تبقى الأزمة الاقتصادية التى ترتبت على تفجير برجى التجارة العالمى فى الحادى عشر من سبتمبر، حاضرة فى أذهان الكثيرين، حيث جاءت فى لحظة فارقة كان الاقتصاد الأمريكى يعانى فيها من حالة ركود سائدة منذ عام 2001، على أمل الخروج من الأزمة إلى أن جاءت أحداث 11 سبتمبر لتقضى على آمال الأمريكيين لسنوات طويلة.
وسجل الاقتصاد الأمريكى مجموعة من المؤشرات السلبية مع عودة البورصات للعمل بعد 6 أيام، حيث حقق مؤشر بورصة وول ستريت أكبر تراجع خلال أسبوع منذ أزمة الركود العظيم فى ثلاثينيات القرن الماضى بلغ نحو 14%، إلا أنه سرعان ما استطاعت البورصة احتواء هذه الخسائر على المدى القصير لتستعيد عافيتها مرة أخرى، ولكن هناك قطاعات أخرى كانت أزمتها أكثر عمقا وعلى رأسها قطاع شركات السياحة والتأمين والنقل والشحن، حيث اضطرت هذه القطاعات للاستغناء عن عدد كبير من الوظائف لتعويض خسائر الأسهم الخاصة بها فى البورصة حيث تراجعت أسهم شركات الطيران بنحو 36% بواقع 300 مليون دولار خسائر يومية خلال فترة توقف الطيران دامت لـ12 يوما متصلة.
وبلغ حجم الاستغناءات فى قطاع النقل الجوى ما يصل إلى 100 ألف وظيفة، كما استغنت شركة بوينج عن 30 ألف موظف، حتى اضطرت الحكومة الأمريكية لدعم هذه الشركات بنحو 15 مليار دولار لوقف نزيف الخسائر اليومية للقطاع، أما قطاع التأمين فقد تعرض لضربة قاسية نتيجة التزامه بسداد تعويضات قدرها بعض المحللين بنحو 60 مليار دولار للشركات والأفراد الذين تأثروا سلبا بالحادث، كما تعرضت أسهم شركت التأمين لحركة نزوح عدد كبير من المساهمين من أسهم التأمين إلى قطاعات أخرى أقل خسارة.
وتراجع الطلب العالمى على السياحة بنسبة بلغت حاجز الـ5% فى عامى 2001، 2002، وهو ما ترتب عليه بطالة 10 ملايين موظف مرتبط بقطاع السياحة مباشرة، حيث تراجع عدد العاملين إلى 170 مليون موظف عام 2002 مقابل 180 مليون موظف 2001.
لم تقتصر خسائر الحادى عشر من سبتمبر على الوضع الداخلى الأمريكى، حيث تمثل أمريكا 25% من الناتج الإجمالى العالمى، وأحد أكبر المستهلكين للنفط لذا هوت الأسعار العالمية للنفط إلى حد كبير، وفقد الاقتصاد العالمى أحد أكبر الأسواق المستوردة فى العالم، حيث فقد الاقتصاد الأمريكى شهيته الانتاجية نتيجة هذه الأزمة.
وعلى مستوى الدول العربية، تعرضت الاستثمارات الخليجية إلى خسائر كبيرة، خاصة الأموال الموجة للاستثمار فى الأسهم الأمريكية، وهى كانت الأكثر عرضة للأزمة الاقتصادية، كما أن اقتصادات الدول العربية تعتمد بشكل مباشر على الاقتصاد الأمريكى من حيث صادرات هذه الدول النفطية إلى السوق الأمريكية، وما يقدر بثلثى استثمارات العرب فى الأسواق العالمية فى ذلك الوقت كانت فى الاقتصاد الأمريكى على هيئة ايداعات فى البنوك الأمريكية، وكانت الاستثمارات الكويتية وحدها فى الأسواق العالمية بلغت نحو 80 مليار دولار، ورجح محللون اقتصاديون حجم الاستثمارات السعودية أيضا ما بين 100-400 مليار دولار، والإماراتية بنحو 300 مليار دولار.