صور.. حكاية 505 منزل أثرى فى "بلاط الحصينة" بالوادى الجديد.. عمرها 4 قرون ودروبها تحمل بصمات معمارية عالمية تراعى الموصفات البيئية.. "الآثار" تبدأ مشروع ترميم المدينة العتيقة بتكلفة 16,5 مليون جنيه

بقلب الصحراء الغربية، وتحديدا علي بعد35 كيلومترا من مدينة موط التابعة لمركز الداخلة بمحافظة الوادى الجديد، تبهرك بنايات مدينة بلاط الإسلامية، حيث تحتوى على 505 منزل أثرى، مر عليهم أكثر من 4 قرون، تحمل ملامح زمن عتيق، كنموذج يجسد ثقافة الاحتماء التى دأب عليها أهل الواحات منذ قديم الزمان، فهى مدينة متكاملة بشوارعها ودروبها وحواريها ومنازلها، تم بناؤها فوق ربوة عالية للتحصن بها، ورصد الأعداء عن بعد قبل وصولهم للمدينة،إضافة لحكمة المناخ المعتدل والتهوية الطبيعية، والابتعاد عن تسرب المياه الجوفية ووصولها إلى المنازل، وبعيدا عن مخرات السيول، باختصار شديد، حرص من وضع تصميمات المنازل على مراعاة الإتزان البيئى. رصدت عدسة انفراد ملامح تخطيط المدينة، وشوارعها وتخطيط منازلها المتلاصقة، وتدرج مقاييس وعرض الشوارع، وتكرار الفناءات المكشوفة ووجود الأعتاب المزخرفة والمؤرخة فوق الأبواب، وإنتشار السقائف وسمك الجدران وضيق الطرق وارتفاع المباني علي جانبيها لتحقيق ظاهرة تظليل المبانى لبعضها البعض. للوهلة الأولى حين تطالع تلك المنازل بتشكيلها المعمارى النادر وتكويناتها العتيقة، لن يخطر ببالك أنها قائمة منذ 4 قرون من الزمان، فتألق رونقها وجمال تصميماتها يحمل بساطة التكوين، وعبقرية التحصين وملائمة البيئة الصحراوية القاحلة بسقائف، وفتحات تهوية وإضاءة طبيعية بمنتهى الدقة والروعة. بالتوازى مع انتشار عيون الماء تجد المساجد ومظاهر الحياة البدوية، ومن أشهر هذه العيون، "عين علم" ومسجدها المعروف باسم مسجد عين علم، وهو من أغرب التصميمات المعمارية التى مر عليها حوالى 400 عام، ويحرص أهالى القرية دوما تأدية الصلاة به، كما يوجد أيضا "عين قبالة" والمسجد التابع لها. للبيوت شكل خاص يخبرك عن أسرار ساكنية، وخاصة البيوت التى تنتشر بها مجموعة من الأعتاب الخشبية، تعلو واجهات المنازل، حرص أصحابها على أن يتم حفرها بشكل بارز، أضافة للنحت عليه واختيار نوعية الخشب التى تتحمل الحفر مثل خشب السنط، حملت عبارات أدعية وآيات قرآنية وأحيانا تحمل اسم المنشئ وصانع العتب وتاريخ الإنشاء. من أهم المناطق فى مدينة بلاط الاسلامية مجموعة "الخطايبة" الأثرية وتشمل ديوان العمدة والبيت الكبير ويعرف باسم "العمود" ومعروف عند هيئة الآثار باسم "بيت الشيخ ابراهيم ابو العيون" وكذلك "الطاحونة" وتعرف عند هيئة الآثار باسم "طاحونة البرنس" وكذلك العصارة و"طاحونة أبو ياسين" وغيرها من معالم المدينة المتميزة ، والشوارع والحوارى تحمل أسماء العائلات، وحرصت كل حارة على وجود باب كبير لها، يغلق عند الخطر،. تتسم الصحراء بالارتفاع الشديد لدرجات الحرارة، إلا أن تصميم المنازل يجعلك تسير تحت أسقف من البيوت المبنية من الطوب اللبن، بجانب تفاوت الارتفاعات للمنازل، التى تلقى بظلالها على المنازل وتحميها من حرارة الشمس المباشرة . تحتوى المدينة على أكثر من 505 منزل على مساحة 22 فدان، حرصت الدولة وهيئة الأثار على ترميمهم للحفاظ على أثريتهم، خاصة بعد أن تعرض عدد كبير منها للتصدع والضرر بسبب عوامل المناخ، حيث قال المهندس عادل عباس رئيس مركز مدينة بلاط فى تصريح خاص لــ" انفراد " أنه جرى الإنتهاء من تسليم مدينة بلاط الإسلامية الأثرية للشركة المنفذة لمشروع الترميم والإنقاذ، تنفيذا لقرار اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية بترميم المدينة والحفاظ عليها. وأضاف عباس، أن مشروع الترميم يجرى بناء على موافقة الآثار الإسلامية والقبطية، تحت إشراف مديرية الإسكان بالمحافظة، بتكلفة إجمالية 16 مليون و500 ألف جنيه، وتم إسناد المشروع لإحدى الشركات المتخصصة تمهيدا للبدء فى العمل.