تعرضت الدولة المصرية خلال الفترة الماضية لسلسلة من الشائعات والأكاذيب عبر منصات السوشيال ميديا، وأصبح السؤال الذى يشغل العقل الجمعى المصرى محصورا عن طرق مواجهة هذه الشائعات والتعامل معها والتحقق منها، واحدة من طرق المواجهة كان المسلك القانونى عبر إحالة قضايا الشائعات إلى محاكم أمن الدولة لتكون هى الجهة المختصة بنظرها؟ فى الوقت الذى تسعى فيه الجهات المختصة إعداد مشاريع قوانين لتغليظ عقوبة ترويج الشائعات وبثها.
عملية إعداد مشروعات قوانين لتغليظ عقوبة ترويج الشائعات وبثها هذه المرة قد يصل بعضها إلى «الإعدام»، مع تفعيل الإجراءات بسرعة تطبيق قانون جرائم الإنترنت لمواجهة مواقع فبركة الصور والفيديوهات والشائعات عبر السوشيال ميديا، بالتوازى مع لائحة جزاءات «المجلس الأعلى للإعلام»، التى تنص على معاقبة الوسيلة التى تنشر أو تبث شائعات بالحجب أو الغرامة 250 ألف جنيه، باعتبارها جريمة تساهم فى نشر الفتن وإشاعة المناخ التشاؤمى، والتشكيك فى كل الإنجازات والخطوات التى تحققها الدولة، بحسب الخبير القانونى والمحامى سعيد النجار.
أما عن أسباب اعتبار جريمة الشائعة من جرائم أمن الدولة، فيأتى ذلك لأن جرائم الشائعات تُعد من جرائم العدوان المباشر على أمن واستقرار الدولة الداخلى، وهى الطبيعة القانونية الواضحة بصفة خاصة فى مجال التحقيق فى هذا النوع من الجرائم الخارجى، وهى بذلك من اختصاص محاكم أمن الدولة التى أنشأها القانون رقم 105 لسنة 1980 الذى ينص فى مادته الثالثة على اختصاص محكمة أمن الدولة العليا دون غيرها بنظر الجنايات المنصوص عليها فى الأبواب الأول والثانى والثانى مكرر والثالث والرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات - وفقا لـ«النجار».
ونصت مادته السابعة على أن النيابة العامة: «تختص بالتحقيق فى الجرائم التى تدخل فى اختصاص محاكم أمن الدولة، ومباشرة هذه الوظيفة وفقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها فى قانون الإجراءات الجنائية ما لم ينص القانون على غير ذلك»، ويكون للنيابة العامة بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة لها سلطات قاضى التحقيق فى التحقيق فى الجنايات التى تختص بها محكمة أمن الدولة.
وفى الواقع فإنه على هذا الأساس تكون للنيابة العامة سلطة قاضى التحقيق فى جرائم «الشائعات» والترويج لها، وبالتالى تملك إصدار الأمر بحبس المتهم احتياطيا لمدة خمسة عشر يوما مثلها مثل قاضى التحقيق، لا لمدة أربعة أيام فقط حسب الأصل، كما تملك صلاحية إصدار الأمر بمد الحبس مدة أخرى لا يزيد مجموعها عن 45 يوما، دون الالتجاء إلى القاضى الجزائى شأنها فى ذلك شأن قاضى التحقيق.
من جهة أخرى، ونظرا لخطورة المصلحة محل الحماية الجنائية فى جرائم أمن الدولة فى المحافظة على المصالح الأساسية للدولة المتعلقة بوجودها، وتنظيمها ووحدتها، فقد اعتبر القانون جرائم أمن الدولة من «جرائم الخطر» التى يعاقب على الفعل فيها قبل وقوع الضرر إذ يتم الاكتفاء بالسلوك بوصفه جريمة تامة، وهو ما يسمى بجرائم «التمام السابق على تحقق النتيجة»، وتنص المواد 80ج و80 د و102 مكرر أ من قانون العقوبات المصرى على عبارة «إذا كان من شأن ذلك»، وهو ما يعنى أنه لمجرد ارتكاب سلوك الشائعة وكان من قوته احتمال إحداث النتيجة المرجوة عاقب القانون صاحب السلوك على جريمة الشائعة ولو لم تتحقق النتيجة.
وتنص المادة 80 ج فقرة أ على أنه: «يعاقب بالسجن كل من أذاع فى زمن الحرب أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو عمد إلى دعاية مثيرة وكان من شأن ذلك كله إلحاق الضرر بالاستعدادات الحربية للدفاع عن البلاد أو بالعمليات العسكرية للقوات المسلحة أو إثارة الفزع بين الناس أو إضعاف الجلد فى الأمة».
وتنص المادة 80 د فقرة أ على ما يلى: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر و لا تزيد عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تزيد على 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مصرى أذاع عمدا فى الخارج أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة حول الأوضاع الداخلية للبلاد، وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأية طريقة آتت نشاطا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد».
وفى النهاية، تنص المادة 102 مكرر على أنه: «يعاقب بالحبس من 24 ساعة على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تتجاور مائتى جنيه كل من أذاع عمدا أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة».