ودعت إندونيسيا الرئيس الأسبق بحر الدين يوسف حبيبى، الذى وافته المنية أمس الأربعاء، عن عمر ناهز 83 عام، بعد معاناته من مشاكل فى القلب.
ودُفن يوسف حبيبى، اليوم الخميس، فى جنازة رسمية كان فى مقدمتها رئيس البلاد جوكو ويدودو.
وذكرت شبكة "إيه بى سى" الأمريكية أن آلاف المشيعين اصطفوا بالشوارع لمشاهدة موكب تشييع الرئيس الأسبق أثناء توجهه لمقبرة "أبطال كاليباتا" العسكرية بالعاصمة جاكرتا.
وتولى حبيبى السلطة فى مايو 1998 -عقب الإطاحة بسوهارتو، ليصبح ثالث رؤساء إندونيسيا بعد بضعة أشهر من توليه منصب نائب الرئيس، وذلك فى وقت غرقت فيه البلاد فى موجة من أعمال الشغب والاضطرابات الاقتصادية عقب الأزمة المالية الآسيوية.
وجاء حكم حبيبى بعد سوهارتو الذى حكم إندونيسيا بقبضة حديدية على مدى 32 عاما، ومكث حبيبى فى السلطة 17 شهرا فقط، حيث تركها أكتوبر 1999.
وقبل 21 عاما ارتبط اسم حبيبى بالتحول الديمقراطى فى إندونيسيا، إلى حد أنه يوصف بـ "أب للديمقراطية"، ففى منتصف عام 1997 استفحلت الأزمة المالية فى البلاد وفى آسيا كلها وأدت لحراك طلابى أجبر الرئيس محمد سوهارتو على تقديم استقالته بعد حكم امتد لـ32 عاما، وسلم السلطة إلى حبيبى الذى كان قد اختاره نائبا له.
كانت فترة رئاسة حبيبى قصيرة، لكنه ترك أثرا كبيرا لمن بعده، وحينها سمى حكومته الانتقالية "حكومة التنمية الديمقراطية"، فألغى القيود المفروضة على حرية الرأى والتعبير، وسن قانون الأحزاب، كما أسس للحكم المحلى والذاتى فى الأقاليم من خلال تقنين ذلك، وسن أيضا قانون للانتخابات، مما فتح المجال لتعددية حزبية غابت عن البلاد منذ الخمسينيات، وفى عهده أيضا شكلت أول لجنة للتحقيق فى الفساد.
كذلك، صدر فى عهده قانونا يعيد رسم عضوية البرلمان ومجلس الشعب الاستشارى، وقانون للصحافة، وآخر للمصرف المركزى الإندونيسى، وأدار مع فريقه الأزمة المالية الآسيوية، وتمكن من التحكم فى أداء الاقتصاد، فى فترة وصلت قيمة الروبية إلى أدنى مستوياتها، ولم يترك القصر الرئاسى حتى أعاد الروبية إلى مستواها.
وكان له أيضا دور فى الحفاظ على وحدة البلاد التى شهد سكانها مسلسل فصل تيمور الشرقية عنها من خلال استفتاء لقى دعما خارجيا أغسطس 1999، وشكل صدمة للإندونيسيين.
كما شارك فى تأسيس الصناعات الجوية الإندونسيسة قبل أن يضمه سوهارتو عام 1993 إلى حزب جولكار الحاكم، واختاره سوهارتو عام 1998 لمنصب نائب الرئيس استنادا إلى كفاءته المهنية والإدارية وكونه تكنوقراطيا .
لم يكن حبيبى عسكريا أو سياسيا كغيره من القادة فى حزب جولكار الحاكم آنذاك، فقد كان ذا خلفية علمية متميزة أهلته لأدوار يتذكرها الإندونيسيون، فلفترة استمرت عقدين قبل تسلمه الرئاسة كان وزيرا للبحوث والتقنية، ورئيسا لهيئة البحوث والتطبيقات العلمية.
ويعود له الفضل فى وضع خطة لتوفير فرص تعليمية لآلاف الشباب الإندونيسيين فى تخصصات علمية مهمة، وتابع هؤلاء دراستهم فى اليابان والولايات المتحدة وأوروبا، ليستفيد منهم لاحقا فى الصناعات التى أسسها.
وقاد حبيبى فريقا موسعا فى مختلف الصناعات الإستراتيجية، فخلال تسلمه وزارة البحوث والتقنية أسس شركة إنكا لصناعة القطارات، وشركة بال لصناعة السفن، وشركة إنتى لأجهزة الاتصالات، وشركة بينداد لصناعة السلاح والمعدات والعربات العسكرية، وما زالت كلها قائمة ومنتجة، كما برزت من بينها شركة صناعة الطائرات فى مدينة باندونغ التى حققت عددا من الإنجازات التصنيعية، وذلك بتصنيع عدد من الطائرات وبدخولها صناعة أجزاء لطائرات لشركات عملاقة.