بعد لحظات الموت والرعب التى عاشوها قبل خمسة أشهر، يسعى بعض الناجين من حادث إطلاق النار على المصلين بمسجدى كرايستشيرش لإيجاد السلام النفسى مع توجههم لأداء فريضة الحج هذا العام.
وبالتزامن مع الركن الأعظم، وتوافد الحجاج للوقوف على جبل عرفات، سلطت شبكة "سى إن إن" الأمريكية الضوء على الرحلة المقدسة التى يقوم بها بعض هؤلاء الناجين، وقالت فى تقرير على موقعها الإلكترونى إنه عندما ترى مريم جول البالغة من العمر 31 عاما بعينيها الكعبة هذا الأسبوع، ستكون لحظة من السلام التام، فالكعبة المكان الأكثر قداسة فى الإسلام، تمثل عالما بعيدا عن مسجد لينود فى كرايستشيرش، حيث قتل والديها وشقيقها فى حادث إطلاق النار المروع فى وقت سابق هذا العام، وقالت جول لسى إن إن: "أعتقد أننى أبحث عن رمز، رمز للسلام ولله، وهو هنا".
وجول واحدة من بين 200 شخص وصلوا إلى مكة من كرايستشترش هذا الأسبوع لأداء فريضة الحج، وهم الناجون من الحادث الإرهابى المروع وأقارب من راحوا ضحيته أيضا والذين بلغ عددهم 51 شخص.
وكان العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز قد وجه دعوة الحج مدفوعة الأجر بالكامل لهم لأداء الفريضة، وسهل المقابلات التى أجرتها "سى سى إن" مع حجاج كرايستشيرش من قبل مركز الاتصالات الدولى بالمملكة.
وقال وزير الشئون الإسلامية عبد اللطيف بن عبد العزيز آل شيخ ، بحسب بيان سابق نشرته وكالة الأنباء السعودية، إن الرحلة التى مولتها الدولة جزء من جهود المملكة لمواجهة وهزيمة الإرهاب والإرهابيين، وقال الناجون من كرايستتشريش وأقاربهم إن الحج وسيلة للتعافى من العنف الذى غير حياتهم.
وقالت جول إن مشاعرها أصبحت أكثر هدوءًا الآن، وأصبحت أكثر ترتيبا ولم تعد فى فوضى ولا فى مزاج سيئ بعد الآن، بل هى فى سلام، وأكثر تركيزا على فعل السلام ونشره.
أما تاج محمد، البالغ مع العمر 47 عاما، والذى تعرض لإطلاق نار ثلاث مرات فى ساقه فى مسجد النور إن اليوم الذى تلقى فيه الدعوة لأداء الحج كان يوما خاصا للغاية، معربا عن سعادته الشديدة بذلك، وأضاف محمد، الذى لن يستطيع أداء الطواف إلا على كرسى متحرك بسبب إصابته ، إن التجربة الروحية قد خففت أمراضه وملأته بالامتنان، لافتا إلى أن قدومه للحج لم يكن بالأمر السهل، إلا أنه يرى أن تلك الحجة محاولة لطى صفحة الماضى الأليم.
أما رشيد عمر، الذى فقد نجله فى الهجوم الإرهابى الأسوأ فى تاريخ نيوزيلندا، فقال إن هذه رحلة فى العمر وهى حلم، مضيفا إنه لا يصدق أنه موجود بمكة. وأضاف عمر إنه لم يخطط لقبول دعوة العاهل السعودى لأن زوجته وأبنائه لم يستطيعوا مرافقته، لكن زوجته أقنعته بالقيام بالرحلة. وقال عمر إنه سيقوم بالدعاء لنجله ولعائلته، مشيرا إلى أنه يسعى لحالة السلام الذهنى ويبحث عن طريقه الروحى الخاص به.