لا تزال التحقيقات ضد شركة لافارج الفرنسية، مفتوحة فيما يتعلق باتهامها بالتواطؤ فى جرائم ضد الإنسانية وكذلك دعم تنظيم داعش الإرهابى فى سوريا بالمال فى مقابل استكمال أعمالها، ووصلت التحقيقات إلى مفترق طرق، حيث طالبت النيابة العامة بباريس التخلى عن اتهام شركة الإسمنت الفرنسية لافارج بالتهم المنسوبة إليها.
ووفقاً لقناة فرانس 24 الفرنسية، كانت شركة لافارج الفرنسية، طعنت لدى محكمة الاستئناف وطلبت إسقاط تهم "التواطؤ فى جرائم ضد الإنسانية" و"تمويل الإرهاب" و"انتهاك حظر" و"تعريض حياة للخطر" من خلال تشغيل مصنع فى بلدة جلابيا قرب منبج، والتى كان وجهها ثلاثة قضاة تحقيق بباريس فى 28 يونيو 2018 استجابة لطلبات النيابة، وذلك حسب ما نقلته شبكة "سكاى نيوز" الإخبارية، يوم الأربعاء.
ومن المقرر أن تنظر غرفة التحقيق بمحكمة الاستئناف فى 20 يونيو الحالى فى هذا الطلب من لافارج وفى طلبات ثلاثة مسئولين بالشركة؛ وهم رئيس مجلس إدارتها السابق برونو لافون، ومديرها السابق المكلف بالأمن جان كلود فيار وأحد المديرين السابقين للفرع السورى للشركة فردريك جوليبوا. ويعترض هؤلاء خصوصًا على اتهامهم بـ"تمويل الإرهاب".
ومن جهتهن طلبت نساء أيزيديات من ضحايا تنظيم داعش الإرهابى فى سوريا والعراق، الانضمام إلى دعوى قضائية ضد مجموعة لافارج العملاقة للإسمنت المتهمة بدفع أموال لمجموعات جهادية بينها تنظيم داعش الإرهابى.
وقال محامو النساء، فى بيان، إنهن تقدمن بطلب اعتبارهن "أطرافًا مدنية" فى القضية ضد لافارج التى اتُهمت فى يونيو الماضى بـ"المشاركة فى جرائم ضد الإنسانية" و"تمويل منظمة إرهابية"، فى حادثة نادرة فى عالم الأعمال.
وقال مستشارو النساء الثلاثة المتخصصون فى حقوق الإنسان البريطانية آمال كلونى وبن ايمرسو كيو سى، والفرنسية راشيل ليندون انهم يريدون أن "يشارك الناجون الأيزيديون بالكامل فى الدعوى القضائية ضد لافارج ومسئوليها".
كما طلبوا أن "تقوم المحاكم بتوصيف الجرائم التى ارتكبت ضدهم وتعترف بها" وأن "يحصل الضحايا على تعويض بما يتطابق مع ذلك".
وكان القضاء الفرنسى اتهم الشركة الفرنسية السويسرية "لافارج" فى نهاية يونيو الماضى بـ"التواطؤ فى جرائم ضد الإنسانية".
وأكد القضاة توافر "أدلة جادة ومتناسقة" ضد الشركة التى وجهت إليها اتهامات رسميًا خصوصًا "بالتواطؤ فى جرائم ضد الإنسانية" و"تمويل مجموعة إرهابية" و"تعريض حياة" موظفين سابقين فى مصنع الجلابية فى شمال سوريا "للخطر".
وفى سياق التحقيقات المفتوحة ضد الشركة الفرنسية، استمع قضاة تحقيق فرنسيون لأقوال وزير الخارجية الأسبق لوران فابيوس، كشاهد فى إطار التحقيق حول شبهات تمويل الإرهاب من قبل شركة لافارج الفرنسية السويسرية للأسمنت، حسبما كشف مصدر مقرب من الملف.
وقال فابيوس - الذى شغل منصب وزير الخارجية من 2012 إلى 2016، والرئيس الحالى للمجلس الدستورى، إنه لم ترد إليه أى معلومات حول استمرار أنشطة شركة لافارج فى سوريا فى مقابل تفاهمات مالية مع مجموعات مسلحة بينها تنظيم داعش، وذلك خلال إدلائه بأقواله فى 20 يوليو الجارى أمام قضاة التحقيق.
وكشفت تقرير سابق لصحيفة صحيفة أن التنظيم سبق له احتلال الشركة والسيطرة على مقرها فى مدينة الرقة السورية فى ديسمبر 2014، وأجرى عمليات بيع وشراء بعد استيلائه على 65 ألف طن من الأسمنت.
المعلومات التى كشفتها "لو فيجارو"، جاءت فى تقرير سرى قدمته وزارة الدفاع الفرنسية لجهات التحقيق، حيث أوضحت الصحيفة أن هذا التقرير تم تسليمه بتاريخ 3 مايو الماضى، ولم يتم الكشف عن تفاصيله فى ذلك الحين، منذ أن بدأت التحقيقات مع المدراء التنفيذيين لشركة لافارج.
وقالت لوفيجارو: "قدمت وزارة الدفاع الفرنسية المذكرات السرية بناءً على طلب القضاة الذين يحققون فى شكوك دعم الإرهاب من جانب شركة لافارج الفرنسية ـ السويسرية إلى تنظيم داعش الارهابى لمواصلة الإنتاج على الرغم من الحرب الدائرة".
وبعد اتهام ثمانية من المدراء التنفيذيين والضباط السابقين، شدد القضاء خناقة حول شركة الأسمنت والتى يخضع قادتها للتحقيق فى دعمهم للإرهاب، وتم توجيه تهم لهم وهى "تمويل جماعة إرهابية" و"التواطؤ فى جرائم ضد الإنسانية".
وقالت وثائق فى هذه المذكرات التى كانت أجهزة الاستخبارات أعدتها، إن تنظيم داعش احتل موقع الشركة من سبتمبر 2014 إلى فبراير 2015 قبل طردهم من قبل القوات الكردية، واستولوا على آلاف الأطنان من الأسمنت، ولكنهم بحلول نهاية عام 2014، لم يتمكن داعش بعد من إعادة تشغيل المصنع، الذى تعرض للتخريب جزئياً من قبل بعض الموظفين قبل أن يتم القبض عليهم من قبل مقاتلى التنظيم فى 25 سبتمبر.
وفقا لمذكرة بتاريخ 5 يناير من عام 2018، فإن شركة لافارج أبلغها أحد أكبر عملائها، أن تنظيم داعش استولى بالفعل على 65000 طن من الأسمنت من المصنع، ويحاول ترويجهم له، وأشار التقرير إلى أن قيمة تلك الكميات التقديرية تصل لنحو 6.5 مليون دولار، لكن المخازن التى كانت لديه لم تكن فارغة بعد.
وفى 30 ديسمبر 2014، ذكر تقرير الاستخبارات، أن اجتماعًا عقد على الحدود التركية - السورية بين "أمير داعشى" يدعى أبو لقمان، وهو رجل أعمال سورى وآخر يدعى عمرو طالب، وقد نتج عن المحادثات إبرام عقد بين المقاول التابع لداعش والسورى لبيع 50 ألف طن من الأسمنت تقدر بنحو 5 ملايين دولار.