ظلت مشكلة المحليات فى مصر مزمنة على مدى عقود، بالرغم من أن كل الآراء اتفقت على أن مشكلات مصر تحلها إعادة الاعتبار للمحليات، وأن يقوم المحافظون ورؤساء الأحياء والمدن بدورهم الطبيعى فى تطبيق القانون ومواجهة التعديات والمخالفات والحفاظ على أراضى الدولة وتسهيل حياة المواطنين والدفاع عن حقهم فى الرصيف والشارع والخدمات بشكل عادل.
ولم يتردد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى التأكيد على خطورة وأهمية المحليات فى كل مناسبة، والتنبيه لأهمية تطبيق القانون من دون تفرقة. وشغلت قضية المحليات مساحات دائمة من تفكير الرئيس، بجانب مئات المشروعات الكبرى التى تقوم فى كل مكان فى مصر، وبالرغم من أن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان حريصا على استخدام تعبيرات منضبطة، حسب وصفه فى مؤتمر الشباب الأخير، كان مدركا للدور المتعلق بالمحليات، وكيف تغير من أداء الدولة وتضع مصر على طريق التقدم.
وفى الوقت الذى تقوم فيها مشروعات عملاقة ومدن جديدة وشبكة طرق وبنية أساسية، يظل أداء المحليات ضعيفا إشغالات ومخالفات وزحام وبناء على الأراضى الزراعية واعتداء على أراضى الدولة، وهو ما نبه له الرئيس، معبرا عما يقوله الناس فى الشارع بشكل مباشر تجاه المحليات، كونها أهم وأخطر قطاع تتعلق به كل القرارات والخدمات.
وكعادته يتابع الرئيس كل قضية بتفاصيلها الدقيقة، وفى إجابته عن تأخر قانون المحليات، قال فى مؤتمر الشباب الأخير: «إن حجم التعدى على الأراضى الزراعية وأراضى الدولة يعكس الدور الخطير والمهم للمحليات..
الأمر الآخر فيما يتعلق بغياب المحليات واضح فى حجم الإشغالات والمخالفات والتعديات فى أحياء القاهرة والمحافظات بشكل يكشف عن عدم قيام رؤساء الأحياء بدورهم الطبيعى، ولهذا تساءل الرئيس السيسى: هل ما نراه فى مصر يعكس دورا وأداء جيدا ومنضبطا وكفئا؟.. وأجاب: «لا طبعا، احنا شايفين حجم التجاوز.. أى مبنى يتم بناؤه خارج الإطار من شغل المحليات، وأى تعديات هو شغل محليات، عندنا فى مصر مشكلة كبيرة فى هذا الأمر.
لقد وضع الرئيس قضية المحليات ضمن أولويات الدولة خلال الفترة القادمة. وتتضمن إشاراته دعوة للحكومة والمحافظين لأخذ زمام المبادرة ودراسة الأسباب وتطبيق القانون، واستعادة حق الدولة والمواطن فى الشوارع والأرصفة والحياة الطبيعية وتطبيق القانون من دون تفرقة.
كرر الرئيس عبدالفتاح السيسى علنا أثناء افتتاح مشروع الصوبات الزراعية بقاعدة محمد نجيب، مؤكدا«محدش يتعرض للدولة فى مصلحة المواطنين.. أى أرض تم الاستيلاء عليها مش هاسيبها لحد، والمفروض إن مافيش محافظ يسيب متر أرض لأى حد«.
الرئيس يتحدث بلسان المواطنين «ياريت الناس تفتكر إنى مش ضد حد.. أنا ضد الفوضى والإهمال واللا دولة ومش هنسيب حد ياخد حاجة مش بتاعته«.
تظل المحليات هى النقطة المركزية لأى تقدم تحدثه مصر، ولا يعقل أن تبنى الدولة كل هذه المدن والمشروعات فى كل مكان بمصر جنوبا وشمالا، بينما يظل الأداء الإدارى الحكومى عموما، والمحلى على وجه الخصوص متأخرا عن خطوات الدولة، وقد تحدث الرئيس السيسى مرات عن أن العاصمة الإدارية ليست بديلا للقاهرة، وتطوير المحليات وإنهاء الاعتماد على الحكومة فى القرارات الخاصة بالمحافظات يحمل الحكومة والبرلمان الكثير من الأعباء، لأنه ينقل كل هموم الناس فى المحافظات والمدن والقرى إلى المركز، ويتحول عضو مجلس النواب مع الوقت إلى عضو مجلس محلى يحمل طلبات ومشكلات المواطنين فى دائرته للقاهرة حتى يحظى برضا الناخبين، بينما الطبيعى أن يتم حل مشكلات المواطنين فورا وفى أماكنها.
لقد كان تأخير إصدار قانون الحكم المحلى واحدا من أكثر المشكلات الكثيرة، فقد طرح للمناقشة منذ عام 1997، كما تم انتزاع حق الرقابة والمتابعة من المجالس الشعبية المحلية الأمر الذى ساهم فى انتشار المخالفات والاعتداء على الاراضى الزرعية وأراضى الدولة.
لكن واضح من كلام الرئيس فى أكثر من مناسبة، عن النية فى إنهاء قانون المحليات وإنجاز الانتخابات بشكل يؤدى إلى وجود مجالس من الشباب تكون قادرة على مناقشة ومراقبة الأوضاع وطرح المشكلات المحلية وإنقاذ مصر وفرض القانون ومواجهة كل من يخالف.
ويساهم إصدار قانون المحليات جزءا من مواجهة ازمة القيادات الشعبية المحلية، وقد وجه الرئيس بسرعة انجازه حتى يتم إجراء انتخابات خلال فترة قصيرة وفى نفس الوقت وجه المحافظين، بعدم ترك حق الدولة فى الأراضى أو المخالفات، حيث يكمن حل نصف مشكلات مصر فى المحليات فى الأحياء والمدن والقرى، وهو ما يؤكد عليه الرئيس وهو يتابع عملية التغيير الشامل فى كل جانب. وتمثل تصريحات الرئيس أرضية لمهمة لإحداث ثورة كاملة فى نظام الإدارة المحلية، بما يليق بمصر وحجم ما يجرى فيها من مشروعات كبرى وتحركات على كل الأصعدة.