جاءت استعادة فكرة الجسر البرى بين مصر والسعودية مفاجأة طيبة لمن يدركون الأهمية الاستراتيجية لحركة النقل والتجارة العربية والدولية، لكون الجسر كان فكرة مطروحة منذ سنوات، لكونها تمثل نقلة ومشروعًا يسهم بشكل كبير فى التنمية لكلا البلدين، ويسهل التبادل الاستثمارى والتجارى بين مصر والمملكة العربية السعودية من جهة، وأيضًا كونه جسرًا مهمًا فى الربط بين آسيا وأفريقيا، وحركة التجارة بين القارتين، وأيضًا ضمن حركة النقل الدولية فى عالم يقوم بالأساس على حركة تجارة واسعة وممتدة، تشمل المنتجات والأموال والقوى البشرية والخبرات، وبالتالى فإن الجسر يمثل خطوة مهمة فى التعاون العربى بشكل عملى يتجاوز الكلام النظرى، لكونه يحقق أحلامًا للشعوب العربية، وكلام كثير عن التكامل الاقتصادى العربى ظل مجرد أمنيات نظرية، والجسر يمثل بداية مهمة فى بناء التنمية الشعبية والمصالح المشتركة بوصفها أهم دوافع التكامل والتنمية فى عالم يتجه نحو المشروعات المشتركة التى توفر فرصًا تنموية لكل الأطراف.
والجسر البرى مشروع ضخم عابر فوق الماء يربط الأراضى السعودية بالمصرية، ويربط شمال غرب المملكة بشبه جزيرة سيناء، ويتضمن ممرات للسيارات والشاحنات، ومن مراحله أن يحمل قطار شحن، الأمر الذى يجعله نقلة نوعية وجسرًا تنمويًا مهمًا يضاف إلى شرايين الملاحة المصرية، ومع تقدم تكنولوجيا الطرق والكبارى، سيتم تنفيذه خلال مدة يقدرها الخبراء بحوالى ثلاث سنوات، وبعد انتهاء الإجراءات السياسية يمكن فورًا البدء فى الإجراءات الفنية. وكما يرى كثير من المحللين فإن الجسر يعد بمثابة خطوة سياسية إلى الأمام باتفاق البلدين، فضلًا على كونه اتفاقًا ضمن اتفاقات استراتيجية تم توقيعها بين الجانبين المصرى والسعودى فى وجود الرئيس عبدالفتاح السيسى وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومنها اتفاقيات لتنمية التجارة والنقل بين البلدين، فضلًا على اتفاقات استثمارية وتنموية من شأنها أن تسهم فى مزايا وأرباح استثمارية للبلدين.
تجاريًا يوفر الجسر على البضائع الخليجية والأجنبية أيامًا كانت تستغرقها لعبور مضايق المنطقة للوصول إلى مصر ومن ثم إلى أوروبا، ويتوقع أن تجلب البضائع المنقولة فوق الجسر عائدات سنوية تصل إلى 200 مليار دولار سنويًا، إلى جانب كونه رابطًا بين قارتى آسيا وأفريقيا، وبين العرب فى آسيا وأفريقيا.
وفضلًا على تنمية حركة التجارة بين آسيا وأفريقيا، يسهم الجسر فى مضاعفة عدد السياح السعوديين ومن دول مجلس التعاون الخليجى، كما أن له فوائد عديدة للبلدين، وليس لمصر والسعودية وحدهما، لكونه الطريق الآمن لوسائل النقل والتجارة بجانب النقل البحرى، فضلًا على تسهيل نقل الحجاج والمعتمرين من مصر ومن أفريقيا للمملكة العربية السعودية.
نحن أمام خطوة ومشروع كبير يقدم خطوات تجاه حلم التكامل العربى، والعمل الثنائى والمصالح العربية المشتركة.