لاقى القرار الحكومى رقم 346 لسنة 2019 والذى قضى بفرض رسوم وقائية مؤقتة لمدة 180 يوما، محاولات عدة داخليا وخارجيا لمواجهته والتلاعب حوله، من أجل إبطال آثاره، حتى بلغ التحايل إلى مصدرى البيليت من دول الاتحاد السوفيتى السابق ذروته خلال الأشهر الأخيرة.
تحايل مصدرى البيليت فى دول الاتحاد السوفيتى السابق (المصدر الرئيسى لواردات البيليت إلى مصر بنسبة تتجاوز 90%) على الرسوم الوقائية التى فرضتها وزارة التجارة والصناعة على واردات البيليت بصفة مؤقتة، فى إطار التحقيقات التى تتم فى الزيادة الكبيرة والمفاجئة للواردات والتى بلغت 1.6 مليون طن العام الماضى بمعدل نمو سنوى قدره 75%، لجأت هذه الدول لخفض سعر البيليت بمقدار 60 دولارا.
قيام دول الاتحاد السوفيتى السابق وعلى رأسها أوكرانيا وروسيا، بخفض أسعار التصدير البيليت مقدار 60 دولارا للطن، لتهبط من 475 دولارا واصل الموانئ المصرية فى مارس 2019 إلى 415 دولارا للطن حاليا، فى حين أن الرسوم المطبقة حالياً هى 61 دولارا للطن، أى أنه لا تأثير على الإطلاق لتلك الرسوم على مصانع الدرفلة.
التحايل على قرار فرض رسوم على واردات البيلى، يهدد استثمارات بـ150 مليار جنيه، ويقف ضد مساعى الحكومة للحد من استنزاف العملة الأجنبية فى الاستيراد رغم وجود البديل المحلى، وكذلك هذا التحايل يهدد 30 ألف وظيفة، جراء الخسائر الكبيرة التى تتعرض لها المصانع الوطنية.
وهنا أصبحت مصانع الصلب المتكاملة فى موقف لا تحسد عليه لأنها فى الوقت الذى تحارب فيه لتحقيق التكافؤ بين تكلفة البيليت المستورد وتكلفة إنتاجه محلياً، يقوم المصدرون بالتحايل على الأسعار لتعويض شركات الدرفلة عن تلك الرسوم وبالتالى الاستمرار فى التصدير بكميات هائلة مما يزيد من الأضرار الجسيمة والتى على ضوئها قامت مصانع الصلب المتكاملة بتقديم شكوى الوقاية إلى وزارة التجارة والصناعة.
ونضيف إلى أعباء مصانع الدورة الكاملة، حدوث ارتفاع فى تكلفة الإنتاج عليها بنسبة 30 %، بسبب الزيادة الكبيرة فى سعر خام الحديد، إذ زادت تكلفة التشغيل بصورة غير مسبوقة قياسا على العام الماضى، هذه الزيادة يقابلها انخفاض فى تكلفة الإنتاج لدى مصانع الدرفلة، نتيجة التراجع فى سعر البيليت.
وفى نفس السياق تعد فكرة فرض رسوم على واردات البيليت ليست بدعة مصرية خالصة، حيث إن هناك دولا أخرى تفرض رسوم وقائية على واردات البيليت مثل الولايات المتحدة بنسبة 25% وكذلك فيتنام 17% وهناك دول أخرى تفرض رسوم حمائية تحت مستويات مختلفة مثل رسوم الإغراق فى باكستان (24%) بالإضافة إلى دول أخرى تفرض رسوم جمركية ثابتة (مثل تركيا 13.9%، الجزائر 11.1%، الهند 15%، باكستان 11%، جنوب أفريقيا 10%، إلخ) وجميعها أشكال مختلفة من الرسوم التى تستهدف حماية الصناعة الوطنية من مخاطر الإغراق.
كانت وزارة التجارة والصناعة قد أصدرت فى 15 أبريل الماضى قرارا بفرض رسوم وقائية على واردات البيليت وذلك بصفة مؤقتة لحين انتهاء التحقيقات فى أكتوبر القادم. وتتدرج تلك الرسوم من صفر فى المائة عند وصول البيليت إلى الأسواق المصرية بسعر أعلى من 550 دولارا وتصل إلى 15% عند انخفاض أسعار الاستيراد إلى أقل من 450 دولارا واصل الموانئ المصرية.
يتبقى سؤال هنا، هل تتحرك وزارة التجارة والصناعة لتعديل الرسوم وزيادتها من 15% إلى 25% وجعلها رسوما غير مؤقتة بسبب هذه التطورات والتحولات فى سياسة مصدرى البيليت للتلاعب على القرار المصرى؟ أم ستترك الصناعة الوطنية تحتضر وتدمر استثمارات بعشرات المليارات؟.