كيف أخطأت وزارة المالية فى حساب تسويات بقيمة 18.2 مليار جنيه فى ختامى موازنة 2014/2015؟ قيادات بارزة اقترحت التسويات لإخفاء حقيقة العجز ورئيس قطاع الختامى رفضها والوزير أقرها بعد اجتماع 3 ساعات

قبل أيام من انعقاد البرلمان، سادت حالة من انعدام الرؤية حول مصير مشروع قانون الحساب الختامى لموازنة العام المالى الماضى 2014/2015، ولكن يبدو أن السيناريو الأقرب بالفعل هو عرضه على البرلمان لمناقشته بعد تعديله من قبل وزارة المالية للالتزام بملاحظات الجهاز المركزى للمحاسبات قبل إقراره.

ولكن كان السؤال الأبرز بعد نشر انفراد "انفراد" برفض الرئيس السيسى إقراره وإعادته للمالية لتعديله وإعادة عرضه: "كيف أخطأت وزارة المالية فى تسويات قيمتها 18.2 مليار جنيه رصدها تقرير جهاز المحاسبات؟"، هل كان هذا الخطأ "سهوا" أم عن "عمد"؟ ولماذا تلجأ وزارة المالية لهذا الإجراء إذا كانت تتعمد الخطأ؟ أسئلة سنحاول الإجابة عنها دون أن نطلق حكما باتا فيما حدث، ولكن من خلال سرد كواليس إعداد الحساب الختامى لوزارة المالية على مدار ما يقرب من 4 أشهر انتهت باعتماد وزير المالية لمشروع القانون فى آخر أيام الموعد القانونى للإقرار بنهاية أكتوبر الماضى.

البداية كانت مع انتهاء كافة جهات الحكومة من تسليم كافة حساباتها الختامية لوزارة المالية بعد انتهاء السنة المالية فى 30 يونيو، حتى يتمكن قطاع الحساب الختامى بالوزارة من إعداد المؤشرات الأولية للحساب الختامى للموازنة، ولكن يبدو أن هذه المؤشرات كانت أسوأ من توقعات قيادات الوزارة، وهو ما يضع وزارة المالية – حسب رؤية قياداتها – فى حرج نتيجة عدم قدرة السياسة المالية على تحقيق النتائج المستهدفة أو حتى قريبة منها، حيث بلغت نسبة العجز الكلى فى المؤشرات الأولية 12.3%، فى حين كانت تستهدف وزارة المالية تحقيق عجز بنسبة 10 – 10.5%.

ونتيجة هذا العجز "الكبير" حاول قيادات مسئولة بالوزارة إيجاد حلول "مبتكرة" للخروج من المأزق، وهنا كانت البداية بمقترح بإجراء مجموعة من التسويات بطريقة معينة، من شأنها تخفيض قيمة العجز إلى 11.5% فقط، رغم علمهم التام بأنها مخالفة ويحاسب عليها القانون.

وواجه هذا المقترح رفضا من عبد النبى منصور رئيس قطاع الحساب الختامى – حسب رواية مصادر بقطاعات الموازنة والتمويل والختامى – نظرا لعدم قانونيتها، وأن الجهاز المركزى للمحاسبات سيكشفها فى تقريره عن الختامى الذى يقدم للسلطة التشريعية – الرئيس فى هذه الحالة – وبالتالى هناك مخاوف من محاسبة المسئول عن إجراء هذه التسويات حال كشفها.

وظل المقترح محل شد وجذب لأسابيع متواصلة، إلى أن انتهى للتنفيذ واعتماد وزير المالية هانى قدرى للحساب الختامى بصورته المشوهة فى اجتماع دام ثلاث ساعات بمكتبه ضم كلا من عبد النبى منصور رئيس قطاع الحساب الختامى، وبكر عبد الحميد المكلف برئاسة قطاع التمويل، وأمجد منير رئيس قطاع مكتب الوزير.

ولهذه التسويات تفاصيل فنية يصعب على القارئ غير المتخصص فهمها سنحاول إيجازها بصورة بسيطة، حيث تعلق الجانب الأكبر منها بمبلغ 16.8 مليار جنيه تخص دعم المواد البترولية.

