بعيون متعلقة بالكعبة الشريفة وأيادى مرتفعة للسماء وأصوات مبتهلة، توحد حجاج البيت الحرام فى أمنيتهم الأخيرة خلال طواف الواداع، أن يرزقهم الله نعمة زيارة بيته الحرام مرة آخرى، وينعموا فيه بالصلاة والدعاء بالرحمة والمغفرة، ثم حزم ضيوف الرحمن أمتعتهم لمغادرة الأراضى المقدسة عائدين إلى بلدانهم، بعد أن من الله عليهم بأداء الفريضة لهذا العام، وذلك بعد أن رموا الجمرات الثلاث مبتدئين بالصغرى ثم الوسطى ومختتمين بالكبرى (العقبة).
وتستعد الجهات المعنية لمرحلة ما بعد الحج لهذا العام بالمدينة المنورة، لاستقبال طلائع الحجاج من المتعجلين الذين لم يتمكنوا من الزيارة قبل الحج، حيث يحرص الحاج على زيارة المسجد النبوي الشريف والصلاة فيه والتشرف بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما، وزيارة المآثر والمواقع الإسلامية والتاريخية، وأعلنت جميع الجهات جاهزيتها بجميع طاقاتها من كوادر بشرية ومعدات تقنية لاستقبال مئات الألاف من الحجاج.
فيما شهدت منشأة الجمرات، ومشعر منى طوال يوم أمس ثالث أيام التشريق، انسيابية في حركة الحجيج، واستوعبت المنشأة الحجاج الذين توافدوا تباعًا لرمي الجمرات الثلاث دون تزاحم أو حوادث تذكر، فيما كان لرجال الأمن المسؤولين عن تنظيم الحشود دور بارز في عملية تيسير الحركة في منطقة الجمرات، بينما استنفرت قوات الدفاع المدني المشاركة في تنفيذ الخطة العامة للطوارئ بالحج جهودها، وكثفت من انتشارها في جميع طرق مغادرة الحجيج لمشعر منى باتجاه المسجد الحرام لمن يرغب في أداء طواف الوداع.
وشهدت الطرق السريعة التي تربط مكة المكرمة بالمدينة المنورة، وأيضًا التي تربط مكة المكرمة بجدة والمدن الأخرى، كثافة في الحركة، واكبها وجود كبير للدوريات المرورية وأمن الطرق، بينما استنفذت النقابة العامة للسيارات وشركات نقل الحجاج طاقاتها البشرية في المرحلة الثانية من خطتها، لتنفيذ خطة المغادرة للحجاج إلى المدينة المنورة وجدة، وإطلاق فرق المتابعة والفرق الفنية لمسح الطرق وإصلاح الحافلات المتعطلة وتوجيه المتوقفة منها بمكة إلى خارج مكة المكرمة بالتنسيق مع القيادات المرورية والأمنية.
وبدأ الحجاج المصريين فى العودة لأرض الوطن بعد أن أدوا مناسك الحج فى موسم ناجح بامتياز لم تظهر خلاله شكاوى أو مشكلات، حيث يستقبل مطار القاهرة اليوم عودة أول وفود حجاج السياحى ويبلغ عدده 763 حاجا، فيما يبدأ حجاج البرى المغادرة يوم الجمعة من العقبة ليصل إلى أرض الوطن يوم الأحد المقبل عن طريق ميناء نويبع.
ودفعت وزارة السياحة بلجانها إلى المدينة المنورة لاستقبال الحجاج الذين يرغبون فى الزيارة، فى حين وضعت لجان آخرى بالمنافذ والمطارات لمتابعة تفويج الحجاج وفقا للخطة الزمنية الموضوعة بحيث يكون آخر الافواج 28 أغسطس، وتشمل مهمات اللجان متابعة حالة الحجاج وإنهاء إجراءات سفرهم وتذليل أى عقبات أو أزمات قد تطرأ خلال المغادرة.
