قبل 400 عام، وتحديدا فى أغسطس 1619، وصل أول أشخاص تم استعبادهم من أفريقيا إلى مستعمرة فرجينيا فى جريمة لن يمحوها الزمن وطالما حاولت الولايات المتحدة ولا تزال على احتواء آثارها لطرح مبادرات للتعايش بين الجميع.
وفى هذا الوقت، وقبل 4 قرون، وصلت سفينة رقيق برتغالية تسمى "ساو جواو بياتوتيستا"، بعد سفرها عبر المحيط الأطلنطى تحمل المئات من البشر؛ أفارقة من أنجولا فى جنوب غرب أفريقيا. هؤلاء النساء والرجال والأطفال، أغلبهم على الأرجح من مملكتى ندونجو وكونجو، تحملوا الرحلة المرعبة استعداد لحياة العبودية فى المكسيك.
وبحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، توفى تقريبا نصف الأسرى فى الوقت الذى تمت فيه محاصرة السفينة من قبل سفينتين من القراصنة الإنجليز، بينما تم أخذ الأفارقة الباقين إلى ميناء بوينت كامفورت قرب جيمس تاون ، عاصمة مستعمرة فرجينيا الإنجليزية، والتى أسستا شركة فرجينيا بلندن قبل 12 عام من هذا التاريخ.
وكتب المستعمر جون رولف إلى السير إدوين سانديز من شركة فرجينيا، أنه فى أغسطس 1619 ، وصل رجل حرب هولندى إلى المستعمرة ولم يجلب سوى 20 من الزنوج الغربيين، الذين اشتراهم الحاكم للمراعى. وكان أغلب الأفارقة يعملون على الأرجح فى حقول التبغ التى تم تأسيها مؤخرا فى المنطقة.
إلا أن البعض يرى أنه لا ينبغى المبالغة فى تخليد ذكرى هذا الشهر، لأن الأفارقة كانوا موجودين بالفعل ويستخدمون مزارع التبغ، وكان هناك أفارقة فى شمال وجنوب أمريكا أتى بهم الإنجليز والأسبان فى القرن السادس عشر.
وفى ظل زيادة العنصرية فى المجتمع الأمريكى فى السنوات الأخيرة، وما حدث من وقائع ضد السود من قبل الشرطة، تكتسب تلك الذكرى أهمية خاصة حيث تمثل جانب قاتم للتاريخ الأمريكى لا تزال تداعياته مستمرة حتى الآن رغم نضال حركة الحقوق المدنية وما حققته من مكاسب على مدار عقود.
وشهد شهر أغسطس تنظيم مؤتمرات وحفلات موسيقية فى ولاية فرجينيا مع إطلاق عدد كبير من الفراشات وقرع الاجراس فى الأراضى الأمريكية بمناسبة هذه الذكرى.
وكان الكونجرس الأمريكى قد شكل لجنة خاصة هذا العام للاحتفال بالذكرى الـ400 لوصول أول رقيق إلى الأراضى الأمريكية من أفريقيا، وقام وفد برئاسة رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى برئاسة وفد من أبرز أعضاء الكونجرس السود بزيارة إلى غانا.
بينما قامت غانا من جانبها بطرح مبادرة تستهدف تشجيع أحفاد الأفارقة على زيارة البلاد بل والاستقرار فيها.
ورغم مرارة هذا التاريخ، أغسطس 1619، إلا أن العمل القسرى لم يكن أمرا أغريبا، فالأفارقة والأوروبيون كانوا يتاجرون فى البضائع والناس عبر البحر المتوسط على مدار عقود، لكن حتى هذا الوقت لم تكن العبودية قائمة على العرق.
وتجارة العبيد عبر الأطلنطى التى بدأت مع بداية القرن الخامس عشر قدمت نظاما من العبودية الذى أصبح يقوم على التجارة والعرق وتم توريثه. فالرقيق لم يكن ينظر إليهم كأشخاص على الإطلاق، ولكن كسلع يتم شرائها وبيعها واستغلالها. وعلى الرغم من أن الأفارقة سواء العبيد أو الأحرار كانوا موجودين فى أمريكا الشمالية فى أوائل القرن السادس عشر، إلا أن بيع 20 من الأفارقة بعد أسرهم من السفينة البرتغالية وضع الأساس لما أصبح العبودية فى الولايات المتحدة.
وتم تأكيد استخدام العمال المستعبدين من خلال سن قانون فى فرجينيا عام 1662، والذى نص على أن وضع الطفل يتبع وضع الأم، مما يعنى أن النساء اللاتى يتم استعبادهن تلدن أجيال من الأطفال من الأصول الأفريقية التى ينظر إليه كسلع. هذه الزيادة الطبيعية سمحت للمستعمرات ثم للولايات المتحدة فيما بعد أن تصبح دولة عبودية. كما أمن القانون الثورة للمستعمرين الأوروبيين وأجيال من أحفادهم حتى مع إمكانية منع السود الأحرار من توريث أبنائهم. وفى نفس الوقت، فإن التسلسل الهرمى والعنصرى قد تحول إلى قانون. ففى أربعينيات القرن السابع عشر، هرب الخادم الأسود جون بانش مع اثنين من الخدم البيض أيضا. وبمجرد القبض عليهم، حكم على البيض بأعوام إضافية فى العمل كخدم، بينما حكم على بانش بالعبودية مدى الحياة.. وبمرور الوقت تم سن القوانين أكثر صرامة تضمن أن السود يتعرضون للاستعباد مدى الحياة بينما تمت تقنين حماية البيض.