رغم ميراث الفساد الإدارى الطويل والمتراكم على مدى عقود عديدة متتابعة، نجحت الدولة المصرية عبر الآليات القانونية والرقابية فى مواجهة حالة الانفلات والخروج على القانون، وصولا إلى القضاء على قرابة 65% من الفساد داخل الجهاز الإدارى خلال سنة واحدة.
لم يكن هناك خيار آخر أمام الدولة لإزالة معوقات التنمية سوى استئصال الفساد والقضاء على كل صوره وأشكاله، خاصة داخل الجهاز الإدارى للدولة والجهات الخدمية التى تتعامل مع المواطنين، وبفضل تلك الجهود القانونية والرقابية المتواصلة نجحت الدولة فى القضاء على 65% منه خلل عام واحد، من خلال تطبيق محاور الاستراتيجية الوطنية الثانية لمكافحة الفساد التى جرى إطلاقها خلال ديسمبر الماضى.
كانت البداية من خلال الجهود المكثفة للأجهزة الوطنية لمكافحة الفساد، ممثلة فى اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد، وهيئة الرقابة الإدارية، والجهاز المركزى للمحاسبات، وأجهزة ووحدات وزارة المالية «المراقبون الماليون»، والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، وهيئة النيابة الإدارية، وجهاز الكسب غير المشروع، والإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة بوزارة الداخلية، ووحدة مكافحة غسل الأموال، والهيئة المصرية العامة للرقابة المالية غير المصرفية التى أعدت خططا شاملة ونسقت فيما بينها، لوضع الخطة الاستراتيجية الثانية لمكافحة الفساد بعد انتهاء تنفيذ المرحلة الأولى منها بين 2014 و2018.
وقالت مصادر رفيعة المستوى، إن أجهزة الدولة المعنية بمكافحة الفساد تمكنت من رصد أهم مظاهر الفساد، والتحديات المكتشفة خلال تنفيذ المرحلة الاولى من الاستراتيجية الوطنية، وسبل التغلب عليها، إلى جانب التحديد الدقيق للأهداف مع مراعاة تحقيقها فى المدى القريب والمتوسط، وتحديد الإجراءات التنفيذية الواجب اتباعها لتحقيق الأهداف ومعالجة الظواهر المسببة للفساد، موضحة أن الدولة انتهت إلى وضع أهم المحاور الرئيسية للقضاء على الفساد فى أسرع وقت ممكن، خاصة فى ظل إعاقته لجهود التنمية التى بدأتها مصر مع تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة الجمهورية، وتمثلت فى تطوير الجهاز الإدارى وتحويله إلى جهاز كفء وفعال، فضلا عن تقديم الخدمات العامة للمواطنين بجودة عالية وكُلفة منخفضة، حتى يشعر بالقضاء على الفساد الذى كان يعانى منه.
وأشارت المصادر، إلى أن الدولة اتجهت إلى تطوير البنية التشريعية الداعمة لمكافحة الفساد، ومنها قوانين تحفيز الاستثمار، ومنظومة الشباك الواحد، وتشديد العقوبات الخاصة بجرائم الرشوة والعدوان على المال العام، وقانون تضارب المصالح، وقانون الخدمة المدنية المنظم لعمل الجهاز الإدارى، مع وضع ضوابط للتعيين والتوصيف الدقيق والعلمى لكل الوظائف، وتحسين أداء العاملين من خلال التدريب، مع إنشاء لجان لمكافحة الفساد فى كل وزارة وجهة إدارية، لتفعيل آليات الشفافية والنزاهة فى الوحدات الحكومية، وزيادة حجم الإنفاق الحكومى على السلع والخدمات والاستثمارات.
وأضافت أن الدولة اتجهت أيضا إلى دعم جهات تنفيذ القانون، للوقاية من الفساد ومكافحته من خلال استهداف الموظفين الحكوميين، وتوجيه أجهزة الدولة الرقابية للتحرى عن المرتشين، والتحقيق فى الشكاوى المتعلقة بالبيروقراطية والتصرف فيها بأسرع وقت، إلى جانب زيادة الوعى المجتمعى بأهمية الوقاية من الفساد ومكافحته عبر عقد دورات تدريبية للعاملين والموظفين الحكوميين، وذكرت المصادر أنه مع تطبيق المحاور التى انتهت إليها الاستراتيجية الثانية خلال عامها الأول، وتنفيذ قوانين تحفيز الاستثمار، زادت تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر إلى مصر، إضافة إلى تخفيض أسعار الأراضى الصناعية وإعادة فتح المصانع المغلقة، وارتفاع عدد الشركات المؤسسة حتى مارس 2019 بنسبة 47.7% مقارنة بما قبل إصدار القانون، إذ بلغ عدد الشركات الجديدة 38 ألفا و97 شركة.
وشددت المصادر على أنه كلما زاد الاستثمار الحكومى والإنفاق على الخدمات المقدمة للمواطنين قلّ الفساد، وهو ما أنجزته الدولة من خلال الجهود التنموية، وزيادة حجم الاستثمار الحكومى، وظهر ذلك بوضوح فى بناء المدن الجديدة والتوسع فى الاستثمار العقارى، وفتح شرايين جديدة من الطرق بمليارات الجنيهات، وإقامة 4 مراكز تجارية كبرى، والعمل على إنشاء 58 منطقة لوجيستية لتوفير السلع والخدمات للمواطنين، وبفضل كل تلك الإجراءات إلى جانب الرقابة والمحاسبة الجادتين تمكنت الدولة وأجهزتها من القضاء على الفساد، والتراجع به إلى أقل من نصف ما كان عليه الأمر خلال تطبيق المرحلة الأولى من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد فى العام 2014.