الرقص على إيقاع الإخوان فى شارع محمد على..الجماعة والمقاول.. قصة فيلم هابط لاستغفال «عاصرى الليمون» من جديد.. عودة عصر أفلام المقاولات الساذجة بإنتاج تركى قطرى مشترك.. 900 ألف تغريدة مزيفة فى 24 ساعة

- كتائب التنظيم تعيد إنتاج «مؤتمر فيرمونت» من وراء ستارة مناضل الصدفة فى منتجعات إسبانيا -الجماعة تحاول اختراق الساحة وترويج وهم المصالحة من بوابة «المقاول» - حكاية غرف عمليات فى 7 دول لنفخ البالون.. وخطة للانتقام من 30 يونيو ووضع الثائرين على الإخوان فى مواجهة «دولة الثورة» - عداء الإخوان للمؤسسة العسكرية بدأ مع ثورة يوليو 1952 والسخرية والتشويه مستمران منذ السبعينيات وقادة الإرهاب يحاولون ثقب جدار رفض الجماعة ويحلمون بالعودة على «أرض محروقة» لتكن الأمور واضحة منذ البداية، دون رمادية أو مواربة. الشرعية الأولى للدولة الناشئة بعد 30 يونيو 2013 هى شرعية الإطاحة باليمين المُتأسلم وحُكم جماعة الإخوان الإرهابية، وإذا كان مقبولا الاختلاف مع النظام الحالى ومعارضته وانتقاده، فإن الاصطفاف مع الإخوان جريمة فى حق 30 مليونا رفضوا التنظيم الإرهابى وأطاحوه من سدّة الحُكم، وقتها تحوّل الأمر من ساحة الاختلاف السياسى إلى حيّز الخلاف على وطن وهوية، عمّقته جرائم التنظيم الثابتة ضد الدولة والمواطنين؛ لذا فإنه لا يُمكن عمليا الانطلاق إلى عمل سياسى شرعى من أرضية الإخوان، ولا يستقيم تصوير نزاعهم مع دولة 30 يونيو باعتباره صراعا سياسيا. الصورة الراسخة التى لا تقبل التشكيك أنه صدام مُحتدم بين دولة وإرهاب، بين فصيل مجرم ومجتمع تمرّد على البقاء رهن البلطجة، وعلى من يُحالفون الجماعة أو يسيرون فى شوارعها، أن يعلموا أنهم يقفون فى صف الإرهاب، حتى لو رفعوا شعارات السياسة، أو تمحّكوا فيها! منذ إزاحة الإخوان من المشهد السياسى فى مصر قبل أكثر من ست سنوات، لم تتوقف محاولات اختراق الساحة وتمهيد مهبط مريح يستوعب طائرات الحواضن المؤقتة فى تركيا وقطر حينما تعود بقادة الجماعة، حسبما بدأ الوهم وتضخم فى عقولهم الهشّة. مضت فترة غير طويلة من العداء والقصف النيرانى للجميع، ثم ما لبثت الموجة أن هدأت بدءا من العام 2014، وقتما أُعيد فتح خطوط اتصال مع القوى السياسية وبعض رموز نظام مبارك فى الداخل والخارج، وكان المتوقّع ألا تتوقف تلك المحاولات، رغم فشلها المُتكرّر فى كل مرة، لكن التطور الذى طرأ على مواقف الجماعة تمثّل فى إدراكهم صعوبة الاندماج فى المشهد الشعبى تحت لافتة الإخوان، إذ ما يزال الشارع رافضا للتنظيم حتى لو تواطأت معه بعض تيارات السياسة، ومع تنامى هذا الإدراك وتعمُّقه، بدأت منذ العام 2018 محاولات النفاذ عبر مسارات بديلة، والعودة من بوابة الوكلاء وسماسرة غسل السمعة وتعبيد الطرق المشبوهة، وما يتوافر من معلومات حتى الآن يؤكد انتماء المقاول محمد على إلى معسكر الوكالة، وينسف كل الفرضيات التى يمكن أن تحمله على دائرة النضال أو الثورية أو الهم الوطنى! الرقص فى شارع محمد على رغم محاولات القائمين على التجربة إظهار المشهد بشكل عفوى، بدا منذ اللحظة الأولى أن خروج المقاول محمد على عملية مُمنهجة تُدار بدقة وإحكام. لم يكن مُمكنا تمرير المشهد الجديد من باب القضايا والموضوعات السياسية كسوابقه، فكان الرهان على إنتاج قصة ذات طابع شخصى، يُمكن ترويجها تحت عنوان «تجربة عملية ومظلومية على لسان