المتابع للسوق العقارية فى الفترة الأخيرة، يعلم تمامًا أن المبيعات تراجعت بنسبة وصلت لـ70%، وهو ما يؤكده عدد كبير من كبار المطورين العقاريين، متوقعين أن تستمر هذه الحالة التى يمر بها القطاع العقارى حتى نهاية 2020، وهو ما أثر بشكل آخر على انتعاش حركة الإيجار وارتفاع نسبة الوحدات المؤجرة، بنسبة كبيرة وصلت لـ40% خلال العامين الماضيين.
دراسة أجريت من قبل أحد المراكز البحثية المتخصصة فى الشأن العقارى، كشفت تطور مراحل الإيجار خلال العامين الماضيين، حيث أكدت أنه فى عام 2017، بلغ متوسط قيمة الإيجار الجديد فى مصر 1200 جنيه مصرى شهريًّا، وهو ما يمثل زيادة نسبتها 20% عن العام السابق، حيث قفز متوسط الإيجار بها بنسبة 33% عن العام السابق وسجل ضعفين ونصف المتوسط القومى، وعلى الطرف الآخر من المقياس، سجلت المدن الصحراوية الخارجة «الوادى الجديد» والطور «جنوب سيناء» أدنى إيجارات، بحوالى نصف المتوسط القومى، وشهدت سوهاج فى صعيد مصر أكبر زيادة بنسبة 50% عن العام الماضى، فى حين شهدت القاهرة أدنى زيادة عند 9%.
وقالت الدراسة: يضطر المصريون إلى إنفاق 39% من دخلهم على الإيجار، وذلك دون حساب تكاليف السكن الأخرى، مثل المرافق والصيانة، والتى ترتفع أيضًا بشكل هائل، لافتة إلى أن محافظة بورسعيد أقل مدينة يمكن تحمل تكاليف إيجاراتها، حيث سجل متوسط الإيجار 91% من متوسط الدخل، ومشيرة إلى أن هناك 6 مدن فى صعيد مصر والدلتا، ينفق مواطنوها نحو نصف دخلهم على الإيجار، فيما تعتبر الأسعار معقولة فى ثمانى مدن فقط، حيث كانت الإيجارات قريبة من أو أقل من 25% من الدخل، وشملت هذه المدن: الإسكندرية، ثانى أكبر مدن مصر، ومدينتين بالقاهرة الكبرى «الجيزة وشبرا الخيمة بالقليوبية».
وقارنت الدراسة بين معدل الإيجار فى عام 2017 وعام 2008، مؤكدة أن متوسط الإيجار أصبح أعلى بـ6 مرات من مثيله فى عام 2008، ولكن لم يزد الدخل بمثل هذا المعدل، ما أدى إلى انخفاض القدرة على تحمل التكاليف بثلاثة أضعاف تقريبًا، حيث قفز متوسط نسبة الإيجار إلى الدخل على المستوى القومى من 14% فى عام 2008 إلى 39% فى عام 2017.
وحول مدد عقود الإيجار، كشفت الدراسة، أن عقود الإيجار الجديدة مُددها بين القصيرة والمتوسطة، وأن المدة الأكثر شيوعًا كانت بين سنة وثلاث سنوات (41.7%)، وبعدها العقود التى تمتد إلى أربع وخمس سنوات (36.1%)، أما العقود التى تزيد على خمس سنوات فكانت أقل من ثلث العقود.
من جانبه، شدد المهندس محمد البستانى، عضو شعبة الاستثمار العقارى، على ضرورة أن يكون هناك مركز دراسات متخصص من أجل عمل دراسة متأنية ربع سنوية لتقييم أداء القطاع العقارى بمؤشرات واضحة وحقيقية، لتتم الاستعانة بها من قبل العاملين فى مجال التطوير العقارى والمعنيين بقطاع الاستثمار العقارى لتوجيه خططهم المستقبلية بناء على معلومات معتمدة ودقيقة للتغلب على أزمة نقص وتضارب الأرقام والمعلومات بالقطاع، لافتا إلى أن تقليل مساحة الوحدات، يعد الحل الأمثل للحفاظ على إقبال العملاء لشراء عقارات، مشيراً إلى ضرورة الابتعاد عن تنفيذ وحدات بمساحات كبيرة تصل إلى 300 متر، وتنفيذ وحدات 100 متر حتى يستطيع المواطنون شراءها فى ظل ظروف ارتفاع الأسعار.
وطالب بضرورة إنشاء نماذج جديدة للوحدات أقل تكلفة من النماذج الموجودة فى الوقت الحالى بمشروعات القطاع الخاص، إضافة إلى الابتعاد عن الخدمات ذات التكلفة المرتفعة، لافتا إلى أن المطورين العقاريين يعتمدون فى الوقت الحالى على طبقة الأغنياء فقط فى المجتمع، وهو ما يخلق عجزا فى وحدات الطبقات الأقل بدءا من محدودى الدخل وحتى الطبقة فوق المتوسطة، معتبرا أن تصدير العقار، يعد السبيل الوحيد لنجاة الشركات العقارية من أزمة تراجع مبيعات الوحدات الفاخرة، مبينا أنه على الرغم من أن الحكومة أقرت منح الإقامة للأجانب مقابل شراء عقار، إلا أنه لم يتم تفعيل القرار حتى الآن أو الاستفادة منه فى بيع شقة واحدة للأجانب.
من جانبه، قال المهندس حسين صبور، المطور العقارى، إن تصدير العقار من شأنه أن يسهم فى تحقيق إيرادات دولارية كبيرة للاقتصاد الوطنى، وسيضاعف مواردنا التصديرية، لافتا إلى أن نجاح مصر فى تصدير العقار يتطلب عدة إجراءات من بينها إنشاء مكاتب ممثلة للشركات العقارية فى كافة دول العالم بالتنسيق مع الحكومة المصرية، مشددا على ضرورة حل مشكلة التسجيل العقارى، ودعم الحكومة وطمأنة المشترى الأجنبى من خلال رعايتها ووجودها بقوة فى المعارض العقارية الدولية.
وفى السياق ذاته، قال المهندس عمرو سليمان، نائب رئيس غرفة التطوير العقارى، إن من أولويات السوق العقارية فى المرحلة الراهنة وضع خطة لزيادة الطلب على العقار، من خلال زيادة عمليات العرض والطلب على العقارات، والتركيز على محورين مهمين فى تلك المرحلة، أولهما تأسيس اتحاد المطورين العقاريين والثانى: تصدير العقار.
وأكد سليمان أن تصدير العقار أصبح عنوان المرحلة الحالية والمقبلة، خاصة أن هناك أكثر من 5 ملايين أجنبى بمختلف الجنسيات العربية والأجنبية يقيمون داخل مصر، لافتا إلى أن العقار المصرى يعد الأرخص على مستوى العالم، وهو ما يجعل العقار المصرى ينافس بقوة فى الأسواق العالمية، كما ساهم تحرير سعر الصرف بشكل كبير فى دعم طموح المطورين والدولة على تصدير العقار المصرى، فيما أكد أحمد فكرى، المطور العقارى، أنه يجب التوسع فى المعارض العقارية الخارجية، لافتا إلى أنه يسهم بشكل كبير فى تسويق المشروعات، حيث إنها تتيح للعميل والمستثمر رؤية أوسع وأشمل لأغلب المشاريع الكبرى فى مكان وآن واحد، كما تتيح تلك المعارض فرصة جيدة لعرض المشاريع بشكل جيد، بجانب وجود عروض ترويجية أثناء فترة المعارض والتى تشجع العملاء بشكل كبير على اتخاذ قرار الشراء.