المعروف أن تمثال أبو الهول الرابض فى صحراء الجيزة، شاخصًا للأمام معطيًا ظهره للأهرامات الثلاثة يرجع إلى نحو 2500 ق.م وأن من نحته هو خفرع، وأنه ظل تحت الرمال حتى عام 1939 لا يظهر منه سوى رأسه حتى بدأت عمليات الكشف عنه، وحين أزالوا الرمال عنه لم يجدوا عليه أية نقوش تُشير إلى صانعه أو إلى عُمره.
وفى بداية التسعينيات جاء باحث من جامعة بوسطن الأمريكية، وتوصل إلى نتائج غريبة منها أن عُمر أبو الهول يرجع إلى 10 آلاف سنة قبل الميلاد!، ومؤخرًا، فعاود عدد كبير من الباحثين الغربيين الاهتمام بأبى الهول، والبحث عما يوجد تحت هذا الوجه الإنسانى وجسد الأسد.
فى عام 2017 نشرت صحيفة "إكسبريس البريطانية" ما يفيد بوجود مدينة تحت أبو الهول وبحيرة تحت هرم خوفو، حيث ذكرت الصحيفة أن مؤرخين بريطانيين يعتقدان أن الثقب الموجود فى رأس أبو الهول يقود إلى سر هائل ومدينة أثرية ضخمة، وأن هناك عدة أنفاق وممرات حول أبو الهول تؤدى إلى تلك المدينة.
ومنذ أيام قليلة زعمت مؤرخة بريطانية وجود غرف سرية مخبأة أسفل تمثال أبو الهول قد تؤدى إلى اكتشاف كنوز لم يتم التوصل إليها من قبل.
ووفقًا لجريدة "ذا صن" قالت المؤرخة البريطانية الدكتورة بيتانى هيوز، فإن الغرف الموجودة أسفل التمثال قد تكشف أسرارًا خفية، وتشير إلى وجود كنز محتمل، مشيرة إلى غرفتين أسفل تمثال أبو الهول، وذلك خلال برنامجها الجديد على القناة الخامسة "أعظم كنوز مصر".
لكن علماء الآثار المصريين وعلى رأسهم الدكتور زاهى حواس، أكدوا أن تلك الادعاءات لا تمت للواقع بأية صلة، وليس لها أى دليل علمى على الإطلاق، ولدينا صور للحفر الذى تم أسفل أبو الهول تبين أن "أبو الهول" صخرة صماء لا يوجد أسفلها أى ممرات.
وأضاف زاهى حواس، أنه عندما ارتفع منسوب المياه الجوفية أمام "أبو الهول" وقام فى ذلك الوقت مركز هندسة الآثار بجامعة القاهرة بحفر 22 حفرة حول "أبو الهول" من جميع جوانبه بعمق 20 مترًا تحت الأرض فى الصخرة، ثبت بما لا يدع مجالاً للشك عدم وجود أى ممرات حول التمثال أو أسفله وأنه منحوت من صخرة هضبة الهرم.
وأضاف العالم الكبير، أنه أثناء عمليات التنظيف للتمثال تم العثور على 4 سراديب داخله، وكان البعض يعتقد فى ذلك الوقت بوجود سراديب أسفل التمثال بخلاف الـ4 سراديب التى تم الكشف عنها، وهو ما لم يتم العثور عليه.
لكن كيف نظر التاريخ إلى ما يوجد أسفل تمثال أبى الهول: لم يذكر المؤرخ القديم "هيرودوت" أية تفاصيل عن تمثال أبى الهول لكنه قال بوجود بحيرة تحت الأهرامات.
بينما قال المؤرخ عبد اللطيف البغدادى فى كتابه (الإفادة والاعتبار فى الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر) متحدثا عن تراث مصر "ومن الآثار القديمة الأهرام، وقد أكثر الناس من ذكرها ووصفها و(الحديث عن) مساحتها، وهى كثيرة العدد جداً، وكلها ببر الجيزة، وعلى سمة مصر القديمة وتمتد فى نحو مسافة يومين، وفى بوصير منها شيء كثير، وبعضها كبار وبعضها صغار.. وبعضها مدرّج وأكثرها مخروط أعلى.
وأما الأهرام المتحدَّث عنها المشار إليها الموصوفة بالعظم فثلاثة أهرام موضوعة على خط مستقيم بالجيزة قبالة الفسطاط، وبينها مسافات يسيرة زواياها متقابلة نحو المشرق، واثنان منها عظيمان جداً وفى قدر واحد، وبهما أولع الشعراء، وشبهوهما بنهدين قد نهدا فى صدر الديار المصرية.
وقد سُلك فى بناية الأهرام طريق عجيب من الشكل والإتقان، لذلك صبرت على ممر الزمان، بل على ممرها صبر الزمان، فإنك إذا تبصرتها وجدت الأذهان الشريفة قد استهلكت فيها، والعقول الصافية قد أفرغت عليها مجهودها، والأنفس النيّرة قد أفاضت عليها ما عندها لها، والملكات الهندسية قد أخرجتها إلى الفعل مثلاً هو غاية إمكانها، حتى أنها تكاد تحدث عن قومها وتخبر بحالهم، وتنطق عن علومهم وأذهانهم، وتترجم عن سيرهم وأخبارهم».
وبعد أن يتابع البغدادى هذا الوصف مفصّلاً شكل المبانى وداخلها، يصل إلى أبى الهول فيقول: "وعند هذه الأهرام بأكثر من غلوة (مقدار رمى السهم) صورة رأس وعنق بارزة من الأرض فى غاية العظم يسميه الناس أبا الهول... وفى وجهه حمرة ودهان أحمر يلمع عليه رونق الطلاوة، وهو حسن الصورة مقبولها، عليه مسحة بهاء وجمال، كأنه يضحك مبتسماً. وسألنى بعض الفضلاء ما أعجب ما رأيت؟ فقلت تناسب وجه أبى الهول. فإن أعضاء وجهه كالأنف والعين والأذن متناسبة، كما تصنع الطبيعة الصور متناسبة. والعجيب من مصور كيف قدر أن يحفظ نظام التناسب فى الأعضاء مع عظمها، وأنه ليس فى أعمال الطبيعة ما يحاكيه وينقله".