وقال مجدى شلبى رئيس بعثة الحج أنه جارى العمل على تجميع التقارير الخاصة بمتابعة موسم الحج هذا العام، لوضع تقرير مفصل من قبل اللجنة العليا للحج عن أهم الإيجابيات التى شهدها موسم الحج الحالى، للإبقاء عليها وتطويرها، وأيضا السلبيات التى تم رصدها من قبل اللجان لتفاديها خلال المواسم المقبلة، مشيرا إلى أن هذا التقرير سيكون أمام وزيرة السياحة الدكتورة رانيا المشاط قبل نهاية أغسطس.
وأشار إلى وزيرة السياحة كانت تتلقى تقارير يومية طوال فترة موسم الحج من لجان المتابعة، وخاصة خلال أيام تأدية الحجاج للمناسك فى المشاعر المقدسة، باعتبارها أهم الفترات فى موسم الحج، لافتا إلى أنها كانت تشدد على ضرورة تيسير كافة الاجراءات أمام الحجاج وتذليل أى عقبات أمامهم، لضمان رحلة إيمانية هادئة ومريحة للحجاج.
وأشاد أعضاء غرفة شركات السياحة باسل السيسى وعلاء الغمرى ويسرى السعودى، بما شهده موسم حج هذا العام من تعاون كبير بين أعضاي البعثة والعمل على راحة الحجاج، مؤكدين انه لم يتم رصد أي مخالفات في المشاعر المقدسة سواء فى عرفات أو منى والمزدلفة، ووجهوا الشكر للملكة العربية السعودية على الجهود الكبيرة التي تقوم بها من أجل ضيوف الرحمن.
فى حين كشف رئيس البعثة المصرية للحج عن فحوى التقرير الذى من المرتقب تقديمه لرئيس الوزراء فور عودته عن موسم حج هذا العام، مثنيا على التعاون بين الوزارات الثلاث السياحة والتضامن والداخلية، لإنجاح موسم الحج، مؤكدا أنه شدد على البعثة بضرورة التعامل مع كافة الحجاج المصريين أيا كانت الجهة التابعين لها، طالما أنهم مصريون.
وأكد رئيس البعثة الرسمية للحج أن جهود السلطات السعودية لخدمة الحجاج ضيوف الرحمن وتعاون السلطات كانت أحد أهم أسباب نجاح عمل البعثة، مشيدا بالتوعية والإرشادات والانتشار المكثف لأفراد الأمن السعوديين للتسهيل على الحجاج؛ فضلا عن الخدمات الطبية الكبيرة التى يتم تقديمها.
وأشار إلى أنه من أهم إيجابيات الموسم الحالى والتى سيتضمنها التقرير نجاح خطة تفويج الحجاج لعرفات ومنى، بما في ذلك خطة الطوارئ التي نفذت بالفعل عندما اكتشفت البعثة تخلف نحو 50 حاجا على جبل عرفات، فتم توفير سيارات لهم ونقلهم إلى المزدلفة، وتكرر الأمر نفسه في منى وتم التعامل معه.
ولفت إلى أن البعثة لم تتلقى شكاوى جسيمة، وتمكنت من حل مشكلة تأشيرات الفرادي غير المنظمة، باعتبار أصحابها في المقام الأول مصريين لذا عكفت البعثة الرسمية على توفير الرعاية الصحية اللازمة لهم، وتم تسكين كافة الحجاج المصريين في الخيام، مشيرا الى ان التقرير النهائي سوف ينصح بعدم السماح بخروج حجاج الفرادي من مطار القاهرة إلا اذا قدموا ما يثبت التعاقد مع شركة سياحة، حتى لا يعطون انطباعا سيئا عن المصريين في الخارج.
وأوضح الوزير أنه تم توفير سيارات متحدي الإعاقة لتسهيل استكمال المناسك على الحجاج من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبشكل عام فإن الخدمة تعد جيدة ولكن ضيق المساحات في منى كان تحديا كبيرا فلا يمكن لها أن تستوعب مليوني ونصف المليون حاج، ولكن البعثات المصرية تغلبت عليها بمعاونة مشايخ الأزهر والأوقاف الذين قدموا الفتاوى السعودية التي تفيد بأنه يمكن للحاج النزول من المزدلفة الى مكة لعمل طواف الافاضة ثم يعود ليرمي الجمرات بحيث ان يترك مساحة ويمنع.
وكشف الوزير أن اعضاء البعثة الطبية؛ قاموا بجولات تفتيشية بمطاعم الفنادق التي يتواجد بها الحجاج المصريين من أجل الاطمئنان على سلامة الطعام المقدم لهم، كما تم القيام بجولات تفتيشية داخل مقرات الحجاج المصريين من أجل التأكد من سلامة الأطعمة التى بحوزتهم؛ حتى لا تسبب في حدوث أي حالات تسمم حفاظا على صحتهم.
وشهد موسم حج هذا العام تغطية إعلامية كبيرة من قبل 923 وسيلة إعلامية منحتها وزارة الإعلام 923 تصاريح تغطية مناسك حج هذا العام، كما أعطت الموافقة على 1638 تصريحًا للتصوير حتى 6 أغسطس من العام الجاري، بالإضافة إلى 151 قناة تلفزيونية وإذاعية، و36 بعثة إعلامية دولية للحج، وتصاريح لـ522 جهاز ومعدة تصوير، و6 شركات لتقديم خدمات الربط بالأقمار الصناعية .
وسمحت الوزارة بـ7 مواقع للبث المباشر على مدى 24 ساعة عن طريق 60 مصورًا و20 مخرجًا و25 فريق إعداد برامج ومحتوى و30 مراسلًا ميدانيًّا و10 عربات نقل، كما قدمت خدمات للإعلاميين من خلال فتح مركزيين إعلاميين، واستضافة 225 إعلاميًّا من 28 دولة، وبث 4197 مادة إعلامية حتى 6 أغسطس من العام الجاري، و26 وسيلة إعلامية أجنبية لتغطية موسم الحج.
واستعرضت منظمة الصحة العالمية، تقريرها، بمناسبة اختتام موسم الحج لعام 2019، الذي وصفته بـ"الناجح"، وهنأت، حكومة المملكة العربية السعودية ووزارة الصحة السعودية على استضافتها الناجحة لموسم الحج هذا العام، دون الإبلاغ عن حدث واحد من أحداث الصحة العامة أو فاشيات الأمراض في صفوف الحجيج.
وأعربت عن خالص شكرها وعميق تقديرها لجميع "أبطال ومتطوعي الرعاية الصحية" على تفانيهم في تقديم خدمات الرعاية الصحية لما يزيد على 2.5 مليون حاج.
وأشارت إلى أنها "أوفدت فريقا من الخبراء لدعم جهود وزارة الصحة، وضمان تنفيذ تدابير التأهب في مجال الصحة العامة بهدف الوقاية من حدوث أي فاشيات محتملة للأمراض، لافتة إلى أن موسم الحج جاء في وقت تحدق فيه أخطار عديدة بالصحة العامة العالمية، فمؤخرا أعلنت المنظمة الإيبولا طارئة صحية عامة تثير قلقاً دولياً، وتتطلب استجابة عالمية، أضف إلى ذلك أمراض الكوليرا والحصبة وشلل الأطفال وغيرها من الأمراض الـمُعدية التي لا تزال ترِد بها تقارير من بلدان كثيرة يشارك مواطنوها في الحج".
ولفتت إلى أن فريق المنظمة زار خلال بعثته مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات في منى وعرفات والمزدلفة ليتعرفوا بأنفسهم إلى العمل الـمُنجَز على الأرض، وأثبتت الزيارات الميدانية أن نظام الإنذار المبكر مُطبق ويعمل جيداً، وفقاً للمنظمة.
وشددت منظمة الصحة العالمية، على أن السلطات السعودية قد استعدت خير استعداد للوقاية من المخاطر المرتبطة بالتجمعات البشرية الحاشدة والاستجابة لها مثل أمراض الحرارة والتسمم الغذائي. وكان لمستوى التأهب الرفيع الفضل في خفض عدد الحالات إلى أقل معدلاته، فلم تُسجل قضايا صحية جوهرية في صفوف الحجاج هذا الموسم.