"اللى يعيش.. ياما يشوف، واللى يتابع النقابات المهنية، يشوف أكثر"، فعلى عكس كل التوقعات من أن تقتصر الشكاوى التى تتلقاها النقابات بمختلف مجالات عمل أعضائها، بقضايا مهنية، ومشاكل كبيرة فقط، أكد مسئولوا لجان التحقيق والشكاوى بعددا من النقابات، أن الكثير من الشكاوى الغريبة تصلهم بشكل دائم، ولعل أبرزرها تلك التى تلقتها نقابة الصيادلة، من سيدة تشكو رفض طليقها الصيدلى دفع نفقتها، رغم قدرته على سدادها، والتى أكدت أنها لا تحتاج إلى قيمة النفقة، لكنها فقط تريد "كسر أنفه"، لذا اشتكته لنقابته.
ويستعرض "انفراد"، أبرز الشكاوى التى تلقتها عددا من النقابات المهنية، خلال عام، وأبرزها وأكثرها تكرارا، واستقبلت نقابة الأطباء، عام 2019، بـ50 شكوى خلال شهري يناير وفبراير، وبلغ إجمالى أعداد الشكاوى والتحقيقات فى عام 2018، بواقع 470 تحقيقا، تم حفظ 101 منها، وإحالة 13 لهيئة التأديب، وفى عام 2017، بلغ إجمالى عدد التحقيقات 373، تم حفظ 205 منهم، وإحالة 28 لهيئة التأديب الابتدائية، وتم خلال العامين وقف 8 أطباء عن مزاولة المهنة، وإنذار 5 آخرين، وتبرأة 5، من إجمالى 48 قرار إحالة لهيئة التأديب.
الدكتور جورج ناشد، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، رئيس لجنة التحقيقات، قال إن أغلب الشكاوى التى تصل إلى النقابة فى تخصصات النساء والتوليد، والتخدير، وبعض جراحات التجميل، وأطباء العيون، موضحا أنها عادة شكاوى مهنية متعلقة إما بعلاقة طبيب بآخر، أو طبيب بمريض لحدوث مضاعفات، أو شكاوى محولة من العلاج الحر بوزارة الصحة، مشيرا إلى أن أغرب الشكاوى التى وردت للنقابة تضمنت شكوى طبيب لزميله بالحصول على سُلفة مالية منه ولم يرده له، وهو أمر لا تختص به النقابة من الأساس، موضحا أن 50 شكوى خلال شهرين فى 2019، هو معدل طبيعى مع قياسه بعدد السكان فى مصر.
المهندس أحمد السيد، أمين الصندوق المساعد بنقابة المهندسين، رئيس لجنة الشكاوى، قال إن النقابة تلقت أكثر من 60 شكوى خلال عام، منهم حوالى 5% اتهامات كيدية، وهو معدل متوسط، لكنه أعلى من السنوات الماضية، موضحا أن أغلبها شكاوى تتعلق بمخالفات لمزاولة المهنة لبعض المهندسين، سواء مع المهندسين بإصدار بعض التقارير الهندسية غير دقيقة، والسماح لبعض العقارات ببناء أدوار جديدة، رغم عدم صلاحية ذلك، وبالتالى يتم إحالته للتأديب، أو عمل تصميم هندسى مُخالف، ويعرض العقار للإزالة، مشيرا إلى أن الشكاوى التى لا يمكن للنقابة نظرها، التى يتم نظرها بالقضاء، لافتا إلى أن المجلس السابق كان يحصل 500 جنيه للشكوى، إلا أن المجلس الحالى ألغى تلك الرسوم.
وأضاف السيد، في تصريحات خاصة لـ"انفراد"،: حوالى 10 شكاوى من الـ60، تم اتخاذ إجراءات ضدها، لعدة أسباب منها: و4 حالات إصدار تقارير هندسية متضاربة، إصدار تقارير فى غير التخصص، أو تدوين صفة استشارى دون الحصول عليها رسميا، وتزوير شهادات إشراف، وحالة واحدة لانتحال صفة مهندس، وبعد فحص الشكوى تبين عدم حصوله على بكالوريوس الهندسة، ولم نتمكن من معرفة تخصصه حتى الآن، كما أننا توصلنا إلى حل ودى فى أكثر من 40 شكوى، ومن 7 إلى 10 حالات استرداد مستحقات مالية للأعضاء من جهات عملهم، و10 حالات إحالة للتأديب لإصدار تقارير هندسية وشهادات إشراف مزورة، لافتا إلى أن أغرب الشكاوى التى تلقيناها كانت وجود مشاكل عائلية، بين أفراد أسرة واحدة، من بينهم مهندس، حيث اشتكت فتاتين شقيق والدتهم، لأنه يتعامل معهما بشكل سيئ، بالإضافة إلى شكاوى من السب للبعض على مواقع التواصل الاجتماعى، وبين أعضاء مجالس نقابات فرعية.
أما في نقابة أطباء الأسنان، فقال الدكتور مجدى بيومى، وكيل النقابة، إن عدد الشكاوى التى تم التحقيق فيها خلال عام حوالى 250 تحقيقا، بمتوسط 5 تحقيقات في كل اجتماع للجنة، وأغلبها ضد أخطاء مهنية لأطباء، مشيرا إلى أن 30% منها صحيحة، و70% لم يرتكب الطبيب أى أخطاء طبية بها، ونكتشف أنها عملية "ابتزاز" من المريض، لأنه اتجه لطبيب آخر ووجد أن كشفه بسعر أقل، والشكاوى الصحيحة، يتم التعامل معها من خلال إما أن يعيد الطبيب الكشوفات، أو علاج المريض على حسابه فى أى مكان آخر، أو أن نجد أن المريض تقدم ببلاغ فى النيابة وبالتالى نضطر إلى الانتظار لنتائج التحقيقات، مؤكدا أن النقابة تتخذ إجراءات تصل إلى الشطب فى حال ثبوت خطأ الطبيب، أو صدور أحكام قضائية نهائية.
وأوضح بيومى، لـ "انفراد"، أن 250 شكوى خلال عام، هو معدل مرتفع بعض الشىء عن السنوات الماضية، خاصة أن من بين الشكاوى تأتى من بعض العرب من المراكز التى تظهر على شاشات التليفزيون، تابعة لأطباء يدفعون إعلانات للظهور فى البرامج، بعد تلقيهم علاج بتلك المراكز بعد مشاهدتهم للطبيب، وفوجئوا بحدوث مشاكل صحية لهم.
وفى نقابة الصيادلة، قال محمود عبد الدايم، محامى بالنقابة العامة للصيادلة، إن بعض الناس يفهموا الشكاوى بشكل خاطئ، فكثيرا ما تتلقى النقابة شكاوى خاصة بوجود أموال لدى شخص عند صيدلى، أو دخول أخر في شراكة مع صيدلى لفتح صيدلية، وهى جميعها أمور ليس للنقابة علاقة بها، موضحا أن عدد الشكاوى خلال العام الماضى حوالى 15 شكوى فقط وصلت للنقابة العامة، 90% منهم تتعلق بشكوى مواطنين بيع صيدلى لصيدليته لغير متخصص، وبيع الأسماء وفى حال إثبات ذلك يتم إحالته للتأديب، لافتا إلى أن هناك قضية صيدلانية أجرت صيدليتها لأخر صيدلى، وامتنع الأخير عن سداد قيمة الإيجار، ولم يتم حل الأمر إلا عقب اكتشاف والده الصيدلى لتعليق الخدمات لابنه، وطلبهم الصلح.
وأوضح عبد الدايم، لـ "انفراد"، أن أغرب الشكاوى كانت لسيدة طبيبة، تشكو لنقابة الصيادلة، زوجها الصيدلى ومعاملته السيئة لها، رغم عدم اختصاص النقابة بنظر تلك المشكلات، مشيرا إلى أن الأصل فى الشكوى لنقابة الصيادلة هو التقدم بها للنقابات الفرعية، وليس النقابة العامة، وفى حال وجود الإحالة للتأديب فأنه يتم فى النقابة العامة.
وكان لكيد النساء نصيب من تلك الشكاوى، التى تستقبلها النقابات المهنية، ذلك ما أكده أحد أعضاء مجلس نقابة الصيادلة السابق، والذى فضل عدم ذكر إسمه، قائلا: أن سيدة اشتكت طليقها الصيدلى للنقابة، لأنها ترغب فى الحصول على ألفى جنيه قيمة النفقة الخاصة بها، لأنه يرفض ذلك رغم أنه قادر على دفعها، وأكدت أنها ترغب فى "كسر أنفه" فقط، بجانب تلقى النقابة شكوى بتحرش أحد الصيادلة بسيدة مترددة على صيدليته، وخاطبها على الواتس آب، والتى بدورها أبلغت زوجها وتواصل مع الصيدلى باعتباره هى وأثبتوا تلك الأحداث عليه، وقدموا بلاغ ضده، وتم التحقيق مع الصيدلى، واعترف بالواقعة، وتم إحالته لهيئة التأديب.
وأخيرا، فى نقابة الأطباء البيطريين، قال الدكتور ناجى على عبد الله، عضو مجلس النقابة العامة، مقرر لجنة الشكاوى، إن أغلب الشكاوى وأكثرها تكرارا من البيطريين، ومواطنين، هو عمل غير البيطريين "الباراميديكال" فى الأدوية البيطرية، مشيرا إلى أنه فى حال التأكد من ذلك يتم تحرير محاضر ضد بمزاولة مهنة دون ترخيص، موضحا أن خلال العام الماضى بلغ عدد الشكاوى حوالى 25 شكوى، لافتا إلى أن ابرز الشكاوى الغريبة التى وصلت النقابة كانت خاصة بشخص ليس طبيب بيطرى، وضد شخص ليس طبيب بيطرى أيضا.