أكثر من 120 موقعا مخصصا للذهب فى مصر، حددتهم هيئة الثروة المعدنية ليتم استغلالهم بشكل شرعى وقانونى، ثروة ضخمة تقع فى الصحراء الشرقية، فهناك توجد رواسب الذهب ضمن صخور القاعدة فى عدة أشكال على رأسها عروق المرو الحاملة للذهب فى مناطق السد السكرى والقواطع النارية الحاملة للذهب فى منطقة فاطيرى، ونطاقات الحديد والشرائط الحاملة للذهب فى منطقة وادى كريم، والرواسب الوديانية الموجودة فى مناطق أم عليجة.
والمعروف عن مناجم الذهب الموجودة فى صحراء مصر الشرقية أنها مقسمة إلى 4 قطاعات.. القطاع الشمالى الموجود شمال طريق سفاجا - قنا، ويضم مناجم فاطيرى - روح الحديد - أم بلد، والقطاع الأوسط ويمتد من جنوب طريق سفاجا - قنا حتى جنوب طريق إدفو مرسى علم، ويضم حوالى 62 موقعًا للذهب، أشهرها مناطق السد - أم الروس - البرامية - السكرى - دنجاش أبومروات، وهناك القطاع الجنوبى الشرقى الموجود جنوب برانيس على البحر الأحمر، ويضم حوالى 7 مواقع، أشهرها حوتيت - روميت - كروبباى، والقطاع الجنوبى ويقع فى نطاق وادى العلاقى، ويضم حوالى 19 موقعًا للذهب، أشهرها أم جريات - جيمور - أم الطيور - سيجة - شاشوبة.
وعلى الرغم من محاولات الحكومة الدائمة للحد من عمليات التنقيب غير الشرعية بسن قوانين وإدخال تعديلات تشريعية عليها مثلما حديث مع أحكام القانون رقم 68 لسنة 1976 بشأن الرقابة على المعادن الثمينة والأحجار ذات القيمة، وذلك لتوقيع أقصى عقوبة ممكنة وصلت إلى حد السجن 5 سنوات وغرامة 10 ملايين جنيه.
إلا أن دفتر حكايات مافيا عمليات التنقيب غير الشرعى والباحثين عن الثراء السريع ممتلئ فهذا ذهب عقله بعدما فشل فى العثور على الذهب المراد وآخر ضل طريقه ومات وحيدا شريدا فى صحراء جبال البحر الأحمر.
حسن تراجع عن التنقيب خوفا من الأمن
«حسن» اسم مستعار بناء على رغبته، شاب فى الثلاثينيات من عمره، دخل مجال التنقيب عن الذهب خلال الأيام الماضية، واستمر فيه لمدة أسبوع واحد فقط، قبل أن يقرر عدم خوض التجربة مرة أخرى بعدما ألقى الأمن القبض على عشرات المنقبين عن الذهب بشكل غير شرعى.
«اتفقت مع صديق أن يكون الدليل الخاص لى فى المنطقة ويصطحبنى للأماكن التى تجرى فيها عمليات التنقيب، أمى وأبى كانا على علم بما سأقدم عليه، نظرًا لأننى اعتدت العمل فى الجبل بمفردى منذ السادسة عشرة من عمرى، وبالفعل ذهبت لمنطقة أم الرز بالبحر الأحمر بعد بورتو غالب، والمعروف فى هذا المجال أن هناك مجموعات تأتى من الوجه القبلى هى التى تقوم بعمليات التنقيب وتقيم فى الجبل لمدة لا تقل عن شهر، وخلال تلك المدة نكون معرضين لأى خطر، سواء إصابة أفرادها أو مداهمتهم من قبل قوات الأمن.
ويضيف: ذهبت للعمل بشكل فردى، ولم أنضم لمجموعات، وقررت ألا أخوض التجربة مرة أخرى، لأنها كانت غير مجدية من وجهة نظرى، فعلى سبيل المثال أنفقت على مدى أسبوع من مالى الخاص 1500 جنيه للتنقل وشراء طعام وشراب نظير 400 جنيه فقط تحصلت عليها مقابل بيع الحجارة التى جمعناها لأحد المحاجر.
«عماد» دخل مجال التنقيب بعد إدمانه
«عماد» اسم مستعار بناء على رغبته، كان موظفًا حكوميًا عاديًا يتقاضى راتبًا يراه كثيرون جيدًا وكفيلًا بأن يجعله يعيش ميسور الحال، قبل أن يتعرف على أحد رفقاء السوء ويتجه للإدمان، وتكون النتيجة أن يتم فصله من عمله، يقول: كان كل شىء يسير على ما يرام، أتكفل بالإنفاق على أسرتى، وكانت بالنسبة لنا الوظيفة الحكومية كنزًا ثمينًا، وفى يوم تعرفت على صديق كان يتعاطى مواد مخدرة اصطحبنى معه فى إحدى الجلسات وبدأت المعاناة.
ويتابع: واظبت على التعاطى إلى أن تم فصلى من الشركة التى كنت أعمل بها، فاتجهت لعمليات التنقيب، وبالفعل صعدت أكثر من مرة للجبل، كنت أخرج من الخامسة صباحا وأعود فى منتصف الليل، أو اضطر للمبيت، وظللت على هذا الحال لمدة شهرين قبل أن أضل الطريق فى إحدى المرات التى صعدت فيها للاستكشاف والتنقيب، وبقيت لمدة خمسة أيام دون طعام أو شراب.. حقيقة رأيت الموت بعينى، حتى وجدنى أحد أفراد «العبابدة»، ساكنى الجبال، وأنقذ حياتى.
ووفقًا للقانون رقم 198 لسنة 2014، تُوجه تهمة استخراج معادن طبيعية من المناجم والمحاجر بدون ترخيص من الجهات المختصة لكل من يستخرج معدنًا دون إذن مسبق، ويُعاقب القائم بالفعل بالسجن لمدة لا تقل عن العام، وغرامة لا تقل عن ربع مليون جنيه، وفى 2017 تم تعديل هذه المادة فى القانون بموجب قرار مجلس الوزراء، وأضيف لها بند خاص بحظر استيراد أدوات التنقيب إلا بعد الحصول على موافقة وزارة البترول والثروة المعدنية، ووزارة الصناعة.
وعلى الرغم من وضوح المادة القانونية السابقة، وتجريمها لعمليات التنقيب دون تراخيص وبيع الأدوات اللازمة لتلك العمليات غير الشرعية، فإن هذا لا يمنع بعض الشركات من الإعلان عن بيعها أجهزة تنقيب عن الذهب عبر صفحات التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، بعدما تنجح فى إدخالها للبلاد تحت ستار أجهزة الكشف عن المياه الجوفية، وأمام تلك المحاولات أعلن مجلس الوزراء فى وقت سابق تجريم عمليات التنقيب العشوائى وغير القانونى عن الذهب خارج إطار المناطق التى تم تخصيصها لهذا الغرض، وذلك لضمان تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية مع الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة، وحظر استيراد أجهزة الكشف عن المعادن وحيازتها إلا بعد موافقة مسبقة من وزارة البترول والموارد المعدنية وتغليظ العقوبات، من خلال التعديلات التشريعية التى تم الموافقة عليها من البرلمان مؤخرا.