كانت مصر على أعتاب الاكتفاء الذاتى من الدواجن، قبل أن تشهد الصناعة المهمة ضربة قاسية فى العام 2006، بعد تفشى وباء أنفلونزا الطيور وآثاره الكارثية التى قلصت حجم الاستثمار والإنتاج، والآن يبدو أن صناعة الدواجن فى سبيلها للتعافى بعد 13 سنة من المحنة، بوصول نسبة الاكتفاء الذاتى إلى 99%، من المتوقع أن تكتمل بنسبة 100% خلال فترة قصيرة.
بحسب المؤشرات الرقمية والاستثمارية فإن صناعة الدواجن فى مصر تشهد تعافيا كبيرا، مع تقليص العجز الذى تضطر الدولة لاستيراده من الخارج إلى أقل من 1% سنويا، لتبدو آثار التعافى واضحا فى حجم الاستثمارات والعمالة والإنتاج، وتراجع استيراد الدواجن المجمدة من الخارج، مع تطبيق منظومة قواعد الأمان الحيوى والتوسع فى المشروعات الجديدة ومناطق التصنيع والتخزين، سواء بالتبريد أو التجميد.
فى هذا الإطار، كشف تقرير صادر عن مسؤولى الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة، زيادة الإنتاج المحلى إلى مليار و100 مليون طائر سنويا، مع تراجع واردات الدواجن المجمدة من 250 ألف طن إلى 34 ألف طن فقط فى الوقت الحالى، مؤكدا أن حجم الاستيراد تراجع أكثر من 23 ألف طن فى 2019، قياسا على 2018 الذى شهد استيراد 57 ألف، وأكثر من 190 ألف طن مقابل 2017 الذى سجلت الواردات فيه أكثر من 224 ألف طن.
وقالت الدكتورة منى محرز، نائب وزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية والداجنة: إن تراجع استيراد الدواجن المجمدة والوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى تقريبا عبر الإنتاج المحلى يعود الفضل فيهما إلى القرارات المنظمة للصناعة المحلية، وتطور معايير الأمان الحيوى داخل المزارع، وتطبيق الشركات الكبرى العاملة فى المجال أحدث نظم التربية والرعاية، بشكل قلّص معدلات الأمراض والنفوق.
وأوضحت أن الإجراءات المتطورة فى أنشطة الاستثمار الداجن، مثل تطوير عنابر التربية وتحويلها إلى النظام المغلق، ساعد على تقليص الخسائر الناجمة عن الإصابات والأمراض، وزاد معدلات الإنتاج عبر تقليل الخسائر وزيادة عدد الدورات خلال العام، لافتة إلى أن نظام التربية المفتوح الذى كانت تعتمد عليه أغلب المزارع فى السابق تتراوح فيه الإصابة بين 20 و30%، بينما لا تزيد على 5% فى النظام المغلق، متابعة: «نسعى لجذب مزيد من الاستثمارات فى القطاع، لتحقيق فائض يسمح بالتصدير، ونشجع الكيانات الصغيرة على عمل تعاونيات فيما بينها، ونوفر الأرض لها فى الظهير الصحراوى لإنشاء مزارع خارج الدلتا، لتوفير الأمان الحيوى والأبعاد الوقائية، خاصة أن الدلتا تشهد ارتفاع معدلات الخطر على المزارع، لافتقادها عناصر الأمان الحيوى، بما يزيد الخسائر إلى 30%».
وأكدت «محرز» أن الحكومة حريصة على استقرار صناعة الدواجن، حفاظا على الاستثمارات الضخمة فى المجال، لذا تتعاون مع البنوك الوطنية وكبرى شركات الإنتاج الداجنى ذات الريادة فى تطبيق معاملات الأمان الحيوى، وتقديم الدعم التمويلى والفنى والتقنى لأصحاب المزارع بغرض تحويلها من النظام المفتوح إلى المغلق، لإحكام منظومة الأمان الحيوى والوقاية، والحد من الخسائر الاقتصادية الناتجة عن زيادة الأمراض، وذلك بعد تقرير صلاحية المزارع للتطوير.
وأشارت إلى أن تجميع صغار مربى الدواجن فى كيانات كبيرة يسهم فى تقوية الصناعة وتنميتها، ما يتماشى مع توجهات الحكومة والقيادة السياسية فى مصر لزيادة الإنتاج، خاصة بعد إصدار القرار الوزارى رقم 368 لسنة 2017، بشأن السماح بإقامة مشروعات الدواجن على الأراضى الصحراوية والمستصلحة حديثا خارج الزمام الزراعى، بعيدا عن الكتلة السكنية بما لا يقل عن كيلو متر واحد، بشرط توافر الأبعاد الوقائية وفق المسافات المحددة.
وفى سياق متصل، قال الدكتور نبيل درويش، رئيس الاتحاد العام لمنتجى الدواجن: إن مصر وصلت إلى الاكتفاء الذاتى من الدواجن لأول مرة منذ 13 سنة، بعد تفشى وباء أنفلونزا الطيور، لافتا إلى أن سوق الدواجن قبل 2006 كانت تحقق فائضا للتصدير، لكن الاستثمارات وحجم الإنتاج تراجعا بعد ظهور المرض. متابعا: «بفضل المشروعات الجديدة حاليا، وفهم كبار وصغار المربيين للأمراض المتوطنة، وتطبيق معايير الأمان الحيوى، واعتماد النظام المغلق بدلا من المفتوح، وصلنا إلى الاكتفاء الذاتى، والآن لا تقل استثمارات الدواجن عن 65 مليار جنيه، وتضم 2.5 مليون عامل مباشر وغير مباشر».
وبدوره، قال الدكتور ثروة الزينى، نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجى الدواجن: إن ارتفاع الإنتاج المحلى من الدواجن وتحقيق الاكتفاء الذاتى واستقرار أسعارها، بسب تطبيق معايير الأمان الحيوى فى المزارع، وتفهم المربين طبيعة الأمراض المتوطنة، موضحا أن صناعة الدواجن من المشروعات القومية الواعدة، فى ضوء أهميتها الكبيرة على الصعيد الاقتصادى، وإتاحة مزيد من فرص العمل الجديدة، المباشرة وغير المباشرة، وتحقيق إضافة حقيقية للاقتصاد القومى من خلال المنتجات والصناعات التى تقوم عليها.