علامة ضخمة تضم إصبع الإبهام الذى يشير إلى أعلى، والذى يرمز إلى علامة "LIKE" الشهيرة تحيى الزوار عند مدخل مقر شركة "فيس بوك" فى مينلو بارك، فى قلب وادى السليكون، وخلف هذه العلامة يوجد علامة شركة "Sun Microsystems" التى كانت توجد فى نفس المكان قبل بيعها عام 2005، وتركها مارك زوكربيرج من أجل أن يتذكر موظفو الشركة أن لا شىء يدوم، وأن الشركات التكنولوجية الناشئة يمكنها النجاح ويمكن أيضا أن تفشل ويأتى غيرها، فالشركة كانت فى البداية مجرد موقع للتواصل الاجتماعى، شكك الكثيرون فى مدى قدرتها على النجاح، ولكن فيس بوك الآن هى الشركة السادسة أكثر قيمة فى العالم، حيث تبلغ قيمتها السوقية نحو 325 مليار دولار، وتضم أكثر من 1.6 مليار مستخدم شهرى، و1.1 مليار مستخدم يومى - أى ما يقرب من ثلث الموجودين على كوكب الأرض - وتحقق إيرادات ضخمة تعود فى الأساس إلى الإعلانات التى أصبحت هى المعيار الأول الذى تعمل من أجله الشركة.
إعلانات الهواتف الذكية
يقضى الأمريكيون 22٪ من الوقت على الإنترنت على فيس بوك عبر الهواتف الذكية، مقارنة مع 11٪ على بحث Google ويوتيوب، وهذا وفقا لتقرير صادر من شركة أبحاث "نيلسن"، ونتيجة لذلك فالشركة لديها كمية هائلة من البيانات حول عدد كبير من المستخدمين بشكل يتخطى أى شركة أخرى تقريبا فى التاريخ، واستخدمت فيس بوك هذه الميزة لتصبح واحدة من أقوى الشركات فى الإعلانات التجارية، وتمكنت مضاعفة إيراداتها فى غضون عامين فقط حتى وصلت 18 مليار دولار فى عام 2015.
كما أن الهواتف الذكية تسببت فى إطالة الوقت الذى يمضيه الناس على الإنترنت كل يوم، وهذا يعطى المعلنين مزيدا من المعلومات من أجل نشر رسائل قريبة من الاهتمامات، بما فى ذلك معلومات عن المستخدمين ونوعية الأجهزة التى يستخدمونها فى الدخول على فيس بوك، فإذا كانت ايفون فهم أغنياء، وهكذا.
جمع بيانات عن المستخدمين
فى مجال البيانات فيس بوك لا ينافسها أحد، باستثناء جوجل، فهى تعرف الكثير عن سلوك المستخدمين عبر الإنترنت، ويمكن استهدافهم بشكل فعال، فالشبكة الاجتماعية قادرة على رؤية آخر مكان يذهبون إله على الإنترنت والصور التى تعجبهم والمنشورات التى يقضون عليها وقت أطول من غيرها، وهذا يمكن المعلنين من الوصول إلى المستهلكين بدقة عالية. ووفقا لـ"Peter Stabler" من بنك "ويلز فارجو" أن هناك ثلاثة عناصر إلزامية فى الإعلان على شبكة الإنترنت، الأول هو أن يكون لديك موقع على شبكة الإنترنت متاح على الهواتف الذكية، وثانيا أن تندمج مع "جوجل وفيس بوك"، ونتيجة لهذا حصلت فيس بوك على 17% وجوجل 35% من إجمالى 70 مليار دولار تم إنفاقها على الإعلانات عبر الهاتف الذكى خلال عام 2015.
عمليات الاستحواذ
ساهمت عمليات الاستحواذ التى قام بها زوكربيرج فى مكان شركته وترتيبها، فعندما استحوذ على إنستجرام فى 2012 بمبلغ مليار دولار كان لديه نظرة أبعد، وتمكن من بيع الإعلانات عليها مما جعل التطبيق يجمع إيرادات 2 مليار دولار خلال العام الماضى فقط.
كما أنها استحوذت على واتس آب فى صفقة كبيرة لضمان عدم وجود منافسين يسرقون مستخدميه، فالمحللون يتفقون على أن الصفقة كانت ذكية، حيث كان هناك ثلاثة تهديدات وجودية لفيس بوك، وهى واتس آب، وإنستجرام، وسناب شات، اشترى زوكربيرج اثنين منهم بأقل من 10٪ من القيمة السوقية لفيس بوك. وساعد فيس بوك فى هذا الأمر هى شركة تحليلات إسرائيلية تحمل اسم Onavo اشتراها بـ120 مليون دولار، وساعدت فيس بوك فى تتبع أى من التطبيقات ستصبح أكثر شعبية وستهدد فيس بوك، وحسب أحد التقديرات فإن الإيرادات المجمعة لتطبيق ماسنجر وWhatsApp يمكن أن تكون 10 مليارات دولار بحلول عام 2020.
ويقول زوكربيرج إنه لا يهدف إلى الاستحواذ على شركات لمجرد الاستحواذ، ولكنه يسعى وراء الشركات التى سيستفيد منها وتشكل منافسة شرسة.
استغلال تطبيق ماسنجر
خطة فيس بوك هى ترسيخ نفسها فى حياة الناس اليومية، وهذا يجعل من الصعب بالنسبة للمستخدمين تركها أو التحول إلى المنافسين، فالشركة تعمل على توفير مزايا تسمح للمستخدمين بالشراء مباشرة من ماسنجر، أول طلب التاكسى، وخدمات أخرى لتقديم خدمات عن الطقس والطائرات، فالشركة تريد أن تحول ماسنجر لنسخة أكثر تطورا من تطبيق WeChat الصينى، وهذا سيجعل فيس بوك أكثر قوة، لأنه سيربط الناس ليس فقط مع أصدقائهم ولكن مع المعاملات الخاصة والاتصالات والخدمات، مما يعطيها نظرة أعمق إلى سلوك الناس على شبكة الإنترنت، وسيصب فى النهاية أيضا إلى تحقيق أرباح طائلة من الإعلانات.