كانت أحداث 11 سبتمبر الإرهابية، التى تمر ذكراها الثامنة عشر اليوم، الأربعاء، نقطة فارقة فى الولايات المتحدة، لاسيما فى السياسة الخارجية والاقتصاد. وتعد صناعة الأسلحة ومبيعاتها ركيزة أساسية لهذين القطاعين.
فوفقا لتقرير لمعهد كاتو الأمريكى صدر فى أغسطس الماضى، فإن هجمات سبتمبر كانت أحدث نقطة انعطاف فى السياسة الخاصة بمبيعات الأسلحة الأمريكية. حيث أشرفت إدارتا جورج بوش الابن وباراك أوباما على طفرة فى مبيعات الأسلحة وقدمتا للحكومات الأجنبية وصول غير مسبوق إلى الترسانة الأمريكية. فسلمت الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر 2001 أسلحة تقدر بأكثر من 197 مليار دولار لـ 167 دولة، دون حساب مبيعات السلاح الضخمة التى أعلنها ترامب مع السعودية بقيمة 110 مليار دولار أو 84 مليار دولار قيمة صفقات محتملة أخرى للإدارة حتى الآن.
وأشار التقرير، إلى أن الدول التى كانت ممنوعة فى السابق من شراء الأسلحة الأمريكية سواء بسبب انتهاكات حقوق الإنسان أو مشاركتها فى النزاعات المستمرة قد أصبحت عملاء بعد أحادث سبتمبر، مع إدعائها بأن الأسلحة ستساعد فى مكافحة الإرهاب.. كما أن إدارتى بوش الابن وأوباما زادتا من مبيعات الأسلحة لعدد من الدول فى الشرق الأوسط على أساس أن ذلك يساعد فى تعزيز الاستقرار الإقليمى ومساعدة جهود مكافحة الإرهاب. وخلال عامه الأول فى الحكم، واصلت إدارة ترامب هذا الاتجاه مع تركيز إضافى على الفرص الاقتصادية وتقلل الاهتمام بحقوق الإنسان.
ولفت التقرير، إلى أن العديد من صفقات الأسلحة التى أجريت بعد 11 سبتمبر باسم مكافحة الإرهاب لم تكن لها علاقة بالأهداف الأمريكية فى الحرب العالمية على الإرهاب لأنها قدمت أسلحة لحكومات تحارب الجماعات الإرهابية لا تتسم صلتها بالقاعدة أو داعش بالغموض.
على صعيد آخر، أحدثت هجمات 11 سبتمبر تغييرا فى سوق السلاح الأمريكى، ولم يعد الأمر قاصرا على الشركات التى طالما كان لها الهيمنة فى هذا المجال مثل لوكهيد مارتن وبوينج وغيرهما، بل أفسح المجالات للشركات الصغيرة التى حققت أرباحا هائلة من جراء ذلك، فضلا عن تطور نوعى فى الأسلحة التى يتم إنتاجها والتى زاد استخدامها فى العقدين الأخيرين، وفى مقدمتها الطائرات المسيرة المعروفة باسم "الدرون".
ففى تقرير لها فى عام 2011، قالت صحيفة "لوس انجلوس تايمز" إن ملاك الشركات العسكرية الصغيرة التى لم يكن لها من قبل أى فرصة للفوز بعقود حكومية كرى خلال فترة الحرب الباردة، قد دخلت دائرة الضوء بأسلحتها الأصغر والأرخص ثمنا لكنها أقوى وأحدث، وهو أمر حيوى فى شن نوعية حرب العصابات، التى تطلبتها حروب ما بعد 11 سبتمبر.
وقالت تيموثى كونفر، الرئيس التنفيذى لشركى أيرو فيرونمنت: "إن التهديدات تغيرت بعد 11 سبتمبر، مثلما اختلفت الطريقة التى تعامل بها الجيش مع هذا التهديد. فباستخدام أنظمة أصغر تتسم بالكفاءة، فإن ذلك يتوافق مع أفضل ما نقوم به".
وكانت ميزانية البنتاجون قد تضاعفت فى أعقاب هجمات سبتمبر بين عشية وضحاها، فأغرقت شركات الدفاع الكبيرة منها والصغيرة بمليارات الدولارات لبناء وتطوير الأسلحة. وكان من بين الابتكارات على سبيل المثال تقنية مكنت الجيش الأمريكى من منع انفجار العبوات الناسفة على قارعة الطريق فى الوقت الذى كانت فيه القنابل بدائية الصنع أكبر مسببات قتل القوات الأمريكية فى العراق وأفغانستان.
وفى دلالة على حجم التغيير الذى شهدته الشركات الصغيرة بفضل هجمات سبتمبر، كانت لدى شركة تدعى ITT أقل من 25 من العاملين على تطوير أنظمة التشويش. لكن بعد 10 سنوات من الهجمات الإرهابية أصبح لديها نحو 500 شخص يعملون فى مجمع يمتد على مساحة 110 آلاف قدم مربع.
كما أن شركة جنرال أوتوميكس فى سان دييكو كان لديها قبل هجمات سبتمبر ثمانية موظفين فقط، لكن بعد 2001 تضاعف إنتاجها من طائرات الدرون وتم تعيين المئات من الموظفين الجدد. ووصف الخبراء ما حدث بأنه تغيير فى قواعد اللعبة فى صناعة الأسلحة.