وطبقا للوضع القانونى والموازنة الصحيح يتم إدراج هذا المبلغ فى مصروفات الدعم، ولكن ما قام به قطاع التمويل بالوزارة، هو اعتبار هذا المبلغ بمثابة قرض لصالح هيئة البترول يتم تحسين المركز المالى لها ويدرج فى باب "سداد القروض" كقرض من الموازنة للهيئة الاقتصادية، دون أن ينعكس هذا المبلغ على عجز الموازنة العامة، وبالتالى ظهرت قيمة دعم البترول فى الختامى بقيمة 73.9 مليار جنيه، مقابل 100 مليار كان مستهدف إنفاقها خلال العام، وهو ما يعنى وجود وفر بقيمة حوالى 26 مليار جنيه من دعم الطاقة بعد إجراء هذه التسوية.

وفى المقابل أسهم تحسين المركز المالى للهيئة بإدراج هذا القرض فى توفير السيولة لديها مما رفع قيمة الضرائب المحصلة منها بمبلغ 541 مليون جنيه.

الأمر لم يقتصر عند هذا الحد، فكان من الطبيعى أن تقوم وزارة المالية بالتقدم بمشروع قانون باعتماد إضافى لباب سداد القروض بقيمة الـ 16.8 مليار جنيه، لأنها لم تكن مدرجة بالموازنة المعتمدة، وهو ما أشارت إليه الوزارة "على استحياء" فى المادة السابعة من مشروع قانون الحساب الختامى للموازنة – الذى حصلت انفراد على نسخة منه – فلم تطلب اعتماد إضافى بقانون منفصل كما هو معمول به، وإنما أدرجته كمادة ضمن مشروع قانون الختامى.

واستخدمت وزارة المالية ما يسمى بتأشيرة 4 للموازنة، والتى تعنى أنه فى حالة طلب وزارة المالية اعتماد إضافى للمصروفات يتم توفير موارد لهذه المصروفات حتى لا يتأثر عجز الموازنة سلبا، وفى المقابل قامت وزارة المالية بإجراء تسويات على جانب الإيرادات، منها 5 مليارات جنيه تتعلق بتسوية لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وهو مبلغ مستحق لوزارة المالية من الهيئة عن عملية توريق تمت عام 2008 وتمت هذه التسوية ورقيا، حيث أدرج المبلغ كإيراد لوزارة المالية يوم 30 يونيو آخر أيام العام المالى السابق، وتم رد 2.5 مليار جنيه للهيئة مرة أخرى أول يوم بالعام المالى الحالى 2015/2016 لدعم إسكان محدودى الدخل.

وهذا الإجراء تقوم به وزارة المالية كثيرا لتحسين العجز حيث يتم إجراء تسويات فى آخر أيام العام المالى لزيادة الإيرادات وردها مرة أخرى للجهة فى صورة مصروف ولكن أول أيام العام المالى التالى، بما يحسن من عجز موازنة العام المنتهى وترحيل المصروف للعام التالى.

كما قامت الوزارة أيضا بإجراء تسوية تتعلق بإدراج منحة بترولية بقيمة 1.4 مليار دولار تعادل قيمة 9.8 مليار جنيه "مرتين"، وهى منحة تلقتها وزارة المالية من دول الخليج فى يوليو – أغسطس 2014، تم إدراجها بباب المنح أول العام المالى، ثم تمت إعادة إدراجها مرة أخرى فى نهاية العام باب إيرادات أخرى، بالإضافة إلى فوائض مستحقة عن هيئة البترول لسنوات سابقة بقيمة 9.4 مليار جنيه.

هذه التفاصيل تبدو معقدة للمواطن البسيط الذى لا يفقه كثيرا عن الحسابات والأرقام، ولكنها تدل على حالة من التردى الشديد الذى وصل إليه الحال بوزارة المالية، من اختيار قيادات ضعيفة وانعدام للكفاءات فى مواقع حساسة للدولة، فى الوقت الذى يعد اختيار القيادة القوية التى تعى ما تفعل هو أهم ما يمكن لأى دولة لديها رغبة قوية فى القضاء على الفساد والبيروقراطية.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;