مبادرة رئاسية تحولت إلى مشروع قومى يسهر على تنفيذها تحالف الخير الذى يضم ممثلين للدولة ومنظمات المجتمع المدنى والشباب، أنها مبادرة "حياة كريمة" التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أول العام الجارى، وسيشهد المؤتمر الوطنى السابع للشباب الذى سيعقد فى العاصمة الإدارية الجديدة، فى يومه الثانى، بعد غد الأربعاء، المؤتمر الأول للمبادرة المعنية بوضع إستراتيجية القضاء على الفقر فى القرى الأكثر احتياجاً.
"حياة كريمة"، هى المبادرة التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى بداية 2019 من خلال تغريدة على حسابه الشخصى بموقع تويتر قال فيها "فى مستهل عام ميلادى جديد.. تأملت العام الماضى باحثًا عن البطل الحقيقى لأمتنا، فوجدت أن المواطن المصرى هو البطل الحقيقى.. فهو الذى خاض معركتى البقاء والبناء ببسالة وقدم التضحيات متجردًا وتحمل كُلفة الإصلاحات الإقتصادية من أجل تحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.. ولذلك فإننى أوجه الدعوة لمؤسسات وأجهزة الدولة بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى لتوحيد الجهود بينهما والتنسيق المُشترك لاستنهاض عزيمة أمتنا العريقة شبابًا وشيوخًا.. رجالًا ونساءً.. وبرعايتى المباشرة.. لإطلاق مبادرة وطنية على مستوى الدولة لتوفير #حياةكريمة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا خلال العام 2019 #تحيامصر".
وبعد دعوة الرئيس وإطلاقه للمبادرة، دارت عجلة الأداء الحكومى مستهدفة تنفيذ ما دعا إليه الرئيس، وهى مبادرة متعددة فى أركانها ومتكاملة فى ملامحها، تنبع من مسؤولية حضارية وبعد إنسانى قبل أى شيء آخر، فهى أبعد من كونها مبادرة تهدف إلى تحسين ظروف المعيشة والحياة اليومية للمواطن المصرى، لكنها تهدف أيضا إلى التدخل الآنى والعاجل لتكريم الإنسان المصرى وحفظ كرامته وحقه فى العيش الكريم، ذلك المواطن الذى تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادى والذى كان خير مساند للدولة المصرية فى معركتها نحو البناء والتنمية، فلقد كان المواطن المصرى هو البطل الحقيقى الذى تحمل كافة الظروف والمراحل الصعبة بكل تجرد وإخلاص وحب للوطن.
وتستهدف المبادرة إحداث التكامل وتوحيد الجهود بين مؤسسات الدولة الوطنية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدنى وشركاء التنمية فى مصر، لأن ما تسعى المبادرة إلى تقديمه من حزمة متكاملة من الخدمات، التى تشمل جوانب مختلفة صحية واجتماعية ومعيشية، هى بمثابة مسؤولية ضخمة ستتشارك هذه الجهات المختلفة فى شرف والتزام تقديمها إلى المواطن المصرى، لاسيما من الفئات المجتمعية الأكثر احتياجا للمساعدة ولمد يد العون لها، حتى تستطيع أن تحيا الحياة الفضل التى تستحقُّها والتى تضمن لها الحياة الكريمة.
وتقوم مبادرة "حياة كريمة" على رؤية إستراتيجية لتوحيد جهود الدولة المصرية مع القطاع الخاص والمجتمع المدنى فى ملف مكافحة الفقر، وذلك للتخفيف عن كاهل المواطنين بالمجتمعات الأكثر احتياجا فى الريف والمناطق العشوائية فى الحضر، لتوفير حياة كريمة للمواطن والارتقاء بجودة حياته، وتستهدف المبادرة الارتقاء بالمستوى الاقتصادى والاجتماعى والبيئى للأسر الأكثر احتياجا فى القرى الفقيرة، وتمكينها من الحصول على كافة الخدمات الأساسية وتوفير فرص عمل وتعظيم قدراتها الإنتاجية بما يسهم فى تحقيق حياة كريمة لهم، فضلاً عن تنظيم صفوف المجتمع المدنى وتعزيز التعاون بينه وبين كافة مؤسسات الدولة، والتركيز على بناء الإنسان والاستثمار فى البشر، وتشجيع مشاركة المجتمعات المحلية فى بناء الإنسان وإعلاء قيمة الوطن.
وترتكز المبادرة على عدة عناصر أهمها تضافر جهود الدولة مع خبرة مؤسسات المجتمع المدنى وشركاء التنمية من المؤسسات والمنظمات الدولية، ودعم المجتمعات المحلية، فى إحداث التحسن النوعى فى معيشة المواطنين المستهدفين ومجتمعاتهم على حد السواء، مع التأكيد على أهمية تعزيز الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين، وتوزيع مكاسب التنمية بشكل عادل، وتوفير فرص عمل لتدعيم استقلالية المواطنين وتحفيزهم للنهوض بمستوى المعيشة لأسرهم ولمجتمعاتهم المحلية.
ومنذ إطلاقها تعتمد المبادرة مجموعة من المبادئ الأساسية، أهمها الشفافية فى تداول المعلومات، والنزاهة فى أداء الخدمة لمستحقيها، والثقة المتبادلة بين الحكومة والمجتمع المدنى والمجتمع المحلى، والالتزام والتعهد لكل شريك للقيام بدوره وفق منهجية العمل ومعايير الخدمات، والتوازن بين تقديم التدخلات الخدمية والتدخلات التنموية والإنتاجية، وحث روح التطوع ومشاركة المجتمع المحلى، واللامركزية عن طريق تفويض السلطة وإتاحة قدر أكبر من المرونة، وتقريب المسافة بين مستويات اتخاذ القرار.
ووضع القائمين على المبادرة مجموعة من المعايير الأساسية للفقر فى القرى المستهدفة، منها ضعف الخدمات الأساسية والبنية التحتية من شبكات المياه والصرف الصحى وشبكات الطرق، وانخفاض نسبة التعليم، وارتفاع كثافة فصول المدارس، والاحتياج إلى خدمات صحية مكثفة لسد إحتياجات الرعاية الصحية، وارتفاع نسبة فقر السر القاطنة فى تلك القرى.
كما حدد القائمين على المبادرة الفئات المستهدفة، وهم الأسر الأفقر فى القرى المستهدفة، والشباب العاطل عن العمل، والأيتام والنساء المعيلات والأطفال، والأشخاص ذوى الإعاقة، وبعدها تم تقسيم القرى الأكثر احتياجا بناء على البيانات القومية للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى عدة مراحل، ضمت المرحلة الأولى منها القرى التى تتعدى نسبة الفقر فيها الـ70%، ووهى القرى الأكثر فقرا والأكثر تعرضا للتطرف والإرهاب الفكرى، بإجمالى عدد أسر " 756 ألف أسرة"، تضم 3 مليون فرد، فيما تركزت المرحلة الثانية على القرى التى تتراوح نسبة الفقر فيها ما بين 50 % إلى 70 %، وهى القرى الفقيرة التى تحتاج لتدخل ولكنها أقل صعوبة من قرى المجموعة الأولى، أما المرحلة الثالثة، فتضم القرى التى تقل فيها نسبة الفقر فيها عن 50 %، وهى القرى التى تواجه تحديات أقل لتجاوز الفقر.
وتقدم المبادرة تدخلات خدمية مباشرة، منها إصلاح بنية تحتية "سكن كريم"، من خلال بناء أسقف ورفع كفاءة منازل، ومد وصلات مياه ووصلات صرف صحى، وتدريب وتشغيل الشباب من خلال مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر وتفعيل دور التعاونيات الإنتاجية فى القرى، وزواج اليتيمات بما يشمل تجهيز منازل الزوجية وعقد أفراح جماعية، وإنشاء حضانات منزلية لترشيد وقت الأمهات فى الدور الإنتاجى وكسوة أطفال، بالإضافة إلى تدخلات خدمية غير مباشرة، تتنوع ما بين تدخلات صحية وتشمل كشوفات طبية وعمليات جراحية وتوفير علاج، وأجهزة تعويضية منها سماعات ونظارات وكراسى متحركة وعكازات، فضلاً عن سلات غذائية بتوزيع مواد غذائية مُدَّعمة وسلات طعام للأسر الفقيرة، وتدخلات بيئية بجمع مخلفات القمامة مع بحث سبل تدويرها.
وتضم المبادرة عدد من الشركاء الفاعلين، منهم الوزارات والمؤسسات والمحليات ممثلين للدولة، بالإضافة إلى القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى، وشركاء التنمية من المؤسسات والمنظمات الدولية، فضلاً عن المواطنين والمتطوعين.