أيام قليلة ويحل يوم عاشوراء فى 10 محرم، وهو ذات اليوم الذى شهد مقتل سيدنا الحسين حفيد النبى صلى الله عليه وسلم، حيث تشكل قضية مكان رأس سيدنا الحسين قضية جدلية بشكل كبير بين من يؤكد أنها مستقرة فى العراق ومن يؤكد أن رأس الحسين مستقرة فى المدينة، بينما يؤكد آخرون أنها توجد فى مصر.
القصة تتلخص بحسب موقع الشبكة الإسلامية، فى أن سيدنا الحسين أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل ليتقصى الأمور ويتعرف على حقيقة البيعة وجليتها، فلما وصل مسلم إلى الكوفة تيقن أن الناس يريدون الحسين، فبايعه الناس على بيعة الحسين وذلك فى دار هانئ بن عروة، ولما بلغ الأمر يزيد بن معاوية فى الشام أرسل إلى عبيد الله بن زياد والى البصرة ليعالج هذه القضية، ويمنع أهل الكوفة من الخروج عليه مع الحسين ولم يأمره بقتل الحسين، فدخل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة، وأخذ يتحرى الأمر ويسأل حتى علم أن دار هانئ بن عروة هى مقر مسلم بن عقيل وفيها تتم المبايعة، ثم خرج مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وحاصر قصره بأربعة آلاف من مؤيديه، وذلك فى الظهيرة، فقام فيهم عبيد الله بن زياد وخوفهم بجيش الشام ورغبهم ورهبهم فصاروا ينصرفون عنه حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً فقط، وما غابت الشمس إلا ومسلم بن عقيل وحده ليس معه أحد. فقبض عليه وأمر عبيد الله بن زياد بقتله فطلب منه مسلم أن يرسل رسالة إلى الحسين فأذن له عبيد الله، وهذا نص رسالته: ارجع بأهلك ولا يغرنّك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبونى وليس لكاذب رأي.
وأمر عبيد الله بقتل مسلم بن عقيل وذلك فى يوم عرفة، وكان مسلم بن عقيل قبل ذلك قد أرسل إلى الحسين أن اقدم، فخرج الحسين من مكة يوم التروية وحاول منعه كثير من الصحابة ونصحوه بعدم الخروج مثل ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وابن عمرو وأخيه محمد بن الحنفية وغيرهم. وهذا ابن عمر يقول للحسين: ( إنى محدثك حديثا: إن جبريل أتى النبى فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنك بضعة منه، والله لا يليها أحد منكم أبداً وما صرفها الله عنكم إلا للذى هو خير لكم، فأبى أن يرجع، فاعتنقه وبكى وقال: استودعك الله من قتيل)، وروى سفيان بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال للحسين فى ذلك: ( لولا أن يزرى -يعيبنى ويعيرني- بى وبك الناس لشبثت يدى من رأسك، فلم أتركك تذهب ) .وقال عبد الله بن الزبير له: ( أين تذهب؟ إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟) وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: (عجّل الحسين قدره، والله لو أدركته ما تركته يخرج إلا أن يغلبني). (رواه يحيى بن معين بسند صحيح).
بعدها جاء الحسين خبر مسلم بن عقيل عن طريق الذى أرسله مسلم، فانطلق الحسين يسير نحو طريق الشام نحو يزيد، فلقيته الخيول بكربلاء بقيادة عمرو بن سعد وشمر بن ذى الجوشن وحصين بن تميم فنزل يناشدهم الله والإسلام أن يختاروا إحدى ثلاث: أن يسيِّروه إلى أمير المؤمنين (يزيد) فيضع يده فى يده (لأنه يعلم أنه لا يحب قتله) أو أن ينصرف من حيث جاء (إلى المدينة) أو يلحق بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله. (رواه ابن جرير من طريق حسن) . فقالوا: لا، إلا على حكم عبيد الله بن زياد. فلما سمع الحر بن يزيد ذلك (وهو أحد قادة ابن زياد) قال: ألا تقبلوا من هؤلاء ما يعرضون عليكم ؟والله لو سألكم هذا الترك والديلم ما حلَّ لكم أن تردوه. فأبوا إلا على حكم ابن زياد. فصرف الحر وجه فرسه، وانطلق إلى الحسين وأصحابه، فظنوا أنه إنما جاء ليقاتلهم، فلما دنا منهم قلب ترسه وسلّم عليهم، ثم كرّ على أصحاب ابن زياد فقاتلهم، فقتل منهم رجلين ثم قتل رحمة الله عليه (ابن جرير بسند حسن).
المعركة كانت غير متكافئة من حيث العدد، فقتل أصحاب الحسين كلهم بين يديه يدافعون عنه حتى بقي وحده، ولكنها الكثرة، وكان كل واحد من جيش الكوفة يتمنىَّ لو غيره كفاه قتل الحسين حتى لا يبتلي بدمه، حتى قام رجل خبيث يقال له شمر بن ذي الجوشن فرمى الحسين برمحه فأسقطه أرضاً فاجتمعوا عليه وقتلوه شهيداً سعيداً، ويقال أن شمر بن ذي الجوشن هو الذي اجتز رأس الحسين وقيل سنان بن أنس النخعي والله أعلم.
أراء عديدة اختلفت حول مكان رأس سيدنا الحسين، فالرأى الأول يؤكد أن الرأس أعيد بعد فترة إلى كربلاء فدفن مع الجسد فيها، فيما يقول الرأى الثانى إن الرأس أرسل إلى عمرو بن سعيد بن العاص وإلى يزيد وانتقل إلى المدينة، فدفن بالبقيع عند قبر أمه فاطمة الزهراء.
وهناك رأى ثالث يؤكد أنه وجد بخزانة ليزيد بن معاوية بعد موته، فدِفن بدمشق عند باب الفراديس، فيما هناك رأى رابع يوضح أن الرأس طيف به فى البلاد حتى وصل إلى عسقلان فدفنه أميرها هناك، وبقى بها حتى استولى عليها الفرنجة فى الحروب الصليبية، بينما يؤطد رأى خامس أنه بعد استيلاء الفرنجة على الرأس أعطاهم الصالح طلائع وزير الفاطميين بمصر ثلاثين ألف درهم ليتم نقله إلى القاهرة، حيث دفن بمشهده المشهور.
وتظل قضية مقتل الإمام حسين حفيد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، صفحة سوداء التاريخ الإسلامى، ما حدث فى كربلاء هو خيانة من المحبين وانقلاب ومؤامرة قامت بها أطراف سياسية عدة فى الدولة الناشئة التى لم يمر على تكوينها فى ذلك الوقت سوى 60 عاما.
ويمثل التيار الذى يرى أن رأس سيدنا الحسين مستقرة فى القاهرة، التيار الصوفى الذى يؤكد أن الرأس تتواجد فى مسجد سيدنا الحسين، بينما يرى أبناء التيار السلفى أن مسجد الحسين لا يوجد به رأس الحسين، حيث يقول أبناء هذا التيار أنه من المعلوم أن الحسين رضى الله عنه قُتل فى كربلاء فى العراق، وقيل أن رأسه أُرسلت إلى يزيد فى الشام، وبذلك نعلم أن الحسين لم يُدفن فى مصر إطلاقًا.