان، استنكر المجلس الإسلامى الشيعى الأعلى، تنفيذ حُكْم الإعدام فى رجل الدين الشيعى السعودى باقر النمر ووصفه بأنه "خطأ فادح". وقال نائب رئيس المجلس الشيخ عبد الأمير قبلان فى بيان إن "إعدام الشيخ النمر إعدام للعقل والاعتدال والحوار".
فى العراق شجب الائتلاف العراقى الحاكم تنفيذ السعودية حكم الإعدام، وقال نائب فى الائتلاف إن هذه الخطوة يراد منها إذكاء الفتنة الطائفية و"إشعال المنطقة".
حركة الحوثى الشيعية فى اليمن وصفت النمر بـ"المجاهد" وقالت على موقع المسيرة وهو موقعها الرسمى على الإنترنت: "أعدم اليوم السبت العلامة المجاهد نمر باقر النمر عقب جلسات محاكمة صورية لم يحضرها أى من المحامين عن المتهم".
وكانت محاكمة "نمر باقر النمر" بدأت فى مارس 2013، بعد أن اعتقل فى 2012 بتهمة تهديد الأمن القومى للمملكة العربية السعودية حيث وجهت له عدة تهم من بينها إثارة الفتنة، وطالب فيها المدعى العام بإقامة حد الحرابة عليه.
وأصدرت محكمة سعودية فى 15 أكتوبر 2014 حكما بإعدام النمر، فى حكم ابتدائى، بعد محاكمته بتهمة إثارة الفتنة فى البلاد، ووصفت المحكمة فى حيثيات حكمها النمر، بأن "شره لا ينقطع إلا بقتله".
وهدد مرجع التقليد الشيعى آية الله حسين نورى همدانى فى إيران بأن بلاده لن تسكت حال تنفيذ حكم الإعدام بحق المعارض الشيعى السعودى الشيخ نمر باقر النمر، وسيؤدى إلى تبعات وخيمة.