- السفير نجيب المنيف: العلاقات بين مصر وتونس تاريخية ونقدر دور القاهرة كمدافع عن مصالحنا.. ومشاركة السيسى فى القمة العربية بتونس حملت رسالة إيجابية للشعبين
- الانتخابات الرئاسية تكريسا للاستحقاقات الدستورية بتونس.. حريصون على الحياد والشفافية فى العملية الانتخابية.. والانتخابات البرلمانية ستجرى فى السادس من أكتوبر
-63% من خريجى الجامعات بتونس من الفتيات والسبسى تقدم بمبادرة تشريعية للمساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة لكن البرلمان لم يصدق عليها حتى الآن ونتمنى إتمامها
مرحلة مفصلية وحاسمة تمر بها تونس هذه الأيام، فبعد أول استحقاق رئاسى عقب ثورة الياسمين فى 2014 كان التونسيون على موعد مع الاستحقاق الثانى للإدلاء بأصواتهم واختيار الرئيس الذى سيسكن قصر «قرطاج» خلفا للرئيس الراحل الباجى قايد السبىسى من بين 24 مرشحا.. وللتعرف على تطورات الوضع السياسى على الساحة التونسية كان لـ« انفراد» لقاء مع نجيب المنيف سفير تونس لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، الذى تحدث عن مرحلة الانتخابات الرئاسية التى انطلق ت، صباح الجمعة الماضى، خارج تونس، مؤكدا أن العملية الانتخابية بها قدر كبير من المصداقية والشفافية، وتجرى بالكامل تحت إشراف وتنظيم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.. وإلى تفاصيل الحوار:
انطلقت عملية التصويت فى الانتخابات التونسية بالخارج الجمعة فى عدد من البلدان منها مصر.. ما أهمية هذه المرحلة بالنسبة للشعب التونسى؟
انطلاق عملية التصويت بالانتخابات الرئاسية يمثل مرحلة شديدة الأهمية فى تاريخ تونس، ويعد تكريسا للاستحقاقات الدستورية وتدعيما للمسار الديمقراطى فى البلاد، وأنا كمواطن وكمسؤول أشعر بالفخر لأن تجرى الانتخابات فى تنافس حر وفى إطار من المصداقية والشفافية، فالعملية الانتخابية التونسية لها خصوصية شديدة، وهناك حرص كبير على تطبيق أعلى معايير المصداقية والشفافية، لذا فإن الهيئة العليا للانتخابات وهيئاتها الفرعية فى الخارج هى المنوطة بصفة حصرية بالعملية الانتخابية برمتها ومراقبة سيرها وصولا للفرز وإعلان النتائج، وهى هيئة دستورية منتخبة من قبل البرلمان التونسى، وتلتزم البعثات الدبلوماسية والقنصلية خارج الأراضى التونسية بالحياد التام إزاء تلك العملية، لأننا حريصون على الشفافية، وعلى عدم التدخل فى تلك العملية ومهمتنا فقط توفير الدعم اللوجيستى والإمكانيات اللازمة لسير هذه العملية فى أفضل الظروف.
ونحن نتطلع إلى أن تتم هذه المرحلة بنجاح، ومن المنتظر الإعلان عن النتائج الأولية للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الثلاثاء 17 سبتمبر الجارى، وبالنسبة لموعد الجولة الثانية فمن المقرر ألا تتجاوز 13 أكتوبر لتعلن النتائج النهائية بعد انقضاء أسبوع على انتخابات الجولة الثانية.
وماذا عن الانتخابات البرلمانية؟
الاقتراع الخاص بالانتخابات البرلمانية سيكون فى السادس من أكتوبر 2019 بالنسبة للناخبين التونسيين، على أن يكون الاقتراع بالنسبة للتونسيين فى الخارج ممتداً على ثلاثة أيام من 3 إلى 5 أكتوبر المقبل.
وما تقييمك لمشاركة المرأة التونسية فى التصويت؟
كانت المرأة التونسية أول امرأة عربية تنتخب وتُنتخب منذ سنة 1956، وهى حاليا فى مقدمة توافد المواطنين إلى مقر السفارة بالقاهرة منذ صباح أول يوم من أيام التصويت، وتحرص على تشجيع واصطحاب أهل بيتها للتصويت أيضا، ومشاركة المرأة ليست أمرا غريبا فى بلادنا، حيث اعتدنا فى تونس على مشاركة المرأة والرجل جنبا إلى جنب فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها من مجالات الشأن العام.
والمرأة التونسية تحصلت على الكثير من الحقوق ولها مكانة فى مختلف المجالات، فـ63% من خريجى جامعات تونس فتيات، و75% من الصيادلة سيدات، و60% من الأطباء سيدات والمرأة موجودة بقوة أيضا فى مجال التكنولوجيا والقضاء والسياسة والاقتصاد والاجتماع، وتسعى لاقتحام مجالات أكثر وأرحب ونحن نفتخر كتونسيين بذلك ونسعى إلى المزيد من تعزيز مكانتها.
بادرت تونس بالدعوة للمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث..كيف استقبل المجتمع التونسى هذه الدعوة وإلى أين وصل تطبيقها؟
كافة مكونات المجتمع التونسى تحترم وتقدر موقع المرأة ودورها الفاعل فى الشأن العام، وهذه كانت مبادرة رئاسية تشريعية للمساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة تقدم بها الراحل الرئيس السبسى، ولم يصادق عليها البرلمان التونسى حتى الآن، وأتمنى أن يتم ذلك خلال العهدة البرلمانية الحالية.
وتندرج هذه المبادرة الرائدة تكريسا لمنهج تونس الإصلاحى والتنويرى وتحقيق ركائز المجتمع المتوازن والمتفتح، وذلك منذ منتصف القرن الماضى، حيث أصدر المصلح الاجتماعى الكبير الطاهر الحداد كتابه «امرأتنا فى الشريعة والمجتمع» عام 1931 وتواصل هذا المنهج فى عهد الزعيم الحبيب بورقيبة عقب استقلال تونس عام 1956 من خلال إصدار مجلة الأحوال الشخصية فى 1956، ومنذ ذلك التاريخ كانت مكانة المرأة فى تونس متقدمة بالنسبة لدول كثيرة فى العالم العربى، وسار الراحل الرئيس الباجى السبسى على نفس الطريق لدعم مكاسب المرأة.
حدثنا عن العلاقات بين مصر وتونس؟
هناك جذور وروابط تاريخية عميقة بين الشعبين المصرى والتونسى والعلاقات بين مصر وتونس تمتاز بعمقها واستمراريتها على المستوى الشعبى والرسمى فى أعلى مستوى، وكذلك على المستوى الدبلوماسى والسياسى، وجاءت زيارة الراحل الرئيس السبسى إلى مصر فى عام 2015 لتفتح عهدا جديدا من العلاقات بين البلدين، ولحسن حظى أنها جاءت بعد فترة وجيزة من استلام مهامى كسفير لتونس بمصر، وكان هناك تناغم كامل وتقدير واحترام متبادل بين الرئيسين السيسى والسبسى، وكثيرا ما أكد الرئيس الراحل السبسى على متانة العلاقات التى تجمع البلدين حكومة وشعبا.
ثم توالت الزيارات المتبادلة، حيث كان الرئيس الراحل الرئيس الباجى السبسى حريصا على المشاركة فى القمة العربية الأوروبية بشرم الشيخ، ليؤكد عمق هذه الروابط بين تونس ومصر، كما شارك الرئيس السيسى فى القمة العربية الـ30 بتونس فى مارس الماضى، وهناك تبادل زيارات فى أعلى مستوى، حيث قام وزير الشؤون الخارجية التونسى بـ11 زيارة لمصر و4 زيارات قام بها وزير الخارجية المصرى إلى تونس، إضافة إلى انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين برئاسة رئيسى الحكومتين فى تونس، وتم خلالها التوقيع على اتفاقات ومذكرات تفاهم مهمة جدًا لتدعيم علاقات التعاون بين البلدين والشراكة التونسية المصرية.
أيضا هناك لجان التشاور السياسى والتشاور السياسى على المستوى الثنائى، وفى إطار الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى وعلى المستوى الأممى لاسيما خلال عضوية مصر لمجلس الأمن، ونتطلع إلى استمرار هذا التشاور والتنسيق خلال عضوية تونس فى مجلس الأمن التى تبدأ يناير المقبل، ونحرص على تطوير تلك العلاقات فى كافة المجالات، ولنا علاقات جيدة بين رجال الأعمال ومختلف الفاعلين الاقتصاديين فى البلدين.
ما انطباعك عن التجربة التى عاشتها مصر منذ ثورة 30 يونيو؟
أهنئ المصريين على ما تحقق من إنجازات كبيرة خلال الأربع سنوات فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، فقد نجح فى تحقيق طفرة بفضل كفاح ومثابرة الشعب المصرى، ووقوفه خلف قيادته من أجل مستقبل أفضل، فكان له مشاركة كبيرة فى إنجاح بلده.
مصر بها أيضا زخم ثقافى وحركة ثقافية كبيرة، ونشارك تونس فى مختلف تلك الفعاليات التى تقام بشكل مستمر، كما تستضيف تونس العديد من المشاركات المصرية فى فعاليات تقام فى تونس.
وكيف ترى دور الرئيس السيسى على صعيد العلاقات الخارجية لمصر؟
مصر معروفة بدبلوماسيتها القوية، وبلا شك كان للرئيس السيسى دور فى تطوير العلاقات الخارجية المصرية بنشاطه الدؤوب وزياراته المتعددة المتبادلة مع قادة الدول الأوروبية والأفريقية والعربية، والشراكات المتعددة فى الفضاءات الإقليمية والدولية وكل هذا دليل يؤكد أهمية مصر على الساحتين العربية والدولية، هذا إلى جانب توليها رئاسة الاتحاد الأفريقى.
ما الذى تطمح إليه الدول العربية من مصر بصفتها رئيسة الاتحاد الأفريقى؟
رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى جاءت امتدادا وتكريسا لدورها الإقليمى المحورى، وقد نسقنا على مستوى الدول الست بإقليم شمال أفريقيا قبل توليها رئاسة الاتحاد لأن تكون مصر صوت دول إقليم خلال رئاستها لهذه المنظمة، ونهنئ ونقدر الدور الذى تقوم به فى أفريقيا.
القمة العربية التى عقدت بتونس فى مارس الماضى كانت لها أهمية كبيرة.. كيف ترى تلك الأهمية وما مثلته مشاركة الرئيس السيسى بالنسبة لكم؟
كانت القمة العربية بتونس فى غاية الأهمية وحدثا تاريخيا خاصة لمشاركة عدد كبير من القادة العرب، وأثمرت نتائج متميزة لاسيما موقف القمة للتأكيد على أن الجولان أرض عربية سورية محتلة بفعل القانون وبفعل الاعتراف الدولى منذ أكثر من 40 سنة.
وشهدت القمة دعما واضحا للقضية المركزية للأمة العربية والتضامن العربى بأن تظل القضية الفلسطينية هى القضية الأم، وتفعيل الدور العربى فى مناصرة الشعب الفلسطينى ودعم الاقتصاد الفلسطينى، حيث جاء إعلان تونس الذى صدر عن القمة، مجسما لكافة القرارات.
وقد حرصت تونس على أن تكون القمة العربية 30، قمة التوافق وتحييد الخلافات وبالخصوص إعادة القضية الفلسطينية ومسألة القدس الشريف والجولان السورى إلى صدارة أولويات واهتمامات الدول العربية، وكانت مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى بها، رسالة إيجابية لتأكيد عمق العلاقات بين البلدين والشعبين المصرى والتونسى.
ثورة «الياسمين» مثلت نقلة فى تاريخ ومستقبل تونس.. فما الذى مثلته بالنسبة للتونسيين والمكاسب التى حصدوها؟
نعتبر ثورة 2011 ثورة الكرامة واسترجاع الحقوق والأمل فى تحسين الأوضاع الاجتماعية، وتمثلت أهم المكاسب فى تكريس قيم المواطنة والحرص على التعايش مع بعضنا البعض، وتقبل الآخر وأن تحتضن تونس الجميع، فضلا عن تكريس مبادئ حرية التعبير والإعلام، ورغم الصعوبات الاقتصادية الظرفية، فإننا نمضى بثبات لترسيخ مكاسب هذه التجربة فى إطار التوافق الوطنى.
وكيف تقيم دور الرئيس الراحل الباجى قايد السبسى؟
الرئيس الراحل الباجى قايد السبسى رجل دولة بكل المعانى والمقاييس، وكان شخصية دولية مرموقة جدا كأحد أبرز زعماء العالم، وكان الرئيس الراحل حريصا على إبراز الشخصية التونسية والدفاع عن تفرد النموذج والتجربة التونسية فى المسار الديمقراطى وخصوصيتها.