الساعات القليلة الماضية كشفت كيف سقط النائب تامر الشهاوى فى اختبار الإعلام، وهو اختبار بسيط وسهل ويستهدف البحث عن الفارق بين ما يرفعه النائب من شعارات، وما ينادى به من آراء على الفضائيات ويكتبه من بوستات على مواقع التواصل الاجتماعى، وبين الحقيقة المجردة على الأرض، فعندما اقتربنا من دائرة مدينة نصر واستعرضنا الشكاوى والاستغاثات لأبناء الدائرة، استولى الغضب على السيد النائب، وهدد وتوعد بكل ما يملك من أسلحة وأدوات، بلاغ للنائب العام، واستجوابات فى البرلمان، ولجنة لتقصى الحقائق، بل وفاته أن يطالب بإعلان حالة الطوارئ أيضا، أو إصدار فرمان سلطانى بإغلاق الجريدة والموقع، وتسريح مئات الصحفيين الذين تجرأوا ونشروا استغاثات وشكاوى أهالى الدائرة.
النائب تامر الشهاوى، مع احترامنا الكامل لشخصه وصفته الاعتبارية كنائب فى البرلمان المصرى الذى يمثل جموع الشعب، لو امتلك السلطة لسحق الإعلام ومنعه وتكميم أفواه الصحفيين لفعل، ولو استطاع أن يوقف كل الصحف والمواقع الإلكترونية لفعل، ولو بيده لأصدر قرارا بتشكيل لجان رقابية لمراجعة الصحف وما ينشر فى وسائل الإعلام، ومنع ما يتعارض مع رؤيته وما يمس وجهة نظره، وما لا يعجبه أيا كان، حتى لو كان يستند إلى أدلة ووقائع مؤكدة، وهذا ليس افتئاتا من عندنا، بل ترجمة حرفية لما بدر من السيد النائب على ما نشر حول شكاوى أهالى دائرة مدينة نصر.
أسهل قرار .. امنعوا الإعلام
أسهل قرار يمكن أن يتخذه النائب تامر الشهاوى هو منع وسائل الإعلام من أداء رسالتها، فى أول اختلاف يحدث معها، أو أول انتقاد لأدائه تحت قبة البرلمان ، وهو ما تجلى خلال الساعات الماضية، عندما نشرنا فقط بعض مطالب وشكاوى أهالى دائرة مدينة نصر، الدائرة التى يمثلها النائب فى مجلس النواب ويعرض مشكلاتها ويرعى مصالح أهاليها، ونسأل السيد النائب: هل هذا هو الحل من وجهة نظرك ؟ أن تبادر إلى إغلاق وسائل الإعلام وسحل الصحفيين وتكميم أفواههم والعمل على ترويعهم والزج بهم فى قضايا بتقديم بلاغات ضدهم للنيابة العامة؟ هل إسكات الصحفيين سيحل مشكلات الدائرة يا سيادة النائب؟ هل تكميم الأفواه سيجعل أهالى مدينة نصر يشعرون بالفارق وبالجهد المبذول من جانبك لحل قضاياهم العالقة؟ وهل كسر الأقلام هو الوسيلة المناسبة حتى لا تشعر أنك لا تدى مهامك تجاه أهالى الدائرة الذين انتخبوك وأعطوك أصواتهم؟ الإجابة أنت تعرفها طبعا يا سيادة النائب
منع وسائل الإعلام من القيام بدورها وإسكات الأقلام وتهديد الصحفيين لن يغير الأوضاع على الأرض ولن يجعل أهالى دائرة مدينة نصر راضين عن أدائك، لأننا لا ننقل إلا الحقيقة ولا نستعرض إلا شكاوى الأهالى ، كما أن تلك الهجمة على وسائل الإعلام لا تعنى إلا شيئا واحدا يا سيادة النائب : أنك سقطت فى الاختبار الإعلامى ، وأنك يمكن أن تستخدم الأدوات والسلطة التى تملكها بحكم كونك نائبا فى البرلمان ، فى غير وضعها ، وهذا وإن كان لا يخيفنا إلا أنه مؤشر خطر جدا يا سيادة النائب.
لماذا يتراجع الإعلام يا سيادة النائب
يتساءل النائب تامر الشهاوى فى بوست سابق له على مواقع التواصل الاجتماعى ، التى يعتبرها مجالا حيويا لحصد الشهرة واللايكات الافتراضية، يتساءل عن أسباب تراجع وسائل الإعلام فى السنوات الأخيرة ، وهنا نود أن نشير إلى الأدوات التى استخدمها سيادته فى الرد على تقرير صحفى ليس به أى تجاوز فى حقه ولا اعتداء من أى نوع على شخصه الموقر، تقرير يعرض مشكلات دائرة مدينة نصر، فما كان من النائب إلا أن أشهر مجموعة الأسلحة التالية فى وجوه الصحفيين: (بلاغات للنيابة العامة / إجراءات رقابية من البرلمان على وسائل الإعلام / لجنة لتقصى الحقائق)، لماذا هذه الترسانة من الأسلحة فى وجوه الصحفيين يا سيادة النائب؟ وهل تساعد هذه الأسلحة على تطوير وسائل الإعلام ورفع مستوى الصحفيين مثلا؟
أم أن هذه الأسلحة الفتاكة المروعة يستحقها الصحفيون لأنهم اقتربوا من مشكلات دائرتك الانتخابية؟ طيب ماذا لو كانوا قد نشروا تقارير مضروبة تشير إلى أن كل شيء تمام، وأن أهالى دائرة مدينة نصر وعزبة الهجانة راضين عن الأوضاع، وليس لديهم أى شكاوى، وأن التواصل معك ومع مساعديك عشرة على عشرة، وأن الدائرة هى الأفضل على مستوى جمهورية مصر العربية، هل كنت ساعتها ستشهر أسلحتك الممكنة وغير الممكنة لترهيب وترويع هؤلاء الصحفيين، أم أنك كنت ستستشهد بهذه التقارير المضروبة وتضعها على صفحات التواصل الاجتماعى؟
الإجابة موجودة من واقع ما تفضلت به يا سيادة النائب من تهديدات للصحفيين لمجرد أن تقريرهم لم يأت على هواك، ولو كتبوا كلمات مجاملة لكان الأمر تغير تماما، وهنا لابد وأن نتساءل معك يا سيادة النائب: لماذا تتراجع وسائل الإعلام؟ التراجع يأتى لأن كل من يمتلك سلطة أو يتصور أنه يمتلك سلطة من أى نوع يعتبر نفسه فوق المساءلة وفوق النقد، وأنه لا يصح أن توجه له وسائل الإعلام أية انتقادات، فهو يعتبر هذه الانتقادات مسألة شخصية ويضيق بها وبدلا من أن يبحث عن أصل المشكلات ويتحرى عنها ويعمل على حلها، يتخذ موقفا انفعاليا من وسائل الإعلام ويقرر أن يرتكب الخطأ القديم نفسه: المنع وتكميم الأفواه وكسر الأقلام، وهنا يؤسفنا للمرة الثانية أن نقول لك يا سيادة النائب إنك سقطت فى اختبار الإعلام.