صاحبها»، ثم التفرّع بالموضوع لاحقا إلى المسار السياسى، واستهداف الخصمين الدائمين للإخوان ضمن بنية الدولة المصرية، وبالتحديد الرئيس والمؤسسة العسكرية. لا ترى الإخوان عقبة فى طريقها إلا مؤسستى الرئاسة والجيش، صحيح أنها تحتفظ بقدر من العداء للملايين الذين خرجوا ضدها، لكنها لن تنجح فى الوصول إلى نقطة تصفية الحساب مع الشعب إلا بعد الخلاص من الجدار الأول لرفض التنظيم. تلك النقطة تمثّل المدخل الشرعى لقصة المقاول محمد على، وإذا سلّمنا جدلا بأن لديه خلافات مع المؤسسة العسكرية بسبب 4 مشروعات شارك فى تنفيذها وتحدث عنها، فالمؤكد أن الأمر لا يخلو من خلافات مع شركات ومستثمرين ووزارات وجهات مدنية أخرى، خاصة أنه عمل خمس عشرة سنة فى المقاولات، ولم يكن نشاطه مع الجيش فقط وإنما شمل تعاملات مدنية ومشروعات إسكان عديدة باسم مجموعته «أملاك»، لكن «على» لم يتحدث إلا عن وقائع قليلة تخص الهيئة الهندسية وتستدعى شخص الرئيس بالتحديد، لأن الجهات الأخرى لا تخص الإخوان ولا تُمثّل عقبة لها! عملية الإعداد التى جرت فى الكواليس لا تتوافر تفاصيل كثيرة بشأنها، لكن هناك شواهد يمكن العودة إليها لاحقا. أما فيما يخص المشهد فقد جرى إخراجه بطريقة تُقارب صيغة «كيد العوالم» وميراث شارع محمد على المعروف بتاريخه فى احتضان راقصات الموالد والصالات. اختيار محمد على كان ضمانة استباقية لقطع أية روابط ظاهرة له بالإخوان أو إشارات تحسبه على الجماعة، ليس فقط لأنه حاول حساب نفسه على مؤسسات الدولة، ولكن لأنه آت من ساحة الفن بكل التصورات الملتبسة الشائعة عنها، وقد بالغ المقاول فى تأكيد تلك النقطة بتكراره الحديث عن نزواته ونمط حياته وعلاقاته النسائية. بث المقاول مقطع الفيديو الأول الذى يقارب نصف الساعة، ويصعب نظريا أن يلقى رواجا وفق ما درجت عليه عادة جمهور باقات الإنترنت على مواقع التواصل الاجتماعى، لكن مئات الحسابات مجهولة الهوية وذات الأسماء والصور المستعارة نشطت فى ترويجه، مستخدمة عناوين صادمة أو متحدثة عن الفنان الخليع الخمورجى الذى يفضح الجيش. كان الأمر فى الساعات الأولى أشبه بوصلة رقص مفتوحة، الحسابات تنشط فى ترويج الفيديو والقنوات ورموز الإخوان يعملون بدأب على دمج صراعهم الشخصى فى المعالجة الإعلامية والتعليقات الشخصية على المحتوى الجديد. وفى غضون ساعات نجحت الجماعة بماكينة ضخمة من الحسابات الوهمية وقنوات التليفزيون ويوتيوب، ودعم مباشر من الجزيرة القطرية وشقيقاتها فى «فضاءات ميديا» وإصداراتها، فى فرض إيقاعها على الرقصة الجديدة لجمهور السوشيال ميديا. مسلسل تشويه الجيش بدأ عداء الإخوان للمؤسسة العسكرية عقب صدام الجماعة مع قادة ثورة 23 يوليو 1952 والرئيس جمال عبد الناصر، ولم ينته حتى الآن، قبيل حرب أكتوبر 1973 فارقت الجماعة الشعور الوطنى العام المساند للجنود ونشطت فى السخرية منهم بتعبير «جيش نوال»، وكرروا التعبير كثيرا فى السنوات التالية، محاولين تحوير تعبير الرئيس السادات «اسألوا نوال» من ارتباط قرار الحرب باستكمال استعدادات هيئة الإمداد والتموين التى كان يرأسها وقتها اللواء نوال السعيد إلى الإيحاء بضعف الجيش، والحط منه بربطه باسم يشيع استخدامه للنساء. فى السنوات التالية لثورة 30 يونيو كثفت الجماعة الإرهابية من هجماتها، واستخدمت صورا من جرائم إرهابية واعتداءات على أكمنة للتشكيك فى الجيش وقدراته، ولم يتوقف الأمر حتى أحدث حلقاته، التى جرى فيها توظيف مشهد المقاول للتعبير عن موجة جديدة من العداء التاريخى المكتوم للمؤسسة وما تُمثّله من ارتباط وثيق ببنية الدولة واستقرار ركائزها. كانت القوات المسلحة الضامن الصلب لمدونة 30 يونيو الشعبية وما أعلنته من قطيعة مع الإرهاب الدينى، وتعلم الجماعة أنها لن تعود ما دامت المؤسسة محتفظة بهياكلها أو ثابتة سابق مواقفها، وهنا ربما يكون الحل فى محاولة وضعها فى صدام مباشر مع المواطنين الذين طلبوا دعمها وحمايتها من قبل، ويبدو أن الجماعة تستهدف من الدفع المستميت فى هذا المسار القصاص من المتظاهرين الذين خرجوا عليها. المشكلة أنها تتخيل أن المجموع العام يشاركها العداء لزى العسكرية المصرية، من طول ما تورطت فى كره المؤسسة، لكنها تتجاهل المساحة التاريخية والإنسانية التى تجمع الشعب بالجيش، وروابط الدم التى تقطع باستحالة دفع العلاقة إلى مسار الخصومة، كما هى الحال السائدة بين عائلة حسن البنا، بتاريخه البعيد من الاتصال بالإنجليز ومخابراتهم، ثم التنسيق مع الجيش النازى وهتلر خلال الحرب العالمية الثانية بوساطة مفتى القدس أمين الحسينى! فيلم مقاولات هابط عُرفت الحقبة الفنية بين منتصف السبعينيات ومطلع التسعينيات بفترة «أفلام المقاولات»، تلك الأشرطة السينمائية التى كانت تُعد على عجل وبطريقة ساذجة للتصدير إلى أسواق بعض الدول العربية. فى تلك الفترة دخل إلى سوق الفن تجار وسماسرة، وعُرف أغلب منتجى تلك الفترة بأنهم «مقاولون». ما يحدث فى مشهد المقاول محمد على لا يختلف كثيرا للأسف عن أفلام المقاولات! فى أفلام المقاولات لا يهم أن تمتلك قصة جيدة أو سيناريو محبوكا أو إنتاجا ضخما، المهم أن يتوافر قدرا من الإثارة والتشويق، وإجادة فى اختيار العناصر الملائمة لمخاطبة غرائز أو تفضيلات الجمهور المستهدف. فيلم محمد على اعتمد الوصفة نفسها: رجل أعمال ثرى، كان يعمل مع الجيش، ويتحدث عن الفساد، ويعتمد خطابا خارجا على المألوف ومنتهكا لأعراف المجتمع المحافظ. وصلات السباب والتجريح كفيلة باجتذاب المعارضة غير المنظمة، أو المراهقين المتمردين على الصيغة الأبوية داخل المنزل وفى الشارع والجامعة والعمل، وهذه بوابة تحقيق إيرادات تغطى تكلفة الإنتاج وهامش الربح المستهدف. لا يسعى جمهور المقاولات إلى الفهم والاستيعاب. لذا ليس مطلوبا أن تفسر المواقف أو تقدم تبريرات منطقية، وليس مهما أن تؤكد أحاديثك المرسلة بوثائق ومستندات، ولا أن تشرح سبب الصمت الطويل، أو كواليس رحلة الصعود الغامض والثروة الفاحشة. وحتى من يُغامرون بإثارة تلك الأسئلة المنطقية ستتكفل بهم كتائب الجماعة النشطة فى ترويج الفيلم وردع الجمهور الناقم على التسلية الرخيصة، وستجرفهم كرة الثلج التى تدفعها ماكينات ضخمة باتجاه تراكم مزيد من الطبقات على سطحها الهش. وهكذا يُمكن تسييد الرواية التى تستهدفها الجماعة، والرهان على زخم الترويج الكثيف فى اجتذاب قطاعات من التائهين أو الغاضبين أو ضعيفى المناعة ضد فيروس الجماعة والإرهاب. تسجيل ملكية المقاول لن تعترف الجماعة بعلاقتها بالمقاول محمد على، وسينفى المتفاعلون معه من بُسطاء الهوجة تلك العلاقة، لكن فى المقابل تتراكم الشواهد والعلامات التى تُوثّق الروابط، ولا تضع الأمر فى نطاق التحالف على أرضية المصلحة المشتركة فقط، وإنما قد تذهب به إلى دائرة الملكية الكاملة للفيلم. منذ اللحظة الأولى وثّقت قناة الشرق، التى يملكها أيمن نور وتمولها قطر وتركيا، ملكيتها لفيديوهات محمد على المتتابعة، ثم نشطت عناصرها فى تقديم بلاغات لمواقع التواصل وإدارة يوتيوب لحذفها من القنوات الأخرى تحت دعوى قرصنة المحتوى، وهو الأمر الذى أكده عمرو عبد الهادى فى تدوينة من اسطنبول، متهما «نور» وحليفه معتز مطر باحتكار الفيديوهات بغرض تأميم المشهد وتحقيق عوائد عبر الإعلانات. فى الأيام التالية أُنشئت صفحات وحسابات باسم محمد على فى كل مواقع التواصل، ونشط فى إدارتها فريق كبير على مدار الساعة. تحدث المقاول عن أشخاص يساعدونه، لكن تلك المساعدة بدت واضحة فى بث فيديوهاته فى وقت متزامن عبر حساباته ومنصات قنوات الإخوان، خاصة الشرق، وبينما كانت بـ«لوجو» يحمل اسمه على صفحاته، كانت بدون هذا «اللوجو» فى حسابات الإخوان، ما يؤكد أن جهة المعالجة والمونتاج مشتركة بين الجانبين، وكان الأمر أكثر وضوحا فى إشارة مديرى حساباته إلى قنوات الإخوان واسم معتز مطر، والحديث عنهم بإجلال وتوقير، واستخدام تعبير مطر المعروف «الله غالب»، وتجنب المقاول انتقاد الإخوان أو الحديث عنهم بشكل سلبى، وصولا إلى حوار هيثم أبو خليل المباشر معه وعتابه على عدم إخطاره بالفيديو الجديد وإرساله له، بحسب تغريدة على حسابه! دوائر علاقات «على» فى إسبانيا تحمل المزيد، فشريكه بحسب العقود وما نشرته مجلة «فينتى فير» هو المهندس ورجل الأعمال ماريو سالنوفا، وهو وثيق الصلة بالسفير القطرى فى إسبانيا محمد الكوارى، وقنصل الدوحة فى برشلونة عيسى الكوارى، وقد التقى المقاول سفير آل ثانى فى فندق «فيلا ماجنا» القريب من السفارة فى مدريد أكثر من مرة، وبالنظر إلى تمويل قناة «الشرق» من خلال الدوحة ومخصصات الجمعيات والرعاية الاجتماعية فى بلدية اسطنبول، بعكس «مكملين» التى يمولها التنظيم الدولى للإخوان، يُمكن فهم سر الرابط الوطيد بين محمد على وقناة أيمن نور. وفضلا عن ذلك فإن مترجمه فى إسبانيا الشاب يوسف المالكى، نجل أحد قيادات حزب العدالة والتنمية «إخوان» فى مدينة أغادير المغربية! وكلها إشارات لا تُرجح الصلة فحسب، وإنما تنقل الأمر إلى حيز تسجيل ملكية الجماعة للمقاول، أو إبرام عقد مُقاولة معه لإنجاز هذا الفيلم! النضال على طريقة المقاولات أغرب ما ينطوى عليه مشهد محمد على من ثغرات وتناقضات، محاولة الإيحاء بطفرات الوعى ومنطقية الانعطافات الحادة والمفاجئة، لكن لأن الأمر جرى إخراجه على طريقة أفلام المقاولات، فلم يستشعر المخرج حجم الثقوب المتسعة فى صفحات السيناريو، كأن يبدأ الأمر شخصيا خالصا على أرضية نزاع مالى واتهامات بسلب حقوق شخصية، ثم يتحوّل فى ظرف ساعات إلى قضية وطنية وموجة نضال ودعوة للثورة. النضال والهم العام مسار متصل الحلقات، توطّده التجارب وتُعمّقه الخبرات، لكنه لا يحدث فجأة على طريقة طفرات الفيروسات وتحوّرها. ذهنية المقاول محمد على الذى عمل فى أحضان نظام مبارك، وواصل فى فترة الإخوان، واستكمل نشاطه ما بعد 30 يونيو، ولم يُشارك فى كل هذا أو يُعلق عليه، لا تنسجم بأية صورة مع فكرة التحول الحاد 180 درجة كاملة. لا يبدو أنه يملك أية معرفة سياسية أو اهتمام عام أو روح نضالية وثورية، وإلا كانت تلك الروح طفت على السطح مع فورة المشاعر الوطنية فى يناير أو يونيو، والمنطق يذهب إلى أن المقاول فاحش الثراء كانت لديه وقتها حكايات شبيهة. حتى بالنظر إلى تحوله الراهن، فقد غادر مصر خلال ديسمبر 2018 ولم تصدر عنه أية إشارة، ولو بالتلميح، إلى أمور ذات طابع سياسى أو نضالى بينما كان فى مقره الآمن بإسبانيا طوال تسعة شهور! يحتمل الأمر أن تكون شبكة العلاقات التى تأسست فى الشهور التالية لوصوله برشلونة، تطورت إلى حيز التوظيف السياسى بعد لقائه السفير القطرى وفتح قناة اتصال دائمة مع آل ثانى. ويُمكن أن تكون هناك احتمالات أخرى، لكن ما يُرجحه المنطق أن ظهوره الآن وعلى تلك الصورة ليس مشروعه الشخصى. محمد على مقاول يحترف تنفيذ مشروعات الآخرين، ولا يبدأ العمل إلا بعدما تتوافر الأرض والرسومات والتمويل، ولو كانت تلك القصة مشروعا شخصيا لبدأه منذ وصوله إلى إسبانيا، باعتباره يملك كل مُدخلات المشروع واحتياجاته، ولا ينقصه رسم أو تخطيط أو تمويل! منطق المقاولة المسيطر على المشهد فرض نفسه سريعا، فبعد أيام وعدة فيديوهات تعجل مالك المشروع فى نقل الأمر إلى ساحة السياسة والنضال، بدلا من الأزمة الشخصية، فكان إطلاق هاشتاج ذى طابع ثورى، والدعوة للتظاهر آخر الأسبوع، وكأن صاحب المشروع أو مموله لا يتحمل مزيدا من التكلفة ويريد إنهاء العمل سريعا. كان ذلك واضحا فى كثافة التدوين عبر الهاشتاج فى الساعات الأولى، حتى حدثت المفاجأة. اكتشفت إدارة تويتر نشاطا مشبوها وتعاملت معه بحذف 900 ألف تغريدة و10 آلاف حساب وهمى. وبحسب تحليل للبيانات عبر المواقع والبرمجيات المختصة يتضح ضخ تلك التغريدات الضخمة من خلال حسابات مُنشأة خلال الشهر الجارى، بأسماء وصور مستعارة، تركزت النسبة الأكبر منها فى 7 دول، أبرزها قطر وتركيا وماليزيا وجنوب أفريقيا، وهى مراكز تقليدية لأجنحة الإخوان وتضم عددا من مديرى صفحات الجزيرة والشرق ومعتز مطر وأيمن نور وحمزة زوبع، بحسب معلومات تلك الصفحات التى نشرناها قبل شهور! تُراهن جماعة الإخوان على تأثير كرة الثلج، واستقطاب المتأرجحين والحلفاء السابقين من عاصرى الليمون. بدا ذلك واضحا فى موقف كاتب شهير، ظهر فى مؤتمر محمد مرسى بفندق فيرمونت 2012، ثم قال إن السيسى يشبه أيزنهاور بحسب ما نقله عنه الكاتب الشهير روبرت فيسك، ثم سار وراء محمد على وكتب عنه فى «دويتش فيله» الألمانى، كل ذلك فى الوقت الذى ينتقد فيه الإخوان، ولا يشعر بالتناقض بعدما سقط فى فيلم المقاولات الذى أنتجته الجماعة. الأمر نفسه حدث مع أستاذ علوم سياسية وناشط سابق فى حركة كفاية، حضرا مع آخرين مأدبة عشاء فى منزل كاتب صحفى شهير خلال 2017؛ لدراسة دعم مرشح رئاسى مُحتمل وقتها، كان يحظى بدعم الإخوان. ما يزال أعداء الجماعة على عدائهم لها، وهو ما كان التنظيم واعيا له، فقرر اختراقهم من اتجاه آخر، وابتكار «حصان طروادة» يمكن اختراق حصون القلعة المصرية وأسوارها من خلاله. وبينما يتجه المشهد إلى الخفوت والفشل كعادة التنظيم الإرهابى، فإن أبرز ما فيه لا يخص العوام والمراهقين وبسطاء مواقع التواصل، وإنما يخص قطاعات النخبة والنشطاء ومحترفى السياسة، فقد كشف المشهد المصنوع حجم الضحالة والخفة العقلية الذى يُعبئ أرواحهم، وسهولة سحبهم إلى أرضية الجماعة، وتطويق خصورهم بعمائم ورايات الإخوان، ثم دفعهم للرقص على الإيقاع الذى حددوه لهم من اسطنبول، وبأموال أردوغان وآل ثانى!




























